حرب الدعاية والتضليل: كيف يحاول التحالف السعوديّ الإماراتي تبرير عدوانه على اليمن؟
العين برس/ مقالات
حسام باشا
منذ تسع سنوات، يشن التحالف السعوديّ الإماراتي حرباً ظالمة وغاشمة على الشعب اليمني، أَدَّت إلى مقتل وجرح عشرات آلاف المدنيين، وتشريد الملايين من منازلهم، وإحداث أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وفي مواجهة هذه المأساة، تظهر المقاومة الشعبيّة للعدوان بقوة وشجاعة، وتحقّق انتصارات مهمة على مختلف الجبهات، وأتثبت قدرتها على صناعة سلاحها وصواريخها وطائراتها المسيَّرة.
ولكن في ظل هذه المعادلة المتغيرة، لا يستسلم التحالف السعوديّ الإماراتي للواقع، بل يحاول تغطية فشله وجرائمه بحرب أُخرى، هي حرب الدعاية والتضليل، فهو يستخدم مصادر إعلامية مختلفة، سواء أكانت محلية أَو إقليمية أَو دولية، لنشر أخبار وتقارير وتحليلات غير صادقة أَو مزورة أَو منحازة عن الوضع في اليمن؛ بهَدفِ خداع الرأي العام، وتبرير حربه، والترويج لبروباغانديته.
فمنذ بدء العدوان على اليمن في 26 مارس 2015، اختار تحالف العدوان، من العاصمة الأمريكية واشنطن، اسم “عاصفة الحزم” للإشارة إلى حملته العسكرية، في محاولة لإظهار نفسه بصورة الدفاع عن شرعية حكومة هادي المستقيلة، وأمن المنطقة من التدخلات الإيرانية حسب زعمه، كما حاول تصوير الأوضاع في اليمن على أنها نزاع طائفي، رغم أن هذا التصور يغفل عن التاريخ والثقافة والدينامية السياسية والاجتماعية للشعب اليمني.
وفي محاولة لتشويه صورة المقاومة الشعبيّة للعدوان، اتهم التحالف أنصار الله بارتكاب انتهاكات حقوقية، مثل اختطاف المدنيين وإطلاق الصواريخ على المناطق السكنية، لكن هذه التهم باطلة ومضحكة، إذ أن أنصار الله هم من يدافعون عن حقوق شعبهم، ويحاربون ضد قوى غزو خارجية، ويستخدمون سلاحهم في إطار الردع والدفاع المشروع، كما أن التحالف لم يستطع إثبات اتّهاماته بأدلة موثوقة، بل استخدم صوراً وفيديوهات مفبركة أَو مسروقة من حروب أُخرى.
وللترويج لرسائله المضللة، استعان التحالف ببعض وسائل الإعلام المأجورة، مثل قناة “العربية” و”سكاي نيوز” وَ”الجزيرة” وَ”بي بي سي” و”سي إن إن”، وغيرها من القنوات التي تبث تقارير منحازة لصالحه، وتغض الطرف عن جرائمه، كذلك استغل نفوذه وثروته لكسب دعم أَو صمت دول ومنظمات دولية تجاه سياساته في اليمن، من خلال ممارسة ضغوط سياسية أَو اقتصادية عليها، فقد رشى التحالف بعض الدول بصفقات تجارية أَو عسكرية، لإقناعها بالانضمام إلى حربه أَو عدم انتقاده، كما مارس الضغوط على المبعوث الأممي لإضافة شروط جديدة أَو تغيير بنود قديمة في خطة السلام.
ومن بين وسائل الإعلام التي يستخدمها التحالف السعوديّ الإماراتي في حربه الدعائية والتضليلية، تبرز مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك ويوتيوب، التي يحاول التحالف من خلالها نشر رسائله المضللة، ومنع رسائل المقاومة الشعبيّة من الوصول إلى العالم، فهذه المواقع، التي تدعي أنها تحترم حرية التعبير والإعلام، هي في الحقيقة أدوات لخدمة المصالح السياسية والاقتصادية للدول الغربية، التي تدعم تحالف العدوان ضد الشعب اليمني.
فقد شاركت هذه المواقع في حملة تضييق وإغلاق على قنوات وصفحات وحسابات يمنية، تفضح حقائق عدوان التحالف على اليمن، وتبث شهادات المدنيين المنكوبين من الغارات والحصار، كما منعت هذه المواقع من نشر أي محتوى يتضمن اسم قائد ثورة الشعب اليمني، سماحة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، رغم أنه رمز للعزة والكرامة للشعب اليمني، واسم يثير رعب الأعداء ويزرع الأمل في قلوب المظلومين.
إن هذه الممارسات الجائرة، لا تأتي ضمن حرب التضليل والتزوير، وحسب، بل تشكل اعتداء على حقوقنا في حرية التعبير، وخنقاً لصوت الحقيقة التي نحملها، فلا داعي للاستخدام أَو التفاعل مع هذه المنصات، فهي لا تستحق إلا الحجب، حَيثُ لا تخدم قضيتنا بل تضر بها، فلنحجبها قبل أن تحجبنا، ولنغلقها قبل أن تغلق على حريتنا.
وفي هذا السياق، يلجأ التحالف السعوديّ الإماراتي إلى استخدام أدواته الاستخباراتية والأمنية لجمع معلومات وبيانات عن الواقع اليمني؛ بهَدفِ بناء استراتيجية للترويج والتزييف وتطبيقها، لكن هذه المحاولات لم تستطع أن تخفي حقيقة الضعف والفشل التي يعاني منها، بل كشفتها بشكل أكثر وضوحاً وبياناً، فالتحالف لم يستطع خداع الشعب اليمني المقاوم بمحاولاته المضللة والمزورة، بل على العكس، زادت من إصراره على مواصلة المقاومة والصمود.
اليوم يجد تحالف العدوان نفسه في مأزق عسكري وسياسي وإنساني لا مخرج منه، ويزداد تشابكاً وتعقيداً يوماً بعد يوم، فعلى الصعيد العسكري، واجه التحالف هزائم متلاحقة في مختلف الجبهات، خُصُوصاً في مأرب والجوف والضالع والحديدة، حَيثُ تقدمت القوات المسلحة مدعومة الإرادَة الشعبيّة بخطى ثابتة، واستهدف قواعد ومواقع التحالف بصواريخها وطائراتها المسيَّرة، وعلى الصعيد السياسي، يشهد التحالف تشظياً وانقساماً بين حلفائه، خُصُوصاً بين السعوديّة والإمارات، التي تتنافس على نفوذها في اليمن، وتدعم جماعات متناحرة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي والإصلاح ومرتزِقة طارق عفاش، وعلى الصعيد الإنساني، يتحمل التحالف مسؤولية كبيرة عن المجازر والأزمات التي يعاني منها الشعب اليمني.
ولذلك، فَــإنَّ على التحالف السعوديّ الإماراتي أن يتوقف عن حربه غير المشروعة على اليمن، وأن يرفع حصاره عنه، وأن يقبل بحل سلمي يستند إلى احترام سيادة الشعب اليمني، فلا خلاص للتحالف من مأزقه إلا بالرضوخ لمطالب صنعاء، والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع القيادة الثورية والسياسية في صنعاء، التي أبانت قدرتها في مواجهة عدوانه والحفاظ على سلامة أرض اليمن، مستندة إلى قوة الله سبحانه وتعالى، وإلى دعم شعبها المجاهد، الذي يخوض معارك عظيمة في جبهات متنوعة، ويرفض أن يستسلم للغزو أَو يخضع للإذلال، ويبرز أمثلة مذهلة في المقاومة والصمود.