تصريحات بايدن والفشل الصهيوني
العين برس/ تقرير
لم تأتِ تصريحات الرئيس الاميركي جو بايدن امس حول بدء فقدان “اسرائيل” دعم المجتمع الدولي في حربها الحالية وضرورة اجراء نتنياهو تغييرات بحكومته، لم تأت لتعبّر عن تخفيض الدعم الاميركي العسكري والسياسي في الحرب ولا غضبا اميركيا من المجازر الصهيونية ولا حرصا على الانسانية والاطفال والنساء لانها كانت ولا تزال داعمة ومغطية لهذا الاجرام وتمد الكيان بالاسلحة والقنابل الفتاكة، بل جاءت لتعبر عن جملة امور لعل ابرزها فشل اهداف الحرب الاميركية الصهيونية على قطاع غزة وغرق الجيش الصهيوني المتزايد في القطاع امام المقاومين.
نتنياهو وبايدن
يمكن النظر الى موقف الادارة الاميركية الاخير انطلاقا من الاسباب التالية:
– الحرص في واشنطن على الكيان الصهيوني من عدم الغرق اكثر في وحول الحرب وانعكاس ذلك سلبا على واقع ومستقبل الكيان امنيا واجتماعيا واقتصاديا، مما يحتم بدء البحث عن كيفية “انزال القادة الصهاينة عن شجرة” الحرب
– الاحباط في ادارة بايدن من عدم تحقيق الجيش الصهيوني انجازا يذكر ضد المقاومين رغم كل الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي الاميركي وتزايد خسائره
– الرأي العام العالمي يزداد ضغطا وتاثيرا للمطالبة بوقف الحرب لاسباب انسانية
– حرج الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني من كثرة مشاهد القتل والمجازر التي حصلت وتحصل في غزة وصعوبة الاستمرار في تغطيتها
– عدم رغبة اميركية -ربما- في توسع الصراع واشتداد الجبهات اكثر تخوفا من انعكاس ذلك على امن ومستقبل الكيان
– حرص الادارة الاميركية على عدم تأثر بايدن سياسيا وشعبيا وانتخابيا في الداخل الاميركي من تزايد الفشل الصهيوني ومن الجرائم المرتكبة
– معرفة الادارة الاميركية ان نتنياهو يريد كسب المزيد من الوقت لحماية نفسه من المحاسبة والسخط الداخلي وحرصا على مصلحته الشخصية وليس مصلحة الكيان او الاسرى الصهاينة او الجيش الفاشل
– تخوف اميركي من استمرار السياسات المتطرفة والمستفزة في حكومات العدو بما ينعكس سلبا على امن الكيان وهو ما كان فعلا احد اسباب عملية طوفان الاقصى التاريخية، والحرص الاميركي ولو كذبا على ادعاء الحرص على حل سلمي للصراع املا في تخفيف المخاطر على الكيان الصهيوني.
غزة
وكان قال بايدن، خلال فعّاليةٍ لِجمعِ التمويلِ لِحملتِه الانتخابيةِ في واشنطن، إِنَّ إسرائيلَ بَدأت تَفقِد دعمَ المجتمعِ الدَّوليِّ داعياً نتنياهو لِلقيامِ بِتغييرِ حكومتِهِ المُتشدِّدَة كما وَصَفها. واعتَبر الرئيسُ الاَميركيُّ أنَّ نتنياهو لا يَستطيعُ أن يَقولَ لا لِدولةٍ فلسطينيةٍ في المُستقبل، ورأى أنَّ ما وَصَفَها بِـ”سلامةِ الشعبِ اليَهوديِّ” بَاتَت على المِحَكِّ حَرْفيّاً.كما اضاف ، علينا أن نوحد الإسرائيليين بطريقة تقود إلى اختيارهم حل الدولتين، مشيراً إلى أن وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، ورفاقه لا يريدون أي شيء له علاقة بحل الدولتين ويريدون فقط الانتقام مما فعلته حماس.
ردود صهيونية
وفي الردود الصهيونية على كلام بايدن قال وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو، شلومو قارعي، إنه «لن تكون هناك دولة فلسطينية هنا، ولن نعود أبداً إلى أوسلو»، معتبراً أن «الدولة الفلسطينية هي ما سيعرّض أمن الشعب اليهودي للخطر».
ورأى عضو «كابينت الحرب»، جدعون ساعر، بدوره، أنه «من المهمّ الحفاظ على حكومة الطوارئ في فترة الحرب»، محذّراً من أن «تفكيكها يفيد حماس وحزب الله وإيران».
التعليقات الصحفية الاميركية والصهيونية
مبنى صحيفة نيويورك تايمز
وفي التعليقات الصحفية الاميركية والصهيونية أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن «نتنياهو رفض الرؤية الأميركية لمرحلة ما بعد الحرب»، متابعةً أنه «حتى الآن دعمت الولايات المتحدة، إسرائيل، سواء في العمل أو في الخطاب، لكن يبدو أن هذا الدعم القوي قد تراجع اليوم». ولفتت إلى أن «الحكومة الإسرائيلية تواجه إدانات متزايدة من جميع أنحاء العالم، وحتى اليوم كان المسؤولون الأميركيون هم الاستثناء».
ومن جهتها، رأت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن «رفض نتنياهو لعب السلطة الفلسطينية أي دور في غزة يهدف إلى المساعدة في تعزيز وضعه الداخلي المتدهور».
واعتبرت صحيفة «هآرتس» أن «الإسرائيليين سئموا نتنياهو، لكنه يتشبث بالحكم ويقسم البلاد في وقت الحرب ويعرض التحالف مع واشنطن للخطر».
يديعوت
وقال المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، بأن مسؤولين كبارا في إدارة بايدن تداولوا بشكل معمق، خلال نهاية الأسبوع الماضي، في ما إذا ينبغي الاستمرار في تزويد “إسرائيل” بالذخيرة والعتاد العسكري الذي تطلبه من أجل الحرب على غزة. وأضاف أن الآراء في هذه المداولات كانت منقسمة، لكن برز فيها “الاشمئزاز تجاه نتنياهو وحكومته”.
وحسب برنياع، فإن بايدن عبّر بأقواله، أمس، عن “الإحباط في البيت الأبيض”، وأنه ردد ما يقوله مستشاويه في محادثات داخلية حول فقدان إسرائيل التأييد الدولي. واعتبر أن هذا يعني أنه “ليس مؤكدا أنه في التصويت المقبل في مجلس الأمن ستستخدم أميركا الفيتو”.
وأشار برنياع إلى أنه لأن هذه الأمور تأتي خلال سنة الانتخابات الأميركية، ووجود معارضة داخل فئات في الحزب الديمقراطي للحرب على غزة ودعم بايدن لإسرائيل والاعتداءات في الضفة، فإن الشؤون الإسرائيلية الداخلية باتت “شأنا داخليا أميركيا”.
ورأى برنياع ومحللون إسرائيليون آخرون، أن رفض نتنياهو طلب بايدن بحث الوضع في غزة بعد الحرب، قبل يوم من بدء زيارات مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى إلى الكيان، هو “إعلان حرب” ضد إدارة بايدن. واعتبروا أن سبب ذلك هو سعي نتنياهو إلى الحصول مجددا على تأييد الجمهور اليميني الذي تخلى كثيرون فيه عن نتنياهو بسبب هجوم 7 أكتوبر وإخفاقات الحكومة بعد هذا الهجوم.
من جانبه، أشار القنصل الصهيوني السابق في نيويورك، ألون بينكاس، في صحيفة “هآرتس”، إلى أن تصريح بايدن بأن “المجتمع الدولي قد ينقلب على إسرائيل”، يعني أن هذا يلحق ضررا سياسيا خارجيا بالولايات المتحدة وضررا سياسيا داخليا لبايدن نفسه.
بدوره، أشار الصحافي في موقع “واللا” الإلكتروني، نير كيبنيس، إلى أمرا واحدا يربط بين الحروب التي خاضتها “إسرائيل” منذ أربعين عاما، وهو أنها “تتلقى ضربات، وترد بحرب كي ترمم قوة ردعها، وتتورط بتصريحات لا يمكنها تحقيقها”.
وأضاف كيبنيس أن “إسرائيل تروي لنفسها ما يريد جميعنا سماعه. والقيادة تبرر البطء النازف (بالحرب ومقتل جنود) بأن علينا أن نتصرف بموجب معايير غربية، كي تحصل على تمديد لتنفيذ المهمة، وبعدها يتضح أننا بحاجة إلى وقت إضافي. كما أن التنديد بنا ’كمجرمي حرب’ لن يتأخر إلى حين يتضح أخيرا أننا تلقينا الضربة الأولى، وأننا هددنا ولم ننفذ أيضا، وتلقينا تنديدا من كافة الجهات الدولية، وفي النهاية نضطر إلى الإعلان عن ’انتصار’ مشكوك فيه، الذي بلغة كرة القدم ليس أكثر من تعادل كلّه خسارة”.
المصدر: موقع المنار