عنصرية الغرب.. التضحية ب1000 فلسطيني لتحرير 4 “اسرائيليين”
العين برس/ مقالات
احمد محمد
اغلب الدول الغربية وعلى راسها امريكا “رحبت” بتحرير 4 اسرى “اسرائيليين”، في عملية النصيرات، وتجاهلت المذبحة التي نفذتها قوات الاحتلال في تلك العملية التي استمرت 3 ساعات، وذهب ضحيتها 274 شهيدا و 698 جريحا فلسطينيا، اغلبهم من الاطفال والنساء. اغلب الخبراء العسكريين، اكدوا ان المذبحة التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في مخيم النصيرات في وضح النهار، لا يمكن تبريرها عسكريا، فلا يمكن تبرير قتل وجرح 1000 انسان من اجل تحرير 4 اسرى، فالفعل كان مقصودا من وجهة نظر هؤلاء الخبراء، فقد بادرت قوات الاحتلال بإطلاق النار بشكل مباشر وعشوائي وقاتل، على كل من كان في المكان، فضلًا عن القصف الجوي غير المسبوق، وليس هناك من مبرر لهذه الوحشية والقسوة، سوى اشباع غريزة القتل والانتقام ليس الا.
الامر المثير للاشمئزاز، هو ان امريكا لم تكتف بتجاهل المذبحة وحياة 1000 فلسطيني، فقد حاول المسؤولون الامريكيون والصحافة الامريكية، ان يثبتوا وبالادلة، انه كان لهم دور كبير في تحرير الاسرى الاربعة، دون ادنى اشارة لتورطهم في ازهاق ارواح نحو 300 فلسطيني، وجرح 700 اخرين ، جراح بعضم حرجة، فالرئيس الأميركي جو بايدن اعلن:” أن الولايات المتحدة ستواصل العمل حتى إطلاق سراح جميع المحتجزين في غزة”. اما مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، فاعلن بصريح العبارة ان بلاده كان لها دور في عملية تحرير الاسرى، مكررا مقولة رئيسه بايدن، دون ادنى وخزة ضمير او تأثر ازاء ما جرى في النصيرات من مذبحة فظيعة:”أن الولايات المتحدة تدعم كافة الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، ومنهم المواطنون الأميركيون، سواء بالمفاوضات الجارية أو وسائل أخرى”.
هذه المواقف العنصرية والاستعلائية والمتجاهلة لحق الانسان غير الغربي وخاصة الفلسطيني بالحياة، لم تكن خاصة بالامريكيين، فالغربيون، وانطلاقا من رؤيتهم للاخر غير الغربي، كرروا نفس الموقف ومستخدمين نفس اللغة، فقد ركزوا على الترحيب بتحرير الاسرى وعودتهم الى احضان عوائلهم، متجاهلين بالمرة بشاعة المجزرة التي قامت بها القوات الإسرائيلية، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رحب بإطلاق سراح الرهائن الأربعة. وكذلك فعل المستشار الألماني أولاف شولتس، واصفا :”عملية استعادة الرهائن بأنها بارقة أمل مهمة. وان العديد من العائلات في إسرائيل لا تزال تخشى على أحبائها، وعلى حماس تحرير جميع الرهائن”.
الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام، حول حقيقة الشعارات التي يرفعها الغرب، منذ عقود، عن الانسان وحريته وحقوقه، هل هو الانسان الغربي حصرا، ام الانسان بشكل عام، ولكن يبدو ان الابادة الجماعية التي تجري في غزة منذ 8 اشهر، على يد الصهاينة وبسلاح ودعم غربي، اجاب على كل تلك الاسئلة، ولم يعد شيئا خافيا بعد الان. فالغرب كاذب ومخادع في كل ما كان يقوله ويروجه عن حضارته وثقافته ، فهو ليس سوى غرب عنصري متوحش سادي، سقط سقوطا حرا في امتحان الانسانية، حتى امام شعوبه العطشى للعدالة الحقيقة وليس المزيفة، التي ترفعها حكوماتهم.
اخيرا، رغم كل المأساة التي شهدها مخيم النصيرات، أبت الحقيقة الا ان تظهر بأبهى صورها، حقيقة الحضارة الاسلامية والثقافة الاسلامية والعقيدة الاسلامية، امام حقيقة التوحش الاسرائيلي والغربي، فالعالم اجمع رأى الحالة التي ظهر فيها الاسرى الاربعة، فقد خرجوا من الاسر بعد 8 اشهر، وهم في صحة جيدة، ويلبسون ملابس نظيفة، دون ان تظهر عليهم اي مظاهر تؤكد انهم كانوا يعاملون معاملة سيئة، بل حتى الفتاة التي كانت بين الاسرى، ظهرت بمظهر اثار العديد من التساؤلات، منها هل كانت هذه حقا اسرة بيد المقاومة، وهو سؤال ادى الى طرد مذيعة اسرائيلية، لانها توقفت قليلا امام هندام الاسيرة، وكانها كانت قادمة من حفلة، هذه الصورة المشرفة للمقاومة، تقابلها صورة في غاية التوحش والعنف والسادية، للاسرى الفلسطينيين المدنيين، الذين تم تعريتهم في البرد القارس، وربطوا بالحبال، وتم نقلهم بشاحنات مكشوفة الى جهات مجهولة، وهم يتعرضون للضرب والاهانة، وبينهم العديد من المصابين، الا يلخص هذا التفاوت بين المشهدين، التفاوت الشاسع، بين حضارة متعصبة مغلقة متكبرة استعلائية، وبين حضارة انسانية اخلاقية سامية متسامحة؟، التاريخ سيحكم بينهما، وهذا الحكم لن يطول، في ظل الثورة الشبابية التي تجتاح الغرب، احتجاجا على زيف اسس حضارتهم المادية المتوحشة.
أحمد محمد