نُدرك جيّدًا أن الصّاروخين اللّذين انطلقا من مِنطقة صور في جنوب لبنان يوم أمس (الاثنين) وسقَطَا في منطقةٍ خاليةٍ في شِمال فِلسطين المُحتلّة، ولم يُحدِثا أيّ أضرارٍ ماديّة أو بشريّة، ولكنّ انطِلاقهما من الجنوب اللبناني، وفشل القبب الحديديّة الإسرائيليّة في اعتِراضهما أو حتى رصدهما كان رسالة مُزدوجة، الشّق الأوّل منها يؤكّد أن الدّفاعات الأرضيّة والجويّة الإسرائيليّة باتت “مُتخلّفة” من حيث القُدرة على الرّصد وبالتّالي إسقاط هذا النّوع من الصّواريخ بنُسخةٍ لبنانيّة مُتطوّرة، أمّا الشّق الثاني فيتعلّق بالأثار النفسيّة على الجانب الإسرائيلي، ممّا يزيده ارتباكًا، لأنّها تُذكّر بأن الجبهة اللبنانيّة ما زالت “ساخنةً” ومصدر مُهم للكثير من المُفاجآت في المُستقبل المنظور.
لسنا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” من مُؤيّدي النظريّة التي روّجتها الوسائل الإعلاميّة الإسرائيليّة وتقول إن حركة “حماس” هي التي تقف خلف إطلاق هذه الصّواريخ، وإنها تملك قاعدة عسكريّة قويّة في مِنطقة صور، لأن هذه التّسريبات تُريد بَذْر بُذور الفتنة في لبنان، بين “حزب الله” وحركة “حماس” أوّلًا، وبينهما والطّرف اللبناني “الأمريكي التوجّه” الذي يُريد نَزْع سِلاح المُقاومة، ويجعل من لبنان مرتعًا للنّفوذين الأمريكي والإسرائيلي.
لا ينطلق حجر من جنوب لبنان باتّجاه فِلسطين المُحتلّة دُون عِلم ومُباركة “حزب الله”، ودرجة التّنسيق بين الفصائل الفِلسطينيّة في لبنان، وحتى في قِطاع غزّة، مع المُقاومة اللبنانيّة عاليةٌ جدًّا، ولا نستبعد أن هذه الرّسالة الصاروخيّة المُزدوجة جاءت من “حزب الله” إلى دولة الاحتِلال بأنّها، أيّ المُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة، جاهزةٌ للرّد بقُوّةٍ في حالة استِمرار الاقتِحامات الإسرائيليّة للمسجد الأقصى، ومنع المُصلّين المسيحيين من الصّلاة في كنيسة القيامة بمُناسبة عبد الفصح المجيد، وهذه الخُلاصة ليست من عِندنا، وإنّما ننقلها عن لسان مصدر مُهم في مُعسكر المُقاومة الفِلسطينيّة في لبنان.
“حزب الله” ومثلما علمنا من المصدر نفسه ليس بعيدًا عن تطوّرات الاحداث في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وشكّل لجنة مُتابعة لمُراقبة الموقف وتطوّراته عن كثب، ولا بُدَّ أن صاروخيّ الإنذار المَذكورين آنفًا يأتيان في هذا الإطار، وأن القِيادة العسكريّة المُرتبكة في دولة الاحتِلال قد فهمت مضمون الرّسالة جيّدًا.
* رأي اليوم