لماذا لا تتجرأ اسرائيل على شن هجوم عسكري على ايران؟
العين برس/ مقالات
الدكتور: حسن باكير
اعتبارا من 15 أبريل فصاعدا تحدثت وسائل الإعلام المختلفة المرتبطة بإسرائيل عن نوع الرد الإسرائيلي بعد تكهناتهم الفاشلة حول الرد العسكري الإيراني، فقد وضعهم الهجوم الإيراني الضخم عمليا على شفا هاوية التخبط وفي حقول ألغام من الشكوك والمفاجآت ليضع حداً لكل أخبارهم و تحليلاتهم السابقة التي قالت إن إيران لن تهاجم أو سترد بشكل غير مباشر على انتهاكات اسرائيل.
في الواقع تسبّب الهجوم الايراني ضررا كبيراً لإسرائيل لم ينحصر بالأضرار المادية والبشرية فحسب. فبعد هذا الهجوم لم تعد إسرائيل قوة إقليمية كما كان يروج لها، واقتصر مستوى المواجهة التي تخوضها على مجموعات محدودة وصغيرة من المقاومة.
ولذلك ومن أجل استعادة هذه المصداقية المفقودة تداولت وكالات الانباء أخبار الهجوم العسكري على إيران، الذي تحول لموضع سخرية بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في كل أنحاء العالم، بينما تمسّكت وسائل الاعلام الخاضعة للغرب بمسار التلاعب النفسي في هذا المضمار.
ولكن يظلّ أن نوضح بضعة نقاط حول عجز اسرائيل عن مهاجمة ايران:
أولاً: إسرائيل غير قادرة على مهاجمة إيران بمفردها، لاسيما بعد أن أكد الأمريكيين بوضوح إنهم لن يرافقوا اسرائيل في مهاجمة إيران. بل أصبح من الواضح أن الإسرائيلي غير قادر على الدفاع عن نفسه، وليس لديه استقلاله الخاص، ويحتاج إلى دول من قبيل بريطانيا وفرنسا والأردن لمساعدته في صد الهجمات.
في أي هجوم على إيران يجب على إسرائيل المرور عبر أراضي تركيا أو العراق أو الكويت أو المملكة العربية السعودية. هذه الدول ليست على استعداد لوضع يدها بيد إسرائيل والسماح باستخدام أجوائها ضد ايران، ولهذا لن تتمكن الطائرات الإسرائيلية من الوصول الى الأجواء الايرانية بأي شكل من الاشكال.
لا أحد من الدول الغربية الحليفة لإسرائيل مستعدة لمرافقة إسرائيل في هذه المغامرة الطائشة، ولا تعتبر في الأساس التوتر و اتساع رقعة انعدام الأمن في المنطقة لصالحها. إذا شنت اسرائيل هجوما عسكريا فسوف تندلع حرب واسعة النطاق في المنطقة، ستشتعل فيها المنطقة كالنار في الهشيم، وستُستهدف القوات والقواعد والمصالح التجارية للغرب ويعرض هذه الدول للخطر.
وعلى النقيض من إسرائيل فإن حجم إيران الهائل وعمقها الاستراتيجي يعني أن أي تهديد أو هجوم لن يكون مؤلما بالنسبة لإيران ولن يؤدي إلى تغيير في سياستها و استراتيجيتها الإقليمية. بل على العكس من ذلك غطت مجموعة صغير من المسيرات والصواريخ الإيرانية سماء إسرائيل بأكملها ولو كانت هناك إرادة للهجوم على نظاق واسع وإحداث إصابات لانتهى أمر اسرائيل.
تعرضت إسرائيل لضغوط نفسية شديدة بعد 12 يوما من استهدافها للقنصلية الايرانية، وإعلان إيران الرسمي بالرد، ومن الواضح أنها تريد الآن ان تلعب هذه اللعبة تجاه إيران، وحاولت إبقاء جزء من القوات العسكرية الإيرانية مشغولا، وفيما تبيّن أن التهديد الصهيوني فارغ تسبب بالمزيد من التخبط في الداخل الاسرائيلي وسارع من انهيار الصورة الوهمية المرسومة حول قوة اسرائيل.
تكبدت إسرائيل أضرارا مباشرة وغير مباشرة بلغت قيمتها أكثر من 100 ميليار دولار منذ بداية حرب غزة. انخفضت20% قيمة عملتها الوطنية وأصبح لديها عجز في الميزانية وفي هذه الحالة إذا اندلع صراع مع إيران فمن المحتمل أن يكون حجم الخسائر الإقتصادية في ضوء هروب الشركات الأجنبية وارتفاع مخاطر الإستثمار الأجنبي إلى أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ المذكور سالفاً.
حطم الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل في 14 أبريل القيود الواهنة بشأن عدم استهداف تل أبيب مباشرة، وقلب المعادلة رأساً على عقب، وعمليا من بعد هذ التاريخ لم يعد هناك أي عائق في حسابات صنع القرار في إيران، وفي حال تكرار الإنتهاكات الإسرائيلية تجاه طهران، يمكن للأخيرة أن تردّ بشكل مباشر من الآن فصاعداً.
لدى إيران العديد من الجماعات المتحالفة بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين والتي يمكنها مهاجمة إسرائيل متى شاءت. في حين أن اسرائيل ليس لديها مثل هذا الإحتمال، وبطبيعة الحال لدى تل أبيب القدرة على شن أعمال عبر أذرعها الإرهابية، ولكن مقارنة مع الهجمات التي يشنّها الحوثيين أو حزب الله على سبيل المثال فإنها خيار منخفض التأثير دون ريب.؛