بعد 10 أعوام.. جريمة “سبايكر” ما زالت شاخصة في ذاكرة العراقيين
العين برس/ مقالات
عادل الجبوري
تزامنًا مع مرور الذكرى السنوية العاشرة لجريمة قاعدة “سبايكر” الجوية في محافظة صلاح الدين، شهد موقع الجريمة يوم أمس الأربعاء، إقامة المحفل التأبيني السنوي، بمشاركة ذوي الضحايا وأبناء المدينة، وشخصيات ونخب دينية وسياسية وعسكرية وعشائرية وإعلامية مختلفة. وتخللت المحفل التأبيني كلمات وقصائد وفعاليات مسرحية ومعرض فني وعرض أفلام وثائقية، تناولت تلك الجريمة الدموية المروعة من مختلف أبعادها وجوانبها.
وفي كلمة له، أكد رئيس لجنة تخليد شهداء “سبايكر” والنائب في مجلس النواب العراقي معين الكاظمي، أن التقرير الدولي الشامل، أقرّ بأن مجزرة “سبايكر” هي جريمة إبادة جماعية بحق أبناء المكون الشيعي العراقي، حيث إن هناك 1200 ضحية تمّ التعرف على رفاتهم من شهداء المجزرة، بينما ينتظر في الطب العدلي نحو ٢٠٠ رفات إضافي، لحين ظهور نتائج تحليل الحمض النووي (DNA)، وهناك ما بين 500 إلى 600 شهيد ما زالوا في عداد المفقودين.
وفي بيان له بهذه المناسبة المؤلمة، قال رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: “تمرّ اليوم الذكرى العاشرة لجريمة “سبايكر” التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية الظلامية، حيث مثّلت تلك الجريمة دليلًا ملموسًا على انعدام الضمير، والانحدار الأخلاقي لمرتكبيها ممّن باعوا ضمائرهم وأرواحهم للشرّ، فاستحقوا الخزي والعار، بعدما نالوا الهزائم تلو الأخرى على يد قواتنا الأمنية البطلة، وأصبحت عصاباتهم فلولًا مندحرة لا تشكّل أي تهديد لأمن بلادنا”.
واكد السوداني أن حكومته “مستمرة بإنصاف كلّ شهداء العراق ولن تتأخر في ذلك، انطلاقًا من واجبها الوطني والشرعي والأخلاقي والإنساني”.
وفي محافظة صلاح الدين، قررت الحكومة المحلية تعطيل الدوام الرسمي في كلّ الدوائر والمؤسسات الحكومية بمناسبة الذكرى السنوية لجريمة “سبايكر”، هذا في الوقت الذي أكدت القيادات الأمنية في المحافظة، استعدادها التام لاستقبال عوائل الشهداء والمفقودين لإحياء ذكرى المجزرة.
إلى ذلك، تسلم رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي القاضي فائق زيدان، في وقت سابق، التقرير التحليلي الشامل حول مجزرة “سبايكر” من فريق التحقيق الدولي بجرائم تنظيم “داعش” الإرهابي (يونيتاد).
ووفقاً لبيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى، استقبل رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، قبل يومين، رئيسة فريق (يونيتاد) أنا بيرو بوبيس وأعضاء الفريق، وانها سلمت زيدان، التقرير التحليلي الشامل حول مجزرة مجمع القصور الرئاسية في تكريت، والتي ارتكبت بحق المتطوعين الذين غادروا أكاديمية تكريت الجوية (سبايكر) عام 2014.
وأثنى رئيس المجلس، على “جهود الفريق في تحقيق هذا الإنجاز المهم الذي يلخص تلك الجريمة باعتبارها جريمة مرتكبة بنية الإبادة الجماعية في سياسة “داعش” ضدّ الشيعة في العراق، واعتبار تلك الجريمة من الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب”.
وفي سياق متصل، قال الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعلي، إنه “بمشاعر الألم والحزن والتحدي، نستذكر الذكرى السنوية العاشرة لفاجعة “سبايكر”، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 1700 شاب من أبنائنا الأبطال، يوم غزت عصابات “داعش” الإرهابية التكفيرية الموصل وتمددت إلى مدن أخرى، في مشروع عالمي استهدف وجودنا وهويتنا الإسلامية، ومقدساتنا وسيادتنا الوطنية، فكان الحشد الشعبي صاحب الحق في أخذ الثأر، وتعزيز الانتصار، وبسط السيطرة على البلاد، وتحقيق السيادة الوطنية”.
أضاف الشيخ الخزعلي: “إننا إذ نشدّ على يد القضاء العراقي، وجهود فريق التحقيق الدولي في إنجاز التقرير الشامل حول المجزرة، وعدّها جريمة مرتكبة بنية الإبادة الجماعية في العراق، واعتبارها من الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب، نتوجه بالدعاء لأرواح الشهداء المغدورين الأبرياء بالرحمة والغفران، ولعوائلهم بالصبر والسلوان، ونشدّ على يد الحكومة، لإنجاز حقوق الشهداء ورعاية عوائلهم”.
من جانبه، أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الشيخ همام حمودي “أن العراقيين لن ينسوا المجازر الوحشية، وجرائم السبي، والتخريب والتدمير وتشريد مئات آلاف العوائل.. وستبقى لعنة شعبنا والتاريخ تطارد الإرهابيين، وكلّ من وقف معهم ولو بشق كلمة على مرّ الأجيال”.
وحيّا الشيخ حمودي “تضحيات حشد الفتوى المباركة، وكلّ العراقيين ممن هبوا للذود عن وطنهم وشعبهم وسيادتهم، وقدموا قوافل الشهداء ثمناً للنصر العظيم الذي أذهلوا به العالم”.
أما رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، فقد قال في بيان: “في ذكراها العاشرة، ما زالت فتوى الجهاد الدفاعي للإمام السيد السيستاني (دام ظله الوارف)، تحيي في النفوس الوطنية الغيورة فصول تلك اللحظة التاريخية ذات الأثر المباشر على بث الروح في النفوس، وقلب المعادلة على الإرهاب، تمهيدًا لدحره وإنهاء صفحته السوداء من ربوع الوطن، وبالإضافة إلى جانبها الإنساني في مد يد العون للنازحين وحمايتهم، كان لها دور ميداني عسكري كبير في إرباك مخطّطات الإرهاب ورفع المعنويات وتعبئة الأمة وإجهاض المشروع الداعشي الظلامي”.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد يومين من اجتياح عصابات داعش الإرهابية لمدينة الموصل ومناطق أخرى في العاشر من شهر حزيران – يونيو من عام 2014، أقدمت على استدراج 1700 شاب من منتسبي قاعدة “سبايكر” الجوية، وأغلبهم من مدن الجنوب والفرات الأوسط، حيث جرى قتلهم بطريقة وحشية وإلقاء جثثهم في نهر دجلة، وكانت تلك من أول وأكبر جرائم “داعش” التي توالت في ما بعد، حتّى تم تحقيق النصر العسكري الشامل عليه في أواخر عام 2017، بفضل تكاتف قوات الحشد الشعبي مع قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات البيشمركة الكردية، وتكاتف كلّ أبناء الشعب العراقي، ودعم وإسناد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.