العين برس – اليمن – تقرير
تحوُّل جديد بشأن مأرب، بعد أن أعلنت قبائلها، الأحد، في مؤتمر صحفي بصنعاء، ترحيبها بمبادرة قائد جماعة أنصار الله “الحوثيين”، بشأن المحافظة، وهو ما يعني -وفق محللين- تغيراً كبيراً في الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عن قبائل مأرب، وفهمهم لطبيعة الصراع الدائر في البلاد بشكل عام وفي محافظتهم بشكل خاص.
جاء إعلان قبائل مأرب ترحيبها بالمبادرة، في بيان صادر عن كبار مشايخ ووجهاء وعقال المحافظة، تلاه الشيخ حسين حازب، المعيَّن وزيراً للتعليم العالي بحكومة صنعاء، مؤكداً تسليم نسخ من بيان الترحيب بالمبادرة لمكتب قائد الجماعة، والوسيط العماني ورئيس وفد صنعاء المفاوض.
محللون رأوا أن إعلان قبائل مأرب لهذا الموقف المرحب بمبادرة صنعاء، يكشف جانباً من تغير المواقف في الكثير من المحافظات الواقعة ضمن سيطرة التحالف والجماعات المنضوية تحته، وهو ما أبرزته التظاهرات الأخيرة في عدد من كبريات المحافظات ومنها “عدن، حضرموت، تعز”، التي هتف المشاركون فيها ضد التحالف.
الثقة التي تشكلت لدى قبائل مأرب في المبادرة المطروحة -بحسب مراقبين- ناتجة عن القناعة بأن مأرب يجب ألا تكون في صف التحالف الذي تقوده السعودية وتكشفت سياساته ومخططاته في البلاد، التي تجلت بوضوح من خلال الأوضاع التي تشهدها المحافظات الجنوبية، والصراعات التي تدور بضوء أخضر ودعم من دول التحالف، كان آخرها الأحداث التي شهدتها مدينة عدن على وجه الخصوص اليومين الماضيين.
الأطماع الخارجية التي يتحدث عنها الكثير من الأطراف الداخلية والخارجية في البلاد، ومظاهر السيطرة على جزرها وسواحلها وممراتها المائية ومنابع ثرواتها، ربما كان لها دور في الموقف الذي أعلنته قبائل مأرب، لا سيما بعد وصول كثير من الأطراف الموالية للتحالف إلى قناعة بأن ما باتت تمارسه كلٌّ من السعودية والإمارات في مناطق متفرقة من الجغرافيا اليمنية، بمثابة احتلال مكتمل الأركان.
بيان قبائل مأرب أشار إلى أن المبادرة أوجدت -منذ إعلان صنعاء عنها- حراكاً واسعاً في أوساط القبائل؛ كونها قدّمت التنازل من أجل اليمن، ووضعت أبناء المحافظة جميعاً أمام مسؤولية كبيرة، لافتاً إلى أن الترحيب جاء بعد التواصل بين عدد من مشايخ المحافظة في صنعاء ومأرب وعواصم خارجية، بحسب تعبيره.
كما أكد البيان أن قبائل مأرب وعقالها بذلوا ويبذلون كل الجهود والمحاولات منذ عام 2015م، لتجنيب مأرب الصراع والحرب، باعتبارها تمثل الخزنة أو المخزون لليمن، ومصدر الطاقة للشعب اليمني بأكمله والتنمية وجعلها منطقة سلام وخير للجميع.
وأعلن البيان رفض قبائل مأرب تحويل المحافظة إلى “قاعدة ونقطة انطلاق لمهاجمة صنعاء ومحافظات الجمهورية”.. مضيفاً أنه على امتداد السنوات الماضية من الحرب “لم يتم احترام رغبة ومصلحة أبناء المحافظة، وتعرضوا لما تعرضوا له من الدمار والقتل والتشريد والنزوح”.. لافتاً إلى أن الكرة أصبحت اليوم في ملعب الطرف الذي يقف مع التحالف، بحسب تعبيره، على اعتبار أن من يرفض المبادرة يتحمل مسؤولية ما سيترتب على ذلك.
وتقترب قوات صنعاء أكثر فأكثر يوماً بعد آخر من السيطرة على مدينة مأرب، مركز المحافظة النفطية والغازية والمصدر الرئيس للطاقة في البلاد، وعلى مسار موازٍ تُجري صنعاء تحركاتها السياسية التي تقول إنها تهدف إلى تجنيب المحافظة مزيداً من الحرب والاقتتال، والتي كان على رأسها مبادرة النقاط التسع التي أطلقها قائد “أنصار الله” -في أغسطس الماضي- أثناء زيارة الوفد العماني لصنعاء، ضمن مفاوضات السلام لحل الأزمة اليمنية، وأعلن رئيس وفد صنعاء المفاوض “محمد عبدالسلام” عن تفاصيل هذه المبادرة ، التي تتمسك بها صنعاء كآلية لوقف معركة مأرب.
ووفق المحللين، فإن الترحيب الذي أعلنته قبائل مأرب بمبادرة النقاط التسع، يعزِّز موقف صنعاء، ويُشكل ورقة ضغط جديدة على الأطراف الدولية والأممية المعنية بالملف اليمني لأخذ هذه المبادرة بعين الاعتبار.
ويشير المحللون إلى التأثير المحتمل لإعلان قبائل مأرب موقفها المرحب بالمبادرة، على سير المعركة الدائرة على تخوم مدينة مأرب؛ إذ من شأنه أن يضعف موقف القوات الموالية للتحالف، كونها ستغدو معزولة قبلياً، وفاقدة للحاضنة الشعبية، وهو ما سيؤثر كثيراً في سير المعركة، ويعجل في حسمها لصالح صنعاء.