توضيح قبرصي غير كافٍ: لا سيادة لنا على القواعد البريطانية
العين برس/ تقرير
لم تتوقّف أصداء التحذير الذي وجّهه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى قبرص في كلمته الأخيرة، بأنها ستكون في عين أي حرب يشنّها العدو على لبنان وتُستخدم فيها قواعد ومطارات الجزيرة. ولليوم التالي، واصلت الحكومة القبرصية تقديم توضيحات تركّز على أنها غير متورطة في أي صراعات عسكرية وستظل كذلك، وأن المسؤولين القبارصة لا يسمحون بأن تكون بلدهم منصة لاستهداف دولة أخرى.وعلمت «الأخبار» أن خطاب نصرالله تزامن مع زيارة وفد من المخابرات القبرصية برئاسة نائب مدير الاستخبارات القبرصية إلى بيروت، ومواعيد محدّدة مسبقاً مع مديرية المخابرات في الجيش لبحث موضوع الهجرة غير الشرعية حصراً. لكنّ الوفد، عاد وطلب مقابلة المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وبحث معه تصريحات نصرالله.
وكرّر الوفد للبيسري موقف بلاده بعدم السماح «لأي دولة باستخدام أراضيها وقواعدها الجوية لتهديد لبنان، وأنه لا صحة على الإطلاق لوجود قرار بوقف منح اللبنانيين تأشيرات لدخول الجزيرة». وأشار الوفد إلى «وجود قاعدتين بريطانيتين على الجزيرة لا تخضعان لسيادة الحكومة القبرصية».
وفي بيروت، قالت مصادر رفيعة المستوى إن «المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة التي لم تقدم على أي خطوة دبلوماسية تُعبّر عن موقف لبنان من المناورات التي أجراها الجيش الإسرائيلي في مدينة بافوس (على الساحل الجنوبي الغربي لقبرص) استعداداً لـحرب مع لبنان، علماً أن المناورات جرت مرتين». واعتبرت المصادر أن «الإهمال الرسمي لهذا الملف، هو ما دفع بنصرالله إلى إعلان هذا الموقف للمرة الأولى». وأكدت المصادر أن أي اتصال لم يحصل بين القبارصة وحزب الله منذ التصريحات، برغم أن العلاقات قائمة بين الجانبين.
وجاءت الاتصالات الخاصة بالملف القبرصي بالتزامن مع تحذيرات إضافية من إمكانية نشوب حرب كبيرة، كان آخرها على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي شدّد أمس على أنه «يجب ألا يصبح لبنان غزة أخرى» مندّداً بما وصفه بـ«الخطاب العدائي» لإسرائيل وحزب الله الذي يثير مخاوف من كارثة لا يمكن تصورها. وتابع أنه «يشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، مضيفاً أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تعمل على تهدئة الوضع ومنع التقديرات الخاطئة». بينما نقلت هيئة البث الإسرائيلية أمس أن «إسرائيل ستُعلن هزيمة حماس واحتمال توسيع المواجهة مع لبنان».
الشيوعي القبرصي يحذّر
وظلّ تحذير نصرالله، يتفاعل في قبرص. فبعد رئيس الدولة والمتحدث باسم الحكومة، أعاد وزير الخارجية كونستانتينوس كومبوس، أمس، التأكيد أن «قبرص ليست منخرطة في أي عمليات عسكرية يُمكن أن تُبرّر مثل هذه التهديدات». وقال إن «التهديدات لا أساس لها من الصحة. لقد عملنا بنشاط منذ أشهر لتقديم الدعم لأهل غزة، بالتعاون مع مختلف الدول والأمم المتحدة. لذلك نحن مندهشون بنفس القدر من مزاعم نصرالله، لأنها لا علاقة لها بتصرفات قبرص أو مبادئها».
وأوضح الوزير أن حكومته اتخذت جميع الإجراءات الدبلوماسية اللازمة لمعالجة الوضع، مشيراً إلى الدعم والتضامن اللذين عبّرت عنهما «السلطات اللبنانية والاتحاد الأوروبي واليونان والولايات المتحدة ودول أخرى»، وفق صحيفة «CyprusMail» الناطقة بالإنكليزية. وفي هذا السياق، قال مصدر قبرصي لـ«رويترز» إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصل بالرئيس القبرصي لـ«شكره على ردّه الدبلوماسي المُعتدل»، مشيراً إلى أن ميقاتي خاطبه بكلمة «صديقي العزيز».
وفد أمني قبرصي زار بيروت نافياً وقف التأشيرات، ولا اجتماعات بينه وبين حزب الله
وعكس تقرير لوكالة «رويترز» مزاج الشارع، ونقل عن قبارصة ومقيمين على الجزيرة أنهم شعروا بالقلق بعد تهديد نصرالله، معتبرين أن لا شأن لهم بالحرب الدائرة شرق قبرص، ولا يريدون أن تطاولهم. فيما صدر موقف لافت عن الحزب الشيوعي المعارض، ثاني أكبر حزب في الجزيرة، الذي شدّد على وجوب أن تكون قبرص «جسراً للسلام والتعاون، وليس قاعدة حرب أو ساحة تدريب لأي جيوش أجنبية» وأضاف: «إن نضال قبرص يهدف إلى التخلص من الجيوش الأجنبية في جزيرتنا، وأي وجود عسكري أجنبي في الجزيرة لا يُضيف الأمن إلى شعبنا، بل يزيد المخاطر والأعداء». وأكد الحزب الشيوعي أن «من واجب قبرص ومصلحتها ألّا يكون لها أي نوع من التّورط في خطط إثارة الحرب التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية وحلفاؤها»، مطالباً بـ«موقف حازم تجاه المملكة المتحدة في ما يتعلق بمشاركة القواعد البريطانية في العمليات العسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي يُضاعف المخاطر التي يتعرض لها شعبنا».
العدو يؤكد التعاون العسكري
من جانبه، لم يبادر العدو إلى أي خطوة لتخفيف الإحراج عن حكومة قبرص، ونشرت وسائل إعلام ما يمكن اعتباره تأكيداً للمخاوف التي عبّر عنها حزب الله. ونقلت القناة 13 عن موشيه شلومنسكي، وهو مسؤول سابق عن إذاعة جيش الاحتلال قوله: «نتيجة تجربتي الطويلة، نصرالله لم يتحدث عبثاً في موضوع قبرص فهو يدرك شيئاً ما وكلامه دائماً يستند إلى أدلة وهو يعرف عن ماذا يتحدث».
وفي تقرير قدّمه أور هيلر، المراسل العسكري للقناة نفسها، جرى الحديث عن «تحالف استراتيجي قام في السنوات الأخيرة مع قبرص واليونان، وهي دول تقع مقابل لبنان وسوريا، وقد أجرى الجيش الإسرائيلي مرات عدة وبشكل علني مناورة على احتلال قبرص بآلاف جنود الجيش الإسرائيلي والطائرات والسفن والقوات الخاصة في محاكاة لحرب ضد لبنان، وفي شهر أيار من العام الفائت أجريت مناورة (سماء زرقاء) في قبرص كانت تحاكي هجوماً في العمق اللبناني، بالإضافة إلى ذلك فإن الموساد والشاباك لديهما علاقة وثيقة جداً مع الاستخبارات القبرصية».
المصدر: الاخبار اللبنانبة