غزة تُواصل «اكتشاف» اليمن: «عرب وسط الغثاء»
العين برس/ مقالات
يوسف فارس
لم يسبق أن اتفق الفلسطينيون في قطاع غزة على رأي كما فعلوا على تقديرهم لمواقف حركة «أنصار الله» المساندة لهم منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع. وكان سهلاً على من يتجوّل في مناطق شمال غزة، بعد إطلاق الصاروخ الفرط صوتي اليمني على تل أبيب، أول من أمس، أن يلاحظ غزارة الكتابات التي زينّت الجدران وأسقف البيوت المدمّرة، مشيدة بحركة «أنصار الله» والقوات اليمنية المسلحة. ولعل ممّا يشير إلى أن الأمر عفوي ويعبّر عن رأي الغزيين الحقيقي، أن الحديث عن الصاروخ وترقّب كلمة قائد «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، تصدّرا كل الجلسات والمحافل في أنحاء القطاع.
وقد أدى طول مدة الحرب والهدوء الميداني الذي أحدثه تقليص القوات وتصفير مواقع الاشتباك، إلى حالة من التردي المعنوي، لتأتي العملية اليمنية في توقيت مدروس، كانت فيه معنويات الشارع الغزاوي قد تصحّرت في انتظار حدث كهذا، وهو ما يفسّر الحفاوة البالغة بالحدث. حتى إن المعارضين وغير المؤيدين لخط المقاومة، لم يكن في وسعهم إلا أن يصمتوا أمام الموقف اليمني، إذ إنهم يرون أن «أنصار الله» قامت بالواجب على قدر الممكن، وأدخلت نفسها في أتون معركة مع القوى الدولية في سبيل نصرة القطاع، فيما تخاذلت الدول العربية كلها عن ذلك.
وفي السياق ذاته، كشفت هذه الحرب قدر الغبن والتشويه الذي تعرّض له اليمنيون طوال عشر سنوات مضت، حيث يشعر أبناء قطاع واسع من الشارع الفلسطيني عموماً، والغزي خصوصاً، بأنهم وقعوا ضحية تشويه وتعمية، وأن سيطرة الإعلام الخليجي، وتحديداً الإماراتي والسعودي منه، على تقديم الرواية حول اليمن، وغياب الرواية المقابلة، أسهما في تشكيل انطباع ظالم عن تلك الحركة. ويقول محمود عبد الجليل، وهو أستاذ في مدرسة حكومية في غزة، إن «اليمنيين أثبتوا أنهم إخوتنا وأهلنا، وأنهم العرب الحقيقيون وسط الغثاء. لقد ناصرونا وهم محاصرون ومظلومون ولم يستفيقوا بعد من حرب تآمر عليهم فيها الغرب والعرب، ولم نغضب نحن لدمائهم. وقدّموا الدماء والتضحيات في حرب كان بإمكانهم فيها أن يكتفوا بتقديم الخطب والشعارات والتظاهرات».
حديث الصاروخ اليمني يتصدّر الجلسات والمحافل في القطاع
ويدرك من يراقب المشهد أن قيادة «أنصار الله» لا تخوض معركتها مع الاحتلال منفردة، وإنما تتصرّف بتفويض من الشعب اليمني، وتتحدث باسمه. ويقول الحاج عدنان عشو: «عندما نشاهد ملايين اليمنيّين يملأون الساحات، ويفوّضون جيشهم توسيع الحرب نصرةً لغزة، نشعر كم نحن أعزاء، وكم أن الخير في أمة محمد باقٍ إلى يوم القيامة».
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، حضرت المقارنات أيضاً بين الشعب اليمني الذي انشغل أول من أمس بإحياء مراسم الاحتفال بعيد المولد النبوي، بقصف تل أبيب، وإقامة مهرجان على السفينة الإسرائيلية المختطفة، وبين متديّني الخليج الذين انشغلوا بتدبيج الفتاوى عن تحريم الاحتفال بالمولد.
وثمّة من هم أكثر سخافة من هؤلاء الأخيرين، الأمر الذي عبّر عنه أحمد صالح على صفحته على «فيسبوك» بقوله: «بينما يقصف اليمانيون عمق كيان الاحتلال انتصاراً لإخوانهم في غزة، يقف الشعب السعودي على قدم واحدة للمشاركة في حدث نقل الطائرات على شاحنات ستقطع 1000 كيلومتر إلى موسم الرياض، الذي خصّص الجوائز لأجمل مقطع مصوّر يوثّق الحدث، هل رأيتم سخفاً كهذا؟».
أما فصائل المقاومة، فقد عبّرت في بيانات منفصلة عن مباركتها للعملية اليمنية الجريئة، فيما توّج الإعلام العسكري الموقف المقاوم بنشره صورة عبر حسابه في «تلغرام»، حملت صورة للخنجر اليمني وإلى جانبه عبارة
«إخواننا في اليمن… إخوان الصدق».
المصدر: جريدة الاخبار