العين برس – تحليل
صباحُ القدس لليمن وحُبُّ الحياة مع البطولة، في عرس آلاف الشباب والصبايا، وطنٌ تحت الدمار بعرضِه وبطوله، يعرفُ كيف يرُدُّ المنايا، يخوضُ الحياةَ والموتَ بابتسامة اليقين، وصلاة العبور إلى فلسطين، نُحِبُّ الحياةَ لكننا لا نخشى الموت، أما أنتم فتخشون الموتَ ولا تعرفون للحياة قيمةً، كمَن يهرُبُ من الموت مذعوراً من قرقعة صوت، وفي حالة قلق مستديمة.
ووحدَهم يحيون العُمرَ بفرح وكرامة، مَن تصالحوا مع الموت ولاعبوه، أما الذين تلبسهم الجُبنُ وقلقُ السلامة، فهم رفاقُ الذل ولاعبوه، فهل يقال في الذليل محب للحياة، والأذلاء يعدون السنين يخفضون الجباة، وهل يقال للكريم والشجاع محب للموت، وهو يحيا مرفوعَ الجبين عاليَ الصوت، والموتُ عندما يأتي بلا استئذان، يميِّزُ الشجاعَ من الجبان، ويعرفُ من تنازل عن الحق طلباً للسلامة، ومَن رفض على حقٍّ مساومةً، لذلك يعرف اليمنيون أن يفرحوا، بمثل ما يعرفون أن يجرحوا، فكلاهما عندهم فعلُ حياة وكرامة، وتجسيدُ الثقافة المقاومة.
وكما في اليمن أكبرُ تظاهرة، في اليمن أكبرُ عرس جماعي، وكما صار اليمنُ ظاهرةً، أظهر عقلَه الإبداعي، فبدلاً عن النقاشِ العقيم والسجال، جاء الردُّ بالفعل بدلاً عن ألف مقال، فأي جواب على عرس آلاف الشباب، والمقاومة تجمع الأحباب، وتفتحُ للحياة بالفرح ألفَ باب، وهذه كجنازات الشهداء، إيقاعٌ واحدٌ لا يعرفُ التفاهات، كما نحيا نموتُ واقفين، نقبلُ عليهما واثقين، فكُلٌّ منهما عرسٌ وولادة، عرسُ زواج وعرسُ شهادة، وكلاهما تعبيرٌ عن الروح، وثقافة الفرسان، فالحياة تأتي وتروح، والبقية للأوطان.
وحكمةُ اليمانيين لمن يحبون القراءة، أننا قادمون من كُـلِّ عرس، لسنا مَن يطلب البراءةَ من مستقبل القدس، فكما العرس عرسُنا، القدسُ قدسُنا، وبروحِ الفرح ذاتها قادمون، وبين السطور رَدٌّ على بعض السخافة، عن نقص الشباب في جبهات الحرب، وتعويضها بالإيرانيين من الحراس، يحتشدُ في ساحة الثقافة، سبعةُ آلاف صبية وشاب، وبدلاً عن أن يقولوا: نحن هنا.. يحيون الأعراس، فهل وصل الجوابُ لمن فبرك وكذب، بأن لدى اليمنيين وقتاً للترف، ووقتاً للغضب، وكما العُرسُ في صنعاء، شهرُ العسل في مأرب، صلاة للفجر، وصلاة للمغرب، هكذا هو اليمن مدرسةُ الحياة الكريمة، ومن اليمن جاءت الحكمة القديمة، أرفعُ المقام ابتسامةُ العريس وابتسامةُ الشهيد، فكونوا في كليهما أسياداً لا عبيد.
ناصر قنديل*