“فاقد الشيء لا يعطيه”، هذه المقولة تنطبق بحذافيرها على النظام السياسي الامريكي، ومن الخطأ ان نتوقع الحصول على شيء من امريكا التي تفتقد هي الى ذلك الشيء، فالعالم كان يتوقع موقفا انسانيا من امريكا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا، يتمثل برفع الحظر الظالم عن الشعب السوري، والسماح للدول الاخرى بتقديم المساعدات له، لا ان تلتف علی هذه المأساة الانسانية، عبر قرار مضلل وتحايلي تمثل بتجميد العقوبات الظالمة جزئياً وبشكل مؤقت فقط.
بات واضحا للجميع ان العقوبات التي تفرضها امريكا على النظام السوري، هي عقوبات تستهدف الشعب السوري بالتحديد، اطفالا ونساء وشيبا وشبابا، وليس هناك اي استثناء لمرضى او اطفال جوعى او عالقين تحت ركام الزلزل، او الملايين الذين يفترشون الارض ويلتحفون السماء في ظروف جوية قاسية.
من الخطأ القول ان امريكا سقطت اخلاقيا وانسانيا، لانها لم ترفع عقوباتها عن الشعب السوري، فأمريكا كانت ومازالت عارية من كل قيم انسانية، وتاريخها الدموي اكبر دليل على ذلك، فامريكا لها في كل بلد ضحايا، وخاصة في البلدان العربية والاسلامية، وكل ما فعله زلزال سوريا، هو كشفه جوانب اكبر من لؤم وخسة ودناءة امريكا.
امريكا التي تقتل اطفال سوريا عبر تجويعهم بالعقوبات والحصارات الظالمة، وتسرق نفط الشعب السوري، وتجند التكفيريين لذبحهم، وتمنع عنهم الدواء، فانها بالتأكيد لن يرف لها جفن، وهي تسمع تهشم عظام اطفال سوريا تحت انقاض البيوت التى هدّها الزلزال.
عندما لم يحرك هدم الصهاينة لبيوت الفلسطينيين على مدى 7 عقود، ضمير امريكا، فهل سيحركها هدم الزلزال لبيوت السوريين، وهي التي شاركت وبشكل مباشر الى جانب “اسراييل” والتكفيريين، بهدمها منذ اكثر من 11 عاما؟.
لا يحتاج المرء ليكون خبيرا اقتصاديا، ليدرك ان العقوبات المفروضة على سوريا، تستهدف الشعب السوري، انتقاما منه ومعاقبته وكسرا لشوكة مقاومته، لوقوفه الى جانب حكومته واحتضانه جيشه، كما هو الحال مع شعوب اليمن ولبنان وايران وفنزويلا و..، فالعقوبات تهشم عظام الشعوب كما تهشمها أنقاض البيوت الى تدمرها الزلازل، ولكن الشيء الذي لم تتعلمه امريكا من تاريخها الاجرامي، ان الشعوب قد تجوع وتعاني، الا انها لم ولن تستسلم، لانها تدرك جيدا ان الاستسلام لامريكا، هو اكثر وجعا من الجوع، وأشد وطأة من الموت.