العين برس /مقالات
يكتبها /زيد الشُريف
الهوية الإيمانية هي العقيدة الإسلامية القائمة على الإيمان بالله تعالى وحده والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر عقيدة عملية شاملة متجذرة في النفوس تضبط مواقف وأعمال وسلوكيات وتوجهات الإنسان المسلم وفق ما يريد الله تعالى ووفق ما أمر به ووجه إليه في القرآن الكريم بناء على قول الله تعالى (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ)، كل ما انزله الله تعالى في القرآن الكريم من تشريعات وأحكام وأوامر ونواه تشمل كل مجالات الحياة وكل ما يتعلق بمصلحة الإنسان في دينه ودنياه وآخرته وتجسيد الهوية الإيمانية والعمل بها في الواقع قولا وعملا يترتب عليه قوة وعزة وحرية الإنسان في الدنيا وفوزه وفلاحه ونجاته في الآخرة وقد تحدث الله عن الهوية الإيمانية في القرآن الكريم في سورة البقرة بصورة موجزة بقوله سبحانه وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
هوية إيمانية رسمها الله تعالى، انتماء واعتقاد وعمل لها ثمار ونتائج في الدنيا والآخرة ليست هوية شكلية ولا مجرد اسم أو عنوان أو كلام بل هي منهج ودستور وأعمال ومواقف، يقول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي حول هذا الموضوع (إن الإيمان، إن العقائد في الإسلام العظيم كلها عملية .. كلها عملية، إيمان يترك تأثيراً على النفس، ثم نفس تترك تأثيرا في واقع الحياة، ما عدا ذلك يعتبر إيماناً أجوفاً، لا يقدم ولا يؤخر, ولا ينفع لا في الدنيا ولا في الآخرة)، فالهوية الإيمانية تزكي النفوس وتربيها تربية عظيمة وترتقي بها ثم تدفعها للعمل في الواقع أعمالا صالحة جميعها مرتبطة بالله تعالى وعلى أساس هديه ووفق توجيهات تغير النفوس إلى الأفضل والأسمى والأرقى فتنطلق النفوس نحو الواقع لتغيره في كل المجالات تغييراً إيجابياً مثمراً يرتقي بواقع الناس على كل المستويات ما عدا ذلك يعتبر إيماناً أجوف، لا يقدم بل يؤخر, ولا ينفع الناس لا في الدنيا ولا في الآخرة.
هناك توجه غربي صهيوني أمريكي شامل لاستهداف هذه الأمة وفصلها عن دينها وعن هويتها الإيمانية وعن عوامل قوتها وعزتها هذا التوجه الغربي هو قائم ومؤثر وقد تقدم كثيراً فكريا وعقائديا وثقافيا وإعلامياً ينخر كيان الأمة في جذور هويتها ومعتقداتها بهدف الإطاحة بهذه الأمة ورميها في مزبلة التاريخ في الدنيا ورميها في قعر جهنم في الآخرة من خلال فصلها عن الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه وحرف مسارها نحو عقائد باطلة وثقافات مغلوطة وأفكار شيطانية تعمل على مسخ الإنسان بشكل عام والقضاء على المسلمين فكريا وعقائديا وثقافيا لأن دول الغرب وعلى رأسها اليهود والنصارى يدركون جيداً أن فصل هذه الأمة عن هويتها الإيمانية سيمكنهم من تحقيق أطماعهم الاستعمارية وإحكام قبضتهم عليها في كل المجالات، وهذا ما يعملون عليه بكل ما يستطيعون وللأسف الشديد لقد قطعوا شوطا كبيرا في هذا المضمار وتغلغلوا في أدبياتنا وعاداتنا وتقاليدنا ومعتقداتنا وحرفوا مسارنا وتمكنوا من احتلال مساحات شاسعة من بلداننا ونهبوا وينهبون الكثير من ثرواتنا ويمارسون الوصاية علينا سياسيا واقتصاديا لأننا بابتعادنا عن هويتنا الإيمانية مكناهم من ذلك.
إذا لم تتدارك الأمة الإسلامية نفسها وتدرك حجم الهجمة الغربية التي تستهدفها والخطر الشامل الذي يترصد الفرصة السانحة للفتك بها وتعود من جديد وبقوة وصدق وعمل إلى مصادر عزتها وكرامتها فإنها ستخسر الدنيا والآخرة، لو كان المسلمون في حالة توحد واعتصام بحبل الله جميعا لما تجرأ ذلك الفاسق على إحراق نسخة من القرآن الكريم في السويد ولكن عندما وصل الصهاينة والأمريكان ومن معهم من أعداء الله وأعداء الإسلام إلى حالة اطمئنان أن الحكام العرب والكثير من الحكام المسلمين لا يشكلون خطرا على أعداء الإسلام تجرأوا على إحراق نسخة من القرآن الكريم وقبلها على الإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وآله والإساءة إلى مقدسات الأمة ورموزها ولو عادت إلى تجسيد هويتها الإيمانية في الواقع قولا وعملا لمنحها الله القوة والعزة ولما تجرأ احد على المساس أو الإساءة إلى رموزها ومقدساتها.