لماذا تشکلت مجموعات “مدافعو الحرم” في سوريا؟
العين برس/ تقرير
انعقد يوم السبت الماضي في مدينة مشهد بإيران مؤتمر دولي ركّز على شهداء مجموعات “مدافعو الحرم” وجبهة المقاومة. وبدأ هذا المؤتمر برسالة المرشد الأعلى للثورة في إيران، وبحضور أسر الشهداء والمعاقين والمجاهدين في هذه الساحة المقدسة. وقال المرشد الإيراني الأعلى، في رسالة وجّهها إلى أعضاء مؤتمر شهداء مدافعي الحرم، وأسر الشهداء والمقاتلين والمجاهدين والمدافعين عن الحرم: حركة المدافعين عن الحرم أبعدت خطراً كبيراً عن المنطقة وعن بلادنا بشكل خاص… وانعدام الأمن الذي نشره داعش والجماعات الأخرى التي كانت تابعةً له أو منافسةً له في سوريا والعراق، لو كانوا بنفس التنظيم اليوم، لسلبوا أمن المنطقة بأكملها، بما في ذلك إيران. ولا شك أنه كان ينبغي لنا أن نشهد حالات مثل “شاه جراغ” في شيراز وكرمان كل بضعة أيام في بلادنا؛ وهكذا كان الحال في العراق وسوريا، إلی أن تسقط السيادة في أيديهم. ولکن مدافعي الحرم قضوا على هذا الخطر”.
كما بعث السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، برسالة إلى مؤتمر المدافعين عن الحرم، قرأها ممثله السيد عبد الله صفي الدين.
وجاء في هذا البيان: اليوم تعتمد الشعوب المضطهدة وحركات المقاومة في كل المجالات، بعد الله، على هذا السند القوي، الذي لا يتخلى عن صديقه وأخيه فحسب، بل لا يتاجر به، ولا يخونه، ولا يتقاعس عن مساعدته. بل إن قادته الكبار يضحون بحياتهم في هذا الاتجاه، مثلما فعل ذلك القائد العظيم الشهيد سليماني، وقادة مثل الشهيد زاهدي وحجازي والهمداني وموسوي وإيرلو والحاج رحيمي وغيرهم الكثير.
وفي كل ميادين وبلدان جبهة المقاومة، يجب أن نفهم حجم الإنجازات والانتصارات، خاصةً بعد انتصار الثورة في إيران. وهذه الانتصارات تحققت بدماء عشرات الآلاف من الشهداء من أبناء الأمم العزيزة على مر الزمن، وكل الانتصارات التي حققتها حركات المقاومة في كافة الجبهات، إلى التضحيات الجسام التي يواجهونها اليوم في قطاع غزة وفلسطين، من خلال عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، في ظروف التهجير القسري والجوع والحصار وجرائم القتل الجماعي، واليوم هرعت جبهة المقاومة في لبنان والعراق واليمن لنجدتهم، وهذا الانتصار يحتاج إلى وحدتنا وتكاملنا ولا يجوز لأحد بعد هذه التضحيات أن يتردد أو أن يضعف أو يتوقف.
نظرة على تشكيل مجموعات “مدافعو الحرم”
بعد بدء الصراعات الداخلية في سوريا، ودخول الجماعات التكفيرية إلى ساحة هذه الصراعات، دخلت الحكومة السورية في حرب غير مرغوب فيها مع الإرهابيين التكفيريين.
على سبيل المثال، هددت جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، في 10 مايو/أيار 2013، بالإضافة إلى نبش قبر حجر بن عدي، بتكرار هذا العمل في مرقد السيدة زينب (عليها السلام).
وعلاوةً على ذلك، ومع وجود التكفيريين في سوريا، تعرضت الأماكن المقدسة للشيعة في هذا البلد، وخاصةً مرقدي السيدة زينب (عليها السلام) والسيدة رقية (عليها السلام) للتهديد والتدمير، فبدأ تشكيل المدافعين عن الحرم انطلاقاً من هذا الأمر في فبراير 2012.
وبالطبع، مع رد فعل السيد حسن نصر الله لحماية مراقد أهل البيت والشيعة، حاولت الجماعات الإرهابية النشطة في سوريا تفجير مرقد السيدة زينب بشاحنة مفخخة، لكن شاحنتهم انفجرت قبل دخولها محطة السيارات القريبة من الحرم الشريف، وفشلت هذه العملية الانتحارية.
وفي نيسان/أبريل 2013، وبعد هذه الحادثة، قال السيد حسن نصر الله في بيان: هناك أناس يدافعون عن هذا المقام، ومستعدون للموت دفاعاً عنه ويمنعون الفتنة. وهناك ضرورة ووجوب لمنع المجموعات المسلحة من الاستيلاء على مرقد السيدة زينب عليها السلام، ومنع التكفيريين من هدم هذا المرقد.
وبعد هذا البيان، أعلن حزب الله اللبناني عن حضوره الجدي في سوريا، وانضم مدافعون من سوريا والعراق ولبنان وإيران إلى المدافعين عن الحرم.
وفي سبتمبر 2012، تعرضت منطقة مشهد السقط (مقام محسن بن حسين) في منطقة المشهد بحلب في سوريا، لهجوم من قبل قوات معارضي الحكومة السورية. وبعد ذلك، تحركت المجموعات للدفاع عن مرقد السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) لمنع تكرار هذا العمل.
كما أن تشكيل لواء أبي الفضل العباس في العراق، وإرساله إلى سوريا للدفاع عن مرقد السيدة زينب (عليها السلام)، كان أيضاً إجراءً تم في شباط/فبراير 2012. ومع ذلك، أصبح استخدام عبارة “المدافعين عن الحرم” شائعًا في وسائل الإعلام الإيرانية والفارسية في أواخر مايو 2013، وأصبح رمزًا لمحاربة داعش والفكر التكفيري.
“المدافعون عن الحرم” هم أكبر مجموعة عسكرية شيعية تدعمها دول مثل سوريا، والعراق مع الحشد الشعبي، وأفغانستان مع لواء فاطميون، وإيران مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وباكستان مع حيدريون؛ والتي تشكلت بهدف الدفاع عن الإسلام النقي، ومواجهة تدمير مراقد ومقامات أهل البيت(عليهم السلام)، وخاصةً السيدة زينب(عليها السلام).
ومعايير هذه الجماعة هي الإيمان بالإسلام، ومواجهة الإرهابيين التكفيريين، وقبول زعامة الولي الفقيه. ومنذ تشكيلها عام 2013، خاضت هذه المجموعات العديد من الصراعات مع القوات التكفيرية، ومن أهم هذه الصراعات عملية تطهير منطقة الزينبية ومحيطها، والمعركة مع الإرهابيين التكفيريين في سوريا والعراق.
وتمكّن المدافعون عن الحرم من إجبار التكفيريين على الانسحاب من منطقة الزينبية بعد سنوات من الحرب معهم، وتحرير المناطق الشيعية من الإرهابيين التكفيريين.
وللمدافعين عن الحرم، بالإضافة إلى الأنشطة العسكرية، أنشطة اجتماعية ونفعية واسعة في الزينبية بدمشق، ويتواجد عدد من قوات المدافعين عن الحرم في مرقد ومقام السيدة زينب. کما أن ارتباط المدافعين عن الحرم بالنظام السوري، كأحد محاور المقاومة ضد الکيان الإسرائيلي، كان قائماً بشکل دائم.
الدور المباشر لأمريكا في تشكيل داعش بحسب مؤسس ويكيليكس
أوضح جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، في بيان نشر عام 2016، أن جذور تنظيم داعش الإرهابي تعود إلى عام 1979.
وبحسب أسانج، فإن قرار وكالة المخابرات المركزية والسعودية بتسليح المجاهدين في أفغانستان للقتال ضد الاحتلال السوفييتي، أدى إلى إنشاء تنظيم القاعدة، نظراً لرحيل أسامة بن لادن إلى باكستان ثم أفغانستان.
وأخيراً، أدى تنظيم السلفيين في شكل تنظيم القاعدة، إلى هجمات 11 سبتمبر 2001. وتحت ذريعة هذه الهجمات، غزت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق، مما خلق فراغًا في السلطة في العراق المحتل، وأدى في النهاية إلى تشكيل تنظيم داعش.
ورغم أن أسانج قد أوضح المسار التاريخي لتشكيل داعش، إلا أن داعش تشكل كمجموعة إرهابية ذات اسم وأعضاء محددين بعد الصحوة الإسلامية في العالم العربي عام 2011، ومع انتشار الاضطرابات في سوريا.
تشكّل داعش لأول مرة في العراق بمشاركة فلول حزب البعث العراقي والسلفيين والتكفيريين، الذين تجمعوا في العراق من مختلف أنحاء العالم، بتخطيط دقيق من الولايات المتحدة ودعم مباشر من بعض الدول العربية، وسرعان ما وسّع نطاق أنشطته من العراق إلى سوريا.
وفي الواقع، ينبغي القول إن الولايات المتحدة، باعتبارها زعيمة الغرب، إلى جانب شركائها الأوروبيين، منذ نشوء الأزمة السورية واتساع نطاقها، قامت بتقسيم الجماعات الإرهابية إلى مجموعتين: إرهابيون جيدون وإرهابيون سيئون، وقدّمت دعماً واسع النطاق لما يسمى بالإرهابيين الجيدين، بما في ذلك داعش. وكان هدف الغربيين هو إسقاط الحكومة الشرعية في سوريا، وفي هذا السياق نظروا إلى هذه الجماعات الإرهابية كوسيلة لتحقيق هذا الهدف.
ولا يمكن تجاهل دور المدافعين عن الحرم بقيادة الشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني في تطورات العقد الماضي في الشرق الأوسط، وتأثير أدائهم في إرساء الاستقرار الإقليمي من خلال القضاء على تنظيم داعش.
ومن خلال معرفتهم بالمخاطر ساروا على هذا الطريق، ولم يكتفوا بالدفاع عن مراقد آل الله وإبعاد هذا التنظيم الإرهابي عن حدود إيران، بل إنهم بوجودهم في سوريا، حيّدوا أهداف التكفيريين التي كانت مهاجمة إيران، وعززوا الأمن القومي الإيراني، وکان ثمن ذلك نحو سبعة آلاف شهيد ومعاق.
المصدر: الوقت التحليلي