جـــذور الحقــد السعـــودي – الإمــاراتي

جـــذور الحقــد السعـــودي - الإمــاراتي

جـــذور الحقــد السعـــودي – الإمــاراتي

العين برس/ تقرير

ما تزال طبيعة العلاقة بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان مدار نقاش، في أسباب دعم بن زايد لوصول بن سلمان والمصالح المتبادلة بين الطرفين، التي جعلت الأول يدعم بن سلمان في “انقلابه” ضد اعمامه وأبناء عمومته واعتقالهم ونهب أموالهم بمزاعم محاربة الفساد، بل وتعذيبهم.

وفي هذا الإطار، يتساءل الكاتب محمد الوليدي عن ما يصفها بـ”المغامرة الخطيرة”، مرجحا أن يكون بن زايد يريد من حليفه الجديد مقابل دعمه، “سحب اتفاقية جدة عام 1974 واستعادة حقل الشيبة الذي انتزع من الإمارات بالقوة، ومن ثم “رسميا” عبر تلك الاتفاقية التي وقعها زايد بالقوة، حتى انه حين رفض التوقيع تم الاعتداء عليه بالضرب مما سبب جرحا عميقا له رافقه حتى موته، ولا زال غائرا في صدور اولاده من بعده”، مشيرا إلى أهمية الحقل النفطي، باعتباره اكبر ثالث حقل نفط على وجه الأرض “نشل من بين أيديهم من الأخ الاكبر في لحظة ضعف”.

وتطرق الكاتب في مادته المعنونة “الحقد السعودي – الاماراتي والقشة التي قصمت ظهر محمد بن زايد”، إلى أطماع محمد بن زايدمن دعمه لإبن سلمان منها “مطالبة السعودية بالانسحاب من الشريط البري الذي عزل الإمارات عن قطر، وربما باستعادة جزيرة الحياصات الاماراتية والتي استولت عليها السعودية في تلك المعاهدة.

واعتبر الكاتب أن ابن زايد فشل في الحصول على أي من مطامعه، ” بل وضع ابن سلمان لاول مرة بعض المعدات العسكرية في جزيرة الحياصات تاكيدا على ملكيتها وربما لهدف آخر.” وتابع الوليدي ” حين رفض ابن سلمان من خلال أوبك بلس ان يتسامح مع حليفه محمد بن زايد في زيادة كمية النفط الذي يود إنتاجها من خلال الحصص التي تقاسمها أعضاء أوبك بلس، غضب ابن زايدا، لذا كانت ردة فعله الجريئة في مواجهة “الأخ الاكبر”، حين احس لأول مرة انه عاد بخفي حنين بعد مغامرته القاتلة، وما كان ليفعلها لو لم يكن حسب اعتقاده انه صار محميا بحكم علاقته مع الكيان الصهيوني.”

وذكر أنه ” في عام 2009 عندما انسحبت الإمارات من مشروع الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي لرفض السعودية اختيارها مركزا للمصرف الخليجي المركزي المستقبلي، ردت السعودية بعدة إجراءات عقابية كادت ان تصل لحرب، حينها قال محمد بن زايد لأحد المسؤولين الأمريكيين بمرارة: انظر ماذا يفعل بنا جارنا الكبير ..هذا حاله دوما معنا ومع كل دول الخليج عند كل خلاف.. وقال لمسؤول أمريكي آخر: ايران هي عدونا الأول ولكن تعلم من هو عدونا الثاني؟ انها السعودية! كان المسؤول الأمريكي يتوقع ان يقول إسرائيل”.

وبيّن أن هذا العداء لم يكن نابعا من أحداث هذه العقود، “بل يذهب بعيدا لغزوات الوهابيين على الساحل، او كما قال محمد بن زايد للمسؤولين الأمريكيين: “خضنا ٥٧ معركة خلال آخر 250 عاما لصد محاولات السعوديين احتلال الإمارات” يقصد امارات الساحل غير المتحدة، وفي كل الأحوال كانت هذه الغزوات خاطفة هدفها السلب.”

ولكن الخطر الاكبر، بحسب الوليدي، “حدث حين اكتشف خبراء شركة أرامكو في آخر الأربعينات من القرن الماضي كميات نفط هائلة في منطقة زرارة الإماراتية (حقل الشيبة حاليا)، فطلبت أرامكو من الامير فيصل بن عبدالعزيز ان يحوز على هذه المنطقة بأي ثمن مقابل اقتسام ناتج الحقل مناصفة ما بين أرامكو ووالده الملك عبدالعزيز.”

تاريخ الحقد السعودي الإماراتي يلفت الكاتب إلى محاولات فيصل الدؤوبة للحصول على المنطقة بطرق ملتوية، “حتى انه في عام 1952 عرض على الشيخ زايد والذي كانت المنطقة تحت سيطرته نيابة عن أخيه الشيخ شخبوط، رشوة بلغت 42 مليون دولار وهي التي سجلت في كتاب جينيس للأرقام كاكبر رشوة معروضة، مع سيارة حديثة وثلاث مسدسات كهدية من “عبد الله القرشي”، مع ان الرشوة بلغت في بداية السبعينات من القرن الماضي حتى 100 مليون دولار، والتي رفضت كما سابقتها.” وتابع ” في عام 1955 قامت قوات بريطانية وعمانية وقوات تابعة لإمارة ابو ظبي بطرد القوات السعودية التي سيطرت على المنطقة في وقت سابق.

وفي عام 1968 عندما اعلنت بريطانيا عن نهاية معاهداتها مع الساحل المتصالح، عاد الامير فيصل وانقض عليها من جديد واحتلها معتبرا اياها أرضا سعودية. مما أدى لخلاف بريطاني أمريكي نيابة عن شركاتها النفطية في الطرفين أدى الى رفع القضية برمتها للمحكمة الدولية والتي لم تصل لنتيجة نهائية ( لأسباب سياسية) وان مالت لصالح الطرف الاماراتي”.

ويضيف الكاتب ” عندما تم توحيد الإمارات عام 1971 رفضت السعودية الاعتراف بها الا بعد تصفية كل القضايا العالقة التي كان الملك فيصل يريد حلها، ومن بينها تسليم الجزر الثلاث: ابو موسى وطنب الكبرى والصغرى لشاه ايران، مقابل تنازله عن المطالبة بالبحرين، ولأن هذه الجزر تمتلكها القواسم أعداء حكام ابو ظبي التقليديين، فلم يلق هذا الطلب اعتراضا. ولكن كان الاعتراض على مطالبة السعوديين بما كان تحت ملكية ابوظبي، والذي استطاع الملك فيصل انتزاعه بالقوة عبر اتفاقية جدة عام 1974″.

واعتبر الوليدي أن النظام السعودي ترك الاتفاقية طي الكتمان خوفا من أن تكشف حادثة الاعتداء على موقعها، ويوضح أنه في العام 1993 سلم النظام السعودي الاتفاقية إلى الأمم المتحدة مع الخرائط واستلمتها كما تستلم أي وثيقة. وأكد أن النظام السعودي يوهم الإمارات تسجيل الاتفاقية في الأمم المتحدة واعتبارها نافذة.

وأفاد الكاتب إلى أن الإمارات رفضت، تاريخيا، العديد من نقاط الاتفاقية، “ولكن في عام 2005 رفضتها بالكامل، بعد ان رفضت السعودية أقامة الجسر الذي كانت تزمع الإمارات إقامته ما بينها وبين قطر.

وهو الجسر الذي اعدت الحكومة الاماراتية 27 خطة من اجل الرد على الرفض السعودي، اولها التحكيم الدولي وآخرها الحرب، كما ذكر السفير الامارتي يوسف العتيبة للجنرال الأمريكي جون ابي زيد. (ويكليكس 25 تموز 2005)، من بينها ما ذكره احد مستشاري محمد بن زايد، عبدالله بن راشد النعيمي لأحد المسؤولين الأمريكيين من ان الإمارات قد تسحب قواتها من حفر الباطن وهي قوة من ضمن القوات التابعة لمجلس التعاون الخليجي المرابطة في حفر الباطن من اجل حماية السعودية من أي غزو عراقي محتمل، بالطبع لم نر شيئا من هذا ولا ذاك. ويشير الكاتب إلى مزاعم “السعودية” بأن الجسر يتعارض مع اتفاقية جدة ،

ويسرد أنه “عام 1974 حين سأل الامارتيون كيف يتعارض معها والجسر سيعبر فوق مياه الشريط البري الفاصل ما بين الإمارات وقطر، فرد السعوديون: “بر الشريط وبحره لنا”، والعجيب ان اتفاقية جدة 1974 تذكر ذلك بتفصيل غريب تقول فيه: لكم المياه وما في جوفها ولنا الأجواء فوقها، وبهذا يكون أول من خطط لعزل و”حصار” قطر وفصلها حدوديا عن الإمارات هو الملك فيصل بن عبد العزيز، وقد قالها محمد بن زايد للجنرال ابي زيد عام 2005 صراحة: السعودية لا تريد من جيرانها في دول الخليج ان تتواصل من خلال حدود لتظل ضعيفة تحت قبضتها”.

ماذا بعد ؟ أشار الوليدي إلى محاولات الإمارات لحل إشكالية الجسر، وكان آخرها “اجتماع محمد بن زايد مع محمد بن نايف في المغرب والذي فشل فشلا ذريعا، ولعل فشل هذا الاجتماع احد اهم الأسباب التي دفعت محمد بن زايد لدعم محمد بن سلمان في تذويب ابن عمه محمد بن نايف.”

واستشهد بما قاله محمد بن زايد عام 2008 لقائد عمليات الأسطول الأميركي جاري ريجهد ” لن تضعفنا تهديداتهم ساركز على هزيمة عدوي حتى يفكر مرتين قبل الاعتداء علينا اننا لدينا رؤية كي نصبح امة رغم المخاطر التي تشكلها لنا المجتمعات ذات القيادة الهرمة” يقصد السعودية. (ويكليكس 21 نيسان 2008) وختم مقاله بالقول “من خلال معرفتي بتاريخهم ونفسياتهم في أحداث عديدة، اجزم ان السعودية لا يمكن أن تتخلى عن حقل شيبة ولا عن شريط خور العيديد، وفي نفس الوقت لن يغفر لهم حكام الإمارات ابدا هذا الحق المغتصب”.

مرآة الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *