العين برس / مقالات
علي الدرواني
ليس مجرد عنوان فيلم يوثِّق نجاح الأجهزة الأمنية في التصدي لجهود ومخططات العدوان الخبيثة لإقلاق الأمن والسكينة، بل هو عنوان مرحلة من الجهاد والنضال والكفاح، في شتى المجالات.. عسكريا واقتصاديا وإعلاميا وسياسيا وأمنيا، وأخلاقيا، هو عنوان للانتصار في حرب الاستخبارات والأمن والاستقطاب والتجنيد لصالح قوى العدوان طوال ثمانية أعوام، سخرت الرياض خلالها إمكانياتها المالية والإعلامية، ولم تدخر جهدا ، فالملايين التي وصلت لصغار المرتزقة ما هي إلا أُذْن جمل المبالغ التي استولت عليها هوامير الفساد والارتزاق في فنادق الرياض وحولتها استثمارات وعقارات في القاهرة واسطنبول ودبي وغيرها.
تضافرت الأجهزة الأمنية المختلفة- والمنضوية ضمن رباعية العدوان من أمريكا وبريطانيا وأدواتهم الإماراتية والسعودية- وحاولت مجتمعة ومنفردة اختراق الجبهة الداخلية محققة نجاحات مؤقتة وقصيرة المدى، لتتوالى الإنجازات الأمنية في فضحها وكشفها وتوقيف أبرز عناصرها وتقديمهم للعدالة.
جاء فيلم ” في قبضة الأمن” الذي عرض مؤخرا ليضيف تأكيدات على عدة دروس وعبر وفوائد، تمثلت في التالي:
أولا: العمالة اليمنية في المملكة تمثل بيئة خصبة للتجنيد والاستقطاب، لا سيما من يعانون من البطالة، حيث يتم استغلال حاجتهم وفاقتهم وبحثهم عن لقمة العيش، في بلاد الغربة، وتجنيدهم للعمل ضد وطنهم وشعبهم وبأثمان بخسة، نتيجة ضعف النفوس وقلة الشعور بالوطنية وربما انعدام الإحساس بالانتماء لهذا الشعب العزيز.
ثانيا: توظيف العدوان لحالة التعدد المناطقي والفكري والمذهبي والسياسي والأسري، وهي العناوين التي عملت على زرعها وترسيخها طول عقود عبر مجاميع وعناصر التكفير والتمزيق والعنصرية، وأنشأت لذلك المراكز والصحف، وطبعت الكتيبات المجانية، ووزعتها لتوسيع الشروخ في المجتمع، وبدأت تستخدمها لتهوين سفك الدماء، وإزالة أي حرمات للنفس المسلمة، فجاء الاستخفاف من قبل المجرم محمد الحنش، لقتل المظلوم المغدور (اويس) في محافظة ذمار، فقط لان القاتل المجرم دخل مكتبته ووجدها زاخرة بكتب تحرض على العزة والكرامة تبعث على الشعور بالخطر الأمريكي والإسرائيلي وتحث على الوحدة ونبذ التفرق، وترك التمذهب البغيض، وعلى رأسها ملازم ومحاضرات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، وكان ذلك ذريعة واهية لرصد المغدور وتتبعه، وصب رصاص الحقد على صدره، وتركه مضرجاً بدمه في إحدى الليالي الحالكة كسواد قلوب هؤلاء المرتزقة التكفيريين.
ثالثا: ضعاف النفوس لا عهد لهم ولا ذمة، ومن يقبض المال للاعتداء على بلده وخيانة أهله، سيكون مستعدا لبيع رفاقه، وسرقة مخصصات عناصره، وهو ما حدث للمدعو رقبان، واعترافه بخصومات مالية تصل إلى نصف وثلث وثلاثة أرباع المحولة لبعض المرتزقة ووضعها في جيبه، ما هو إلا مثال صغير، لحلقة واحدة ضمن سلسلة من اللصوص الكبار، وهوامير الاتزاق، وإذا كان عنصر بحجم المدعو محمد رقبان قد أخذ لحسابه الخاص آلاف الدولارات، فكيف بكبار المرتزقة، والملايين التي خصصتها الرياض لشراء الولاءات، وتمويل خلايا التخريب، والاغتيالات والفتن؟
بالتأكيد فإن الرياض ومسؤولي اللجان الخاصة وممسكي ملفات المرتزقة بعد هذه الاعترافات، سيستدعون اللصوص الكبار ويسلبونهم كل ما جمعوه من أرصدة وأموال ويسائلونهم عن تلك الملايين ومصيرها.
رابعا: مصير وعاقبة المغرر بهم، والمخدوعين، لن تكون إلا وراء القضبان، كما رأينا بعض تلك العناصر في هذا الفيلم، لا يملكون إلا الاعتراف بجريرتهم، والإقرار بغوايتهم، لا أموال ولا ملايين، ولا سيارات ولاعقارات، وليست وعود العدوان لهم، إلا مجرد طعم لتوريطهم، لتنفيذ مخططاتهم، ثم تركهم يواجهون مصيرهم، فمنهم من قتل ومنهم من اعتقل، ومن فر فمصيره إلى أخذ العدالة مجراها لن يطول، ولم يهنأ لهم عيش.. ولن يستقر لهم بال.
وهذا ليس مصير صغار المرتزقة، بل هو مصير كبارهم أيضا، وكلهم أحقر وأصغر من يمشي على الأرض، فما وصل له الخائن عبد ربه، وما ينتظر مجلس الثمانية ، وعصابات الخونة ، فهو الكثير من الخزي والندامة، ويوم القيامة هم من المقبوحين.
خامسا: اليقظة الأمنية لرجال الأمن وأجهزة الأمن المختلفة والمبادرة وسرعة التحرك، وتبادل المعلومات والتنسيق العالي مع جهاز الأمن والمخابرات، كانت كفيلة بالتوكل على الله والعمل الجاد والمخلص ، واستشعار المسؤولية، كلها عوامل ساهمت في تحقيق الإنجاز، وإحباط المخططات الخبيثة، وكشف العناصر العميلة، والوصول إلى رأس هذه الخلايا والعمل على منع أي تحركات أخرى، وإعاقة التفكير بتكرارها، لمن تسول له نفسه المساس بأمن الوطن خدمة لمشاريع الغزو والاحتلال والتفتيت.
تأتي هذه التفاصيل مع نهاية ثامن أعوام العدوان، لتزيد بريق النصر اليمني المستحق، وقد سجل الشعب اليمني أروع الانتصارات وأبهى الإنجازات، وهو يستعد اليوم لحصد المكاسب، وجني محصول الصمود، وما ذلك على الله بعزيز.