لماذا تركز الإمارات على عسكرة سواحل تعز اليمنية ؟ تحليل للأهداف الاقتصادية والسياسية (1)
العين برس/ مقالات
كامل المعمري
تمثل سواحل محافظة تعز محورا استراتيجيا للصراع والتحكم الدولي نظرا لأهمية موقعها الجغرافي، وخاصة في ظل سيطرتها القريبة على مضيق باب المندب، الذي يُعتبر واحدا من أهم الممرات المائية في العالم. هذا المضيق الحيوي يعد شريانا للتجارة العالمية، حيث تمر من خلاله نسبة كبيرة من الشحنات البحرية، ويمنح التحكم فيه قدرة هائلة على التأثير في حركة التجارة الدولية. يمتد الشريط الساحلي لتعز من رأس عمران في الجنوب مرورا بمناطق ذباب وباب المندب والمخا والوازعية وصولًا إلى الحدود الشمالية مع محافظة الحديدة هذا الامتداد الساحلي يجعل من محافظة تعز نقطة حيوية في خارطة الملاحة العالمية، ما يعزز من أهميتها الاستراتيجية ليس فقط في السياق الإقليمي، بل على الصعيد العالمي.
تتمتع سواحل محافظة تعز بميزة جغرافية هامة، إذ يُعد موقعها محميا نسبيا من تأثيرات الأمواج والعواصف التي تؤثر على موانئ أخرى، وذلك بفضل قربها من باب المندب الذي يحجب الرياح والامواج
وهذه الميزة تجعل من الممكن إنشاء أكثر من 40 ميناء صناعي على طول الساحل، ما يمنح الفرصة لتوسيع شبكة الموانئ وإنشاء بنية تحتية بحرية قوية تسهم في تعزيز النشاط التجاري.
ميزة سواحل تعز
تشكل سواحل محافظة تعز، بما تمتلكه من ميزات جغرافية فريدة، واحدة من أبرز الفرص الاقتصادية المحتملة لليمن والتي قد تجعل الاقتصاد اليمني ينافس اقتصاديات المنطقة .
ولعل أهم ما يميز سواحل تعز هو قربها الشديد من خط الملاحة الدولي وهو مايختصر الوقت والجهد في النقل البحري وهذا ماتبحث عنه شركات الشحن العالمية التي تبحث عن تقليص الكلفة في الشحن وهذه ميزة كبيرة تهدد هيمنية موانئ دبي لان استغلال هذه المنطقة من اليمن سوف يعزز من أهميتها التجارية والإستراتيجية
إضافة إلى ذلك، فإن الأمواج الهادئة نسبيا على امتداد سواحل تعز تجعل من هذه المنطقة مكانا مثاليا لإقامة موانئ بحرية، بعكس بحر العرب الذي يواجه تحديات طبيعية كبيرة من بين هذه التحديات، غياب الهدوء النسبي للأمواج إلا في بعض المواقع ذات الخور الطبيعي، وهو التشكيل الجغرافي الذي يقلل من تأثير الأمواج العاتية لكن حتى في هذه المواقع، يبقى بناء الموانئ عملية معقدة بسبب تواجد الصخور في قاع البحر، مما يجعل تعميق هذه الموانئ صعبا ويتطلب تكلفة كبيرة إضافة إلى ذلك، تعتبر الأعاصير التي تغزو بحر العرب مشكلة أخرى تجعل من بناء الموانئ عملية محفوفة بالمخاطر.
سواحل تعز الخيار الأنسب للاستثمار
بالمقابل، يوفر الساحل التعزي بيئة مثالية لبناء موانئ جديدة بأساليب بسيطة وبتكاليف أقل بكثير في أغلب المناطق على الساحل، يمكن إنشاء موانئ عبر تقنيات بسيطة مثل شفط الرمال وترسيبها، مع بعض الإضافات التي يمكن تنفيذها من قبل شركات متوسطة الحجم. هذا التنوع في الإمكانيات سيجعل سواحل تعز تنافسية للغاية، ويوفر فرصا مفتوحة للاستثمار في أكثر من ميناء على امتداد الساحل.
وتعتبر المساحات الصالحة لإقامة الموانئ في تعز اكثر من 40 ميناء صناعي، مما يجعل المنافسة مفتوحة لبناء أكثر من ميناء.
الشركات العالمية تدرك جيداً أن سواحل تعز واليمن عموما يمكن أن تتحول إلى مراكز اقتصادية هامة في حال تحقق الأمن والاستقرار، مما يجعلها شبيهة بتجربة هونج كونج في جنوب شرق آسيا.
دبي التي استفادت من موقعها الاستراتيجي بعد مضيق هرمز، رأت انها تواجه تحديا محتملا يتمثل في إمكانية استثمار سواحل تعز بنفس الكفاءة، خاصة أن سواحل تعز تتمتع بميزات إضافية، مثل قربها من خطوط الملاحة العالمية، ما يجعلها أكثر جاذبية للشركات التي تمتلك إمكانيات محدودة نسبيا لكنها تبحث عن مواقع استراتيجية بتكلفة أقل
فالشركات العالمية التي استثمرت مبالغ هائلة في تطوير البنية التحتية لموانئ دبي تدرك تماما انها لن تتمكن من استعادة اموالها لهذا عملت مع الامارات لمواجهة هذه المخاطر مبكرا لأن تحول الاستثمارات نحو اليمن سيشكل تهديدا لها ولذلك فان هذه الشركات ، تمول الى جانب الامارات تقويض الاستقرار في اليمن وتحديدا في سواحل تعز التي عملت على عسكرتها من خلال قوات محلية مواليه حفاظا على استثماراتها الضخمة في دبي.
وجهت الامارات الأموال المستثمرة في مشاريع البنية التحتية لدبي إلى دعم الاضطرابات في اليمن، لضمان عدم انتقال الاستثمارات إلى السواحل اليمنية. هذا الدعم للتوترات يُعد من الأمور التي تعرقل أي مشروع وطني يهدف إلى تطوير البنية التحتية اليمنية، بما في ذلك مشاريع بناء الموانئ في تعز وغيرها وهذا الواقع يفسر سبب اهتمام الإمارات بالتحكم في سواحل تعز،
في نهاية المطاف، فإن الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها سواحل تعز تظل مغرية للشركات والمستثمرين، ما يجعل من الضروري استعادة كل شبر من ارض اليمن وطرد القوات العميلة التي تدين بالولاء للامارات.
المصدر: عرب جورنال