من زهير أندراوس:
شهدت الساحة الإقليمية تطورات بارزة تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين سوريّة وجيرانها، مع تصاعد التوترات نتيجة الخلافات على موارد الطاقة في البحر الأبيض المتوسط، وفق ما نقلته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مسؤولين إسرائيليين وصفتهم بالمطلعين جدًا.
وتابعت الصحيفة، نقلاً عن المسؤولين ذاتهم، بأنّه في ظلّ النظام السوري الجديد بقيادة أبو محمد الجولاني، برزت قضية ترسيم الحدود مع لبنان إلى الواجهة، حيث تمت مناقشتها خلال زيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى دمشق الأسبوع الفائت.
ويعود الخلاف بين البلدين إلى عام 2011 بسبب تداخل المناطق البحرية المتنازع عليها، والتي تشير التقديرات إلى أنّها غنية بالنفط والغاز.
ورغم سنوات من تجاهل القضية، يتم حاليًا تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة هذا الملف المعقد، وسط مخاوف من تصاعد النزاعات مع تركيّا، التي أبدت رغبتها في التفاوض مع سوريّة بشأن حدودها البحرية.
وأضافت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّه: “في السنوات الأخيرة، لم تتعامل سوريّة ولبنان بشكل كبير مع القضية. كانت كلا الدولتين مشغولتين بمشاكل أخرى أكثر إلحاحًا، والتي استحوذت على معظم اهتمامهما، لكن تمّ نشر تصريحات بشأن الموضوع”.
علاوة على ذلك، شدّدّت الصحيفة العبريّة على أنّه عندما تمّ الإعلان عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في عام 2022، أعلن ميشيل عون، الذي كان حينها رئيس لبنان، أنّ الخطوة التالية يجب أنْ تكون شمالًا من هناك، أيْ على الحدود البحرية مع سوريّة. كما ذكر ميقاتي في يوم السبت، أنّ القضية لم تُحل بعد، ومن المتوقع أنْ تكون جزءًا من الحوار المستقبلي بين سوريّة ولبنان، طبقًا للصحيفة الإسرائيليّة.
على الجانب الآخر، أثارت التحركات التركية لترسيم حدودها البحرية مع سوريّة قلقًا إقليميًا، خاصة لدى اليونان ومصر.
فقد أعلن وزير النقل التركي، عبد القادر أورال أوغلو، في نهاية 2024 أنّ تركيا ترغب في التفاوض مع سوريّة بشأن ترسيم الحدود في البحر الأبيض المتوسط. وقال إنّ مثل هذا الاتفاق سيسهم في تعزيز تأثير الدولتين في استكشاف موارد الطاقة. وأضاف الوزير التركيّ قائلاً إنّ تقدم المفاوضات يتطلب استقرارًا سياسيًا في سوريّة، مؤكِّدًا في الوقت عينه على أنّ أيّ اتفاقٍ مستقبليٍّ سيكون “وفقًا للقانون الدوليّ”، طبقًا لأقواله.
بالإضافة إلى ذلك، تخشى أثينا من تأثير أيّ اتفاقٍ تركيٍّ-سوريٍّ على حقوقها البحرية، خاصة في جزر مثل قبرص وكريت، في ظلّ سابقة الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا عام 2019.
وردًا على ذلك، شهدت القاهرة قمة ثلاثية بين مصر واليونان وقبرص لتعزيز التعاون ومواجهة النفوذ التركي في المنطقة، بحسب الصحيفة.
ونقلت عن صحيفة (الأخبار) اللبنانيّة، أنّه وفقًا لمصادرها، تمّ الاتفاق في قمة مصريّةٍ-لبنانيّةٍ-يونانيّةٍ على أنّ مصر ستعمل في الأوساط العربيّة وفي اليونان وقبرص في الأوساط الأوروبيّة، لرفض أيّ محاولةٍ تركيّةٍ لتوقيع اتفاقٍ يتعلق بترسيم الحدود البحريّة الذي سيحظى باعترافٍ دوليٍّ.
وللمرّة الأولى، تحدّث الرئيس التركيّ، رجب طيب إردوغان، ومن ديار بكر، علنًا عن عملية “الحلّ” مع الأكراد، إذ قال أمام نواب كتلة “حزب العدالة والتنمية”، إنّ “الإرهاب الانفصاليّ الذي عمره نصف قرن، سيُدفن بكلّ أبعاده وعناصره في التاريخ”. وأضاف بكلّ وضوحٍ: “هدف كل الجهود الأخيرة واحد، وهو حلّ حزب العمال الكردستانيّ نفسه وتسليم سلاحه بلا قيد أوْ شرطٍ، وإعطاؤه فرصةً ليكون حزبًا سياسيًّا”.
في غضون ذلك، يواصل حكام دمشق الجدد مساعي فرض سيطرتهم على الجنوب، من خلال الحملات الأمنية التي تُشنّ تحت شعار ملاحقة (فلول النظام). وتأتي هذه التطورات في وقت أعلن فيه مرهف أبو قصرة، الذي بات يشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة بعدما كان القائد العسكري لـ (هيئة تحرير الشام)، رفض دمشق الموافقة على منح بعض الفصائل خصوصية طائفية أوْ دينية، في إشارة إلى مطالب فصائل في محافظتَي درعا والسويداء بـ “وضع خاص”، ورفضها تسليم الأسلحة.
وفي الوقت نفسه، تشير المعلومات إلى وجود نقاشٍ موسعٍ بين قادة الفصائل المحلية والمرجعيات الدينية في السويداء لتشكيل “جسمٍ عسكريٍّ موحدٍ”، على أنْ تعمل قيادته في وقتٍ لاحقٍ على مفاوضة دمشق على الانخراط في الجيش بشروط لا تمسّ هيكلية ما يمكن وصفه بـ “جيش السويداء”، أو “قوة حماية السويداء”، حين تشكيلها.
إلى ذلك، شدد تقرير حديث نشرته لجنة إسرائيلية، على أنّ تركيا أصبحت تشكل تهديدًا أمنيًا يجب أنْ يؤخذ في الحسبان ضمن استعدادات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للسنوات القادمة.
وأشار التقرير، الذي ترأسه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب ناجل، وجرى تقديمه الثلاثاء الماضي، بحسب صحيفة (معاريف) العبرية، إلى أنّ “التأثير المتزايد لتركيا في الأحداث في سوريّة، إلى جانب العداء المتزايد من قبل حكومة أردوغان تجاه إسرائيل، قد يشكل تحديًا جديدًا”.
رأي اليوم