شركات التأمين البحري تحصي خسائرها: كل دول العالم مَعنيّة بوقف الحرب!
العين برس/ تقرير
مريم السبلاني
ترتبط العمليات العسكرية اليمنيّة في البحر الأحمر بهدف يتعدى تشتيت جهد كيان الاحتلال بفتح مزيد من الجبهات والتأثير على موارده الاقتصادية، على رغم أهمية النقطتين في الضغط على المسؤولين الإسرائيليين لإنهاء الحرب. بل ان نقل المعركة إلى خارج حدود قطاع غزة والمنطقة الضيقة المحيطة به، لجعل كل دول العالم -دون استثناء- مَعنيّة بشكل مباشر بوقف إطلاق النار، هو الهدف الذي حققه اليمن بالفعل. وهذا ما بات يترجم بحركة الملاحة البحرية، وترصده شركات التأمين العالمية، ويقلق كبار المستثمرين الدوليين الذين يترقبون زيادة مستمرة بالتكاليف مع استمرار العدوان الإسرائيلي.
نتيجة النقطة الاستراتيجية المهمة التي تتركز فيها العمليات العسكرية اليمنية، وصل حجم التأثير إلى الأسواق العالمية. وإذا كانت بعض الدول، أصرت طيلة الفترة الماضية على اتباع سياسة النأي بالنفس من الحرب الهمجية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، حفاظاً على مصالحها، باتت اليوم مضطرة، ودون أي مناشدة دبلوماسية، إلى الضغط لتهدئة المنطقة وتجنيبها حرباً إقليمية وشيكة.
اذ أن السلطة التي تمتلكها اللوبيات الاقتصادية وجماعات الضغط في مختلف الدول، خاصة الرأسمالية منها، قادرة على التأثير في مسار القرارات السياسية قد تصل إلى العدول عن قرار الحرب أو “توريط” عاصمتها في مواجهة ما، ضد جماعة او ميليشيا او دولة، كانت تتجنبها، وتكثر الأمثلة على ذلك، تاريخياً.
تدرك صنعاء حقيقة هذا الأمر جيداً، كما الدول التي تربطها علاقة مباشرة بالصراع وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي لا تزال إلى حد اللحظة، تتبع سياسة “استيعاب” الضربات اليمنية، دون قيامها بالرد العسكري عليها. في حين ان شركات التأمين وكبار الموردين اتخذوا إجراءات “حمائية باهظة الثمن”، وفق حسابات العقل التجاري.
عادة، يُفرض على ناقلات النفط الكبيرة، التي تحمل ما يصل إلى 90 ألف طن متري من البضائع، رسوم أمنية إضافية قدرها 150 ألف دولار لكل رحلة من الشرق الأوسط والهند إلى أفريقيا.
وبحسب مسؤول تنفيذي لإحدى شركات التأمين، فإن الرسوم تختلف من ناقلة إلى أخرى، اعتمادًا على ملكيتها وحجمها وعمرها واستهلاك التمديد والقيمة والمدة الزمنية التي تقضيها في المنطقة عالية المخاطر. كما يتم تمرير هذه النسبة من قبل المالكين إلى المستأجرين على أساس التكاليف الفعلية المتكَبّدة.
وفقًا لتقييمات بلاتس – وهي وحدة تابعة لشركة S&P Global Commodity Insights – فإن أسعار الشحن الإجمالية للناقلات التي تعبر نقطة الاختناق منذ بدء الصراع، قد ارتفعت. حيث قفزت 43.5 وورلد سكيل (وهو نظام موحد لتحديد دفع سعر الشحن لشحنة ناقلة نفط معينة) إلى 84.5 وورلد سكيل في 1تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال المستأجرون في شمال آسيا وسنغافورة إن علاوة مخاطر الحرب الإضافية لرحلة واحدة من الخليج العربي إلى شمال آسيا يمكن أن تتراوح بين 5000 دولار إلى 60 ألف دولار لكل سبعة أيام مجتمعة. يتم إصدار فاتورة للمستأجرين لمدة سبعة أو 14 يومًا، اعتمادًا على الاتفاقية التي تختلف من سفينة إلى أخرى، وهناك مبلغ إضافي لكل 12-24 ساعة فوق هذه المدة يتم تحصيله على أساس تناسبي.
وأشارت شركة Dryad Global في أحدث تحذير لها بشأن “تهديدات الأمن البحري” إنه خلال الشهرين الماضيين، دفعت السفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية أو لديها روابط ملكية أو أعلام أو إدارة فنية في الكيان، رسوماً أعلى. ويقول أحد السماسرة في سنغافورة أن “الشركات الخاصة باتت تجري فحصاً دقيقاً للسفينة التي تريد استئجارها، للتحقق من عدم وجود أي روابط إسرائيلية بها”. وأضاف انه “حتى إذا كانت السفينة تحمل علماً آخر غير علم إسرائيل وتدار أو تملكها شركات مسجلة في مكان آخر ولكن لديها مستثمرين كبار أو كبار المسؤولين التنفيذيين من المواطنين الإسرائيليين، فإن المستأجرين سيبرمون صفقة صعبة للحصول على شحنة أقل أو عدم أخذها على الإطلاق”.
ورفض السماسرة وغيرهم من المسؤولين التنفيذيين في مجال الشحن الكشف عن مثل هذه الصفقات المخفضة لأنها تتم بشكل خاص، لكنهم قالوا إنها فرصة لتوفير التكاليف سيتجنبها معظمهم على الفور إذا تصاعد الصراع.
وذكرت الشركة في بيانها التحذيري ضرورة “التزام السفن التي ليس لها علاقة بإسرائيل ببقائها مرئية على AIS (نظام التعرف التلقائي) أثناء عبورها في البحر الأحمر”. مشددة على الاستجابة السريعة لأي “تهديدات ناشئة” في تلك المنطقة.
المصدر: موقع الخنادق