شهداء كرمان.. على طريق القدس
العين برس/ عاجل
ليلى عماشا
يخافونه شهيدًا، كما خافوه قائدًا مركزيًا في جيش رجال الله، فما كان منهم إلّا أن ارتكبوا أقصى الجبن: الغدر. قتلوا زوّار ضريحه في يوم الذكرى، فالإرهاب عادتهم، وهيهات يُرهب من انتمى إلى محور “كرامتنا من الله الشهادة”. في المسير إلى زيارة مرقده، احتشد عشّاق يستضيئون بالحق، وساروا معًا، قافلة من نور يسعى إلى النور.. في الدرب، دوّى انفجاران ناجمان عن عبوتين في نقطتين مختلفتين.. سال دم العشاق في مسارهم إلى حبيبهم، فبلغ منهم أكثر من ثمانين زائرًا منزلة الشهداء، وأصيب العشرات بجراح تشهد لهم يوم الحساب أنّهم بذلوا في الحبّ دمهم، وكتبوا بالجراح أن هيهات يُغيّب الموت قاسمنا.. مجزرة بكلّ ما للكلمة للمعنى ارتكبها أعداء الحق على أرض الجمهورية الإسلامية في كرمان، مسقط رأس سيّد شهداء محور المقاومة ومثوى مرقده الطاهر.. شهداء وجرحى ودماء سفكها الغدر عسى يطفئ نور الشهيد الذي ما يزال ينير القلوب بعد مضي أربعة أعوام على ارتقائه بعد استهداف غادر من الأعداء أنفسهم.
الأداة التي نفّذت الجريمة الوحشية بالأمس في كرمان، أيًّا كانت، هي أداة أميركية لا فرق بينها وبين الطائرة التي استهدفت القائدين الحاج قاسم والحاج أبو مهدي، وبذلك يكون الذين ارتقوا بالأمس في حضرة الذكرى، كحبيبهم، شهداء قُتلوا غدرًا على يد أعداء الله. وإن سارعت الخارجية الأميركية للتنصّل من هذا الارتكاب الآثم عبر تصريح يزعم أنّ “واشنطن غير متورطة في انفجارات اليوم في كرمان بأي شكل من الأشكال، ولا يوجد سبب لتورط إسرائيل”، فمسارعتها هذه سلوك طبيعي يتبع أي فعل جبان لا يتجرّأ مرتكبه على الاعتراف به، سواء كان ارتكابه هذا مباشرًا أم غير مباشر. وبالتالي، مهما كان اسم الجهة التي قد تتبنّى ارتكاب المجزرة، فهي أداة أميركية، تخدم مصالح مشغّلها وتأتمر بأمره. بكل الأحوال، بيان آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي دام ظلّه واضح ودقيق بهذا الشأن: كشف المرتكبين وإلحاق القصاص والعقاب العادلين بهم، ويُشهد للجمهورية عدلها وصرامة قوانينها في الاقتصاص من المجرمين وكشف ارتباطاتهم، وعاجلًا أم آجلًا، ستنكشف الخيوط التي حيّكت هذه المجزرة، وخطّطت لها ونفّذتها ضد قافلة من أهل الحق تزور ضريح شهيدها المعظّم في يوم ذكرى ارتقائه.
أما عن الاتحاد الأوروبي، فقد سارع بدوره إلى استنكار الجريمة، أقلّه حرصًا على ادعاءات أنظمته بأنّها انسانية تستنكر قتل الناس وتفخيخ دروب سيرهم. لكنَ هذا الاستنكار لا يُسقط عن الدول الأوروبية مسؤوليتها ودورها في صناعة الوحشية الصهيونية ودعمها، ولا قيمة لبيانات استنكار يغيب تمامًا عن ذهنها ومواقيت إصدارها ما يرتكبه العدو الصهيوني في غزّة وفي الضفة وفي جنوب لبنان. هذا الاتحاد، وإن تفاوت دور مكوّناته في الشراكة مع “اسرائيل” بقتلنا، هو جمع لا يدين استباحة دمنا إلّا في الظروف التي تفرض عليه ذلك، ولا يرفّ له جفن أمام أشلاء أهلنا إلّا إذا اضطر إلى ادّعاء رفّة الجفن درءًا للشبهات! الشهداء في الطريق إلى زيارة مرقد الحاج قاسم هم شهداء على طريق القدس، وهل القدس سوى حبّة عين الحاج قاسم، وميزان الحق، ومقياس الشرف؟
حول العالم، استنكر كثيرون المجزرة، ومنهم من كان شريكًا مباشرًا أو غير مباشر في ارتكابها وفي التمهيد لها أو في ارتكاب مثيلات لها على اتساع أرض محور المقاومة. وهؤلاء أنفسهم سيصدرون بيانات استنكار مماثلة ربّما حين تقتصّ الجمهورية من الفاعلين وتكشف المحرضين وارتباطاتهم، وتستهجن إعدام من نفّذ اعتداء همجيًا بهذا الشكل..
معايير الغرب في الاستنكار والاستهجان ليست غريبة الأطوار أو متناقضة كما تبدو.. هي سياق كاذب واحد، سياق يُفعل خلاله كلّ ما بوسع الغرب من الأذى للجمهورية الإسلامية في إيران، فقط لأنها قوّة لا تخضع له، وتدعم حركات المقاومة ضدّ هيمنته في كل العالم.. مجزرة يوم أمس لا تنفصل عمّا يجري في غزّة والضفة ولبنان وسوريا؛ هو اعتداء يتماهى ويتكامل مع العدوانية الوحشية الممارسة ضدنا في كل بقعة من أرض محور المقاومة. ولذلك، شهداء كرمان هم شهداء على طريق القدس، هنيئًا لهم ما نالوا في يوم ذكرى حبيبهم وحبيب القدس!