لهجةٌ جديدة قد تكون غير مألوفة تصدر على لسان المسؤولين السوريين الجُدُد بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وتحديدًا ضد إسرائيل، حيث صمتت هذه الإدارة السورية الجديدة عن استهداف الكيان لمقدرات الجيش السوري، ولم تفعل شيئًا بخصوص توغّل إسرائيلي في القنيطرة وصولًا لاحتلال مبنى مُحافظتها، وها هو وزير الخارجية أسعد الشيباني يُوجّه رسائل تحذيرية لافتة للتهديدات الإسرائيلية، وكان لافتًا أنها جاءت من الأراضي التركية (أنقرة) خلال مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره التركي هاكان فيدان.
بأي سلاح نحمي سورية؟
وصيغة “الدفاع” لم تستخدمها الإدارة الجديدة إلا ضد قوات نظام الأسد، ثم الهجوم عليها لتمشيط “فلولها”، واستخدمها الشيباني لأوّل مرّة حيث قال: يجب علينا بالتأكيد “الدفاع” عن وطننا وحماية شعبنا”، وشدّد على أن حكومته في حالة تأهّب ضدّ أي تهديدات جديدة، فكيف ستُدافع القيادة الجديدة عن “وطنها” وبأي الوسائل ستحميه، بعد “تفحّم” مُقدّرات الجيش السوري، وهل تنوي تركيا المساعدة بهذا الخصوص؟
ووضع الشيباني بلاده في سياق الدفاع عن نفسها ضد إسرائيل، وليس مُعاداة الأخيرة طالما احترمت (إسرائيل) أمن سورية والدول الأخرى كما قال، وهو تصريح يفتح باب الجدل واسعًا إذا كان التطبيع من ضمن خيارات حكومة أحمد الشرع، وذلك في سياق ما قاله الشيباني: “إذا أرادت إسرائيل أن تكون آمنة فعليها احترام أمن سورية والدول الأخرى ووقف هجماتها”.
أسباب عداء إسرائيل لسورية انتهت!
ويرى الشيباني بأنّ أسباب عداء إسرائيل لسورية (الذريعة) قد انتهت، فهي استخدمت (إسرائيل) حزب الله اللبناني ونظام الأسد والمليشيات الإيرانية ذريعة لقصف سورية ومع زوال هذه المخاطر كان يجب عليهم احترام سيادة بلاده.
ولا يشرح الشيباني الكيفية التي سيُحافظ فيها على وحدة الأراضي السورية، لكنه قال “لا يمكن لسورية أن تتقسم، ولا يمكن للشعب السوري أن يقبل بذلك”.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي صادر أسلحة من الأراضي السورية، حيث أعلن أنه صادر أكثر من 3300 قطعة سلاح داخل الأراضي السورية، وقال المتحدث باسم الجيش الناطق العربي أفيخاري أدرعي عبر صفحته في منصة X، أن قوات الفرقة 210 بالجيش الإسرائيلي تتابع تنفيذ مهمة الدفاع الأمامية في سورية من أجل ضمان الامن والحماية لسكان إسرائيل، وخاصة سكان هضبة الجولان.
دعوة المسيحيين السوريين للإسلام.. تحذير من فتنة!
تستمر المظاهر الدعوية في شوارع المدن السورية، ولافت هذه المرة، انتشارها في العاصمة السورية دمشق، حيث سيارات دعوية يرصدها المواطنون السوريون، تضع على ظهرها مُكبّر يدعو الناس للصلاة، والهداية، وهذا مشهد نال استحسان البعض، ورفضه البعض الآخر من السوريين.
مشهد أثار الجدل لهذه السيارات الدعوية، التي يبدو أنها تجوب المدن السورية بإذن السلطات الجديدة التي تأتي من خلفية إسلامية، ففي حي القصاع في مدينة دمشق أقدمت هذه السيارة الدعوية إلى دعوة مسيحيي المنطقة إلى الإسلام، الأمر الذي تسبّب بمُشاجرةٍ بينهم وبين شبّان محليين من أبناء الحي، وهو مشهد فتنوي حذّر منه السوريين، وطالبوا بفصل الدين عن الدولة، وتطبيق قاعدة لكم دينكم ولي دين، والواقعة استدعت تدخّل قوى الأمن العام لفض الخلاف بحسب ما ذكرت صفحة “صوت العاصمة” السورية.
مقطع فيديو آخر متداول لرجل بلحية طويلة يدعو للدخول إلى الإسلام، وذلك في قلب حي باب توما الذي يسكنه غالبية مسيحية، وهذا مشهد يقول السوريون إنه لا يحترم التنوّع الطائفي والمذهبي في سورية.
لا “حُماة للديار” بعد اليوم!
وفي سياق المُسارعة لمسح أي مظاهر لها علاقة بنظام الأسد، ظهر منتخب سورية للشباب للمرة الأولى، بعد إسقاط النظام، في الثامن من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أثناء خوضه مُواجهة ودية انتصر فيها على نظيره اليمني، بهدف مقابل لا شيء.
وكان لافتًا بأن سُلطات سورية الجديدة، والتي ستحتاج لكتابة دستور وانتخاب رئيس لأربع سنوات، عمدت بالظهور الأول لمنتخب سورية للشباب إلى تغيير النشيد الوطني السوري من “حماة الديار”، وعُزف في الملعب، بعدما اعتمد الاتحاد الرياضي العام نشيد “في سبيل المجد والأوطان”، الذي كتبه الشاعر الراحل، عمر أبو ريشة، الذي تُوفي في عام 1990، عن عمر يناهز 80 عاماً، بدلاً من النشيد القديم “حماة الديار”، الذي كان مُعتمدًا في عهد الأسد.
الوطن بلا وطنية!
كما أعلنت وزارة التربية والتعليم السورية من أيام اعتماد “علم الثورة” ليحل محل العلم القديم في المناهج الدراسية، إلى جانب إلغاء مادة التربية الوطنية بالكامل، وعلم الثورة الجديد يعود لفترة الانتداب الفرنسي، وجرى وضعه في كل صفحة كتاب لتكريسه في أذهان الطلبة السوريين ومحو أي ذكر للنظام السوري السابق.
تُطرح تساؤلات حول البدائل عن كتاب التربية الوطنية الذي تقول الإدارة السورية الجديدة، بأنه يعود للنظام “البائد”، وإضافة مجموعه للمواد الدينية، ما يفتح الطريق أمام استبدال مبادئ المواطنة بأخرى إسلامية، فالجندي بات مُجاهدًا، والقتال لأجل الوطن بات في سبيل الله، والهتافات الوطنية صارت عبارة عن “تكبيرات”، هذا عدا عن تساؤلات حول جودة التعليم.
لماذا يُمنع الإيرانيون من دخول سورية؟
قالت الخطوط الجوية التركية إنه بناء على القرارات الصادرة عن السلطات في الجمهورية العربية السورية، تم تحديد بعض القواعد التي يجب على الركاب الالتزام بها للدخول إلى سوريا، وهي: يُسمح لمواطني جميع الدول بدخول البلاد باستثناء مُواطني إسرائيل وإيران، يُطرح تساؤل حول الأسباب التي تدفع الإدارة السورية الجديدة لمنع دخول المواطنين الإيرانيين، وهل تضع في حسبانها التهديدات الإيرانية التي صدرت على لسان المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، وإمكانية تحريك “المعارضة السورية الشريفة” ضد النظام السوري الجديد، وسُؤال آخر هل يمنع دخول “مواطني إسرائيل” إلى سورية، سهولة تحرّك الموساد على الأرض السورية الخفي، وماذا عن التحرّك العلني للاحتلال بالدبابات؟
وأضافت الخطوط الجوية التركية بأنه يكفي لمواطني سورية تقديم وثيقة تثبت أنهم يحملون الجنسية السورية، ويمكن لمواطني لبنان دخول سورية إذا كان أحد الوالدين يحمل الجنسية السورية، أو إذا كانوا يحملون تصريح إقامة أو تأشيرة في دولة أخرى، كما يلزم الصحفيين الحصول على إذن خاص.
“رأي اليوم”- خالد الجيوسي