توجّس من الصواريخ الاستراتيجية.. كيف خفّض الميدان شروط “هوكستين”؟
الين برس/ تقرير
الكاتب: عبد الله ذبيان
لم تطل “نشوة النصر” التي تبجّح بها الاحتلال مؤخراً بعد ضرباته التي استهدفت قيادات للمقاومة وعلى رأسهم الشهيد القائد السيد حسن نصر الله، فهذه “النشوة” سرعان ما اصطدمت بواقع الميدان في الشمال، وما يفرضه من معادلات ردع قاسية على الاحتلال وما تكبّده من خسائر فادحة في الأرواح والآليات، ناهيك بعجزه عن التسلل إلى مناطق جنوب لبنان رغم أسابيع على انطلاق عمليته البرية. وفي وقتٍ اعتبر فيه المراهنون أن استشهاد سيّد الشهداء، ومن معه سيكون ضربة قاضية قاصمة، وظنّ الاحتلال من خلال أحابيله الدنيئة وحربه القذرة أن حزب الله سينهار، إلا أنه غاب عنهم في غِمار نشوتهم أن المقاومة مؤسسة منظمة متراصة، وأن روح القائد الأممي الأيقونة تسري في دم كل مقاتل من أهل المقاومة.
“على العدو ومن يقف خلفه أن ينتظرا ردّنا الآتي حتماً إن شاء الله وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان”، هذه هي المعادلة التي أرساها السيد نصر الله في ذكرى استشهاد القائد فؤاد شكر، ومن وحيها يستلهم مجاهدو المقاومة العبرة، كما تجلى في رسالتهم الأخيرة للبنانيين.
الإطلالة المفصلية للشيخ قاسم
في منتصف الشهر الحالي، أطل نائب الأمين العام لحزب الله قبل أن ينتخب أميناً عاماً الشيخ نعيم قاسم معلناً بدء مُعادلة إيلام العدو.. مؤكداً أننا “نحن من سيمسك رسنه ويُعيده إلى الحظيرة”.
وفي كلامٍ يبلسم جراحات جمهور المقاومة أعلن أمام القاصي والداني أن “حزب الله استعاد عافيته ورمّم قيادته التنظيمية، بحيث لا يوجد مكان شاغر”، مشدداً على أنّ “الحزب قوي، والميدان يشهد”.
إطلالة الشيخ قاسم الذي توافق مجلس الشورى على انتخابه أميناً عامّاً للحزب أمس الثلاثاء، رسّخت مقولة أن الكلمة في الميدان للمقاومين، وغدت المفاوضات تسير على وقع الضربات التي يتلقّاها ضباط وجنود الاحتلال ، والصواريخ والمسيّرات التي تدكّ المقارّ العسكرية والمستوطنات.
ملاعب للميادين نت: حزب الله نظّم صفوفه وحمى جسمه العسكري
الكاتب والمحلل السياسي عامر ملاعب يقول عبر “الميادين نت “، “إن المقاومة استطاعت أن تتجاوز الخرق الكبير الذي أصاب جسمها منذ خرق البيجر وما بعده لا بل تمكّنت من استعادة أنفاسها واستيعاب الضربة الكبرى”.
أمّا عسكرياً، “فيمكن ملاحظة أن حزب الله هو تنظيم مرِن استطاع أن يتجاوز استشهاد قادته بشكلٍ سريع جداً، وتمكّن من إعادة هيكلة قيادته وتنظيم صفوفه وحماية الجسم العسكري بالدرجة الأولى وحماية الجسم السياسي بشكل ٍكبير وحماية جمهوره إلى حد كبير، واستطاع أيضاً ردّ الاعتداء عبر سلسلة الضربات المتتالية التي يتلقّاها الاحتلال على الجبهة وبالعمق المحتل”.
اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: الشمال يحترق.. لكن اجتياح لبنان لن يحل شيئاً وسيكلفنا كثيراً
ويضيف “من حيث الجبهة، يحكى عن 5 ألوية للاحتلال تحاول الدخول إلى الأراضي اللبنانية، لكنها لم تتمكّن من الدخول إلا بضعة أمتار على قاعدة التصوير والهروب. ولم تتمكّن من التثبيت في أيٍّ من النقاط التي دخلتها، وهذا يعدّ إنجازاً كبيراً جداً للمقاومة التي استطاعت أن ترد العدوان وسط حرب ضروس جداً وفارق كبير في نوعية الأسلحة والإمكانات المادية واللوجستية التي يملكها الاحتلال مقابل المقاومة”.
ويعقّب “استطاعت المقاومة أن تثبت وتردّ العدوان لا بل أن تكبّد العدو خسائر كبيرة جداً”.
إعلام الاحتلال: نتلقّى الكارثة تلو الكارثة
والجدير بالذكر، بحسب المحلل “أن قوة النار الإسرائيلية الهائلة والتكنولوجيا الغربية المعقّدة، لم تمنع مسيّرة المقاومة من الوصول إلى منزل نتنياهو في “قيسارية”.
القضية تأتي زمنياً ضمن معادلات الميدان، إذاً تعيش “إسرائيل” من أخمصها المأزوم حتى رأسها الموتور قلقاً، تعكسه المواقف الداخلية والإعلام الإسرائيلي، الذي يتحدث عن صعوبة التصدي لقصف المقارّ ومراكز القيادة الاستراتيجية، وبالتالي عدم القدرة على إعادة مستوطني الشمال”، يضيف ملاعب.
ولعل أهم العبارات التي تشي بقوة وثبات حزب المقاومة، ما قالته القناة 12 الإسرائيلية أننا “لا نأخذ نفسَاً، ونتلقّى الكارثة تلو الكارثة”.
الاحتلال لم يتمكّن من إحكام السيطرة
وكانت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية،أكدت في وقت سابق أن “جيش الاحتلال لم يتمكّن من إحكام السيطرة أو احتلال أي قرية بشكل كامل من قرى الحافّة الأماميّة، وأنه منذ بدء التصدّي البري سقط للاحتلال 90 قتيلاً وأكثر من 750 جريحاً من ضباطه وجنوده”.
وفي الوقت عينه، أعلنت الغرفة أن القوة الجوية تواصل إطلاق المسيّرات إلى عمق وصل إلى 145 كلم حتى الضواحي الجنوبية لـ “تل أبيب”، فضلاً عن تحذير المقاومة (وبالعبرية) بإخلاء 25 مستوطنة إسرائيلية في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لماذا لم تستخدم المقاومة الصواريخ الاستراتيجية بعد؟
في السياق، يذكّر النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني علي فياض للميادين أن “المقاومة في محطات متفاوتة استخدمت الصواريخ البالستية وهي لا تستهلك مخزونها الاستراتيجي”.
و المقاومة صرّحت علناً أنها تكسب بالنقاط، لأن الضربة القاضية غير ممكنة، وكان هذا أول تصريح لسيد الشهداء خلال عملية “طوفان الأقصى”.
الميدان خفّض شروط هوكستين
أكد موقع “أكسيوس” الأميركي أنه من المقرر وصول مستشارين كبيرين للرئيس بايدن إلى “إسرائيل” الخميس لمحاولة التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب في لبنان، وفقاً لثلاثة مصادر مطلعة.
ووفقاً للموقع، يرى مسؤولون إسرائيليون وأميركيون أن التوصل إلى اتفاق من شأنه أن ينهي القتال في غضون أسابيع قليلة أمر ممكن.
مع كل ما تقدّم يقول ملاعب في جواب عن سؤال الميادين نت إن “الميدان سيعكس وضعه على السياسة. وقيل في بداية الحرب إن عاموس هوكستين المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط أقفل الخط باتجاه أيّ اتصال لبناني حتى من حلفائه والمقرّبين منه وسعى إلى إرهاب نفسيّ عبر الضغط على القيادات اللبنانية بقوله إن حزب الله قد انتهى”!
ويكمل “بعد تغيّر الميدان بدأ هوكستين يخفض من سقف الشروط وإن بقيت شروطه قاسية جداً وهي فرض استسلام على المقاومة والدولة، لكن الإنجازات التي قامت بها المقاومة فرضت عليه وعلى إدارته إعادة الحسابات.
النزول عن الشجرة!
ويشرح أن “النزول عن الشجرة”، بدأ يتجلّى والإعلام الإسرائيلي عبّر عن ذلك في اليومين المنصرمين، وهو يأتي على وقع الصمود البطولي والضربات النوعية للمقاومة وهاجس الرعب من ترسانة الصواريخ البالستية والاستراتيجية لديه، هوكستين يتراجع، رغم تصريحاتٍ عالية السقف أحياناً وهي “لزوم الشغل” له كمبعوثٍ أميركي”.
واليوم الأربعاء، تحدّث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “إسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، عن ضرورة “الانشغال بوقف إطلاق نار في الشمال، على أنّ ذلك ليس أمراً نظرياً، بل لعدم الغرق في المستنقع اللبناني”.
صمود المقاومة يحتاج إلى دعم داخلي
“بنك الأهداف التابع للاحتلال نفد، ولم تعد لديه أهداف عسكرية. وبالتالي نحن نعيش معركة عضّ أصابع تحتاج إلى تحمّلٍ كبير جداً من المقاومة وأهلها، ومن الدولة اللبنانية، فالمعركة معركة إرادات على ما يبدو”، يقول ملاعب.
وينهي قائلاً “الصمود يحتاج إلى دعم من مختلف الجهات الداخلية والقوى السياسية، مؤكداً نجاح حزب الله وقاعدته الشعبية في الصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، وهو ما سيضع نهاية لهذا العدوان”.
المصدر: الميادين نت