النصر الإسرائيلي المفقود.. “القهر والخيبة” يسيطران على الكتّاب الإسرائيليين
العين برس/ تقرير
اشتعل السجال العالمي عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار في لبنان بين من رآه انتصاراً لحزب الله ومن وجد شروط الاتفاق والدمار انهزاماً له وانتصاراً للجانب الإسرائيلي. لكن من الواضح أن الكيان الإسرائيلي لم يستطع تحقيق هدفه باستسلام حزب الله أو احتلال أجزاء من جنوب لبنان. ظهر ذلك واضحاً في بعض التحليلات والتصريحات والصحف الإسرائيلية، كما وبعض الكتّاب العالميين، بالإضافة إلى الوعي الجمعي الإسرائيلي، الذي اعتبر بأن الكيان لم يستطع أن يحقق النصر على حزب الله اللبناني.
على الصعيد الشعبي أظهرت ردود أفعال جمهور المقاومة شعوراً بتحقيق النصر والتمسّك بخيار المقاومة، على الرغم من الجراح التي ألمّت بالمجتمع، نتيجة اغتيال أمينهم العام الشهيد السيد حسن نصرالله، ومشقّة النزوح، واستشهاد أحبابهم، في المقابل أظهر استطلاع رأي بثته القناة 13 الإسرائيلية أن أغلبية كبيرة من المجتمع الإسرائيلي تعتقد أن إسرائيل لم تهزم حزب الله اللبناني، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن التوصل لاتفاق بين الطرفين ينهي المواجهة المفتوحة منذ أكثر من شهرين. ورأى 60.8% من المستطلعة آراؤهم أن إسرائيل لم تحقق النصر على حزب الله، فيما يعتقد 25.8% فقط أن إسرائيل انتصرت، و13.4% غير متأكدين. كما أيد 44% إنهاء الحرب في لبنان فيما 37% عارضوا التسوية مع حزب الله.
أما على صعيد القيادة السياسية فقد وصف وزير التراث الإسرائيلي عيميحاي إلياهو، في صحيفة معاريف، نتيجة الحرب على لبنان بالقول “هذا ليس نصراً، فالنصر يعني الاحتلال (لجنوب لبنان)، يعني استسلام حزب الله. وحزب الله لم يستسلم، وهذا الاتفاق ليس جيداً. ودولة إسرائيل ذهبت إليه تحت الإكراه”.
في هذا السياق، كثرت التحليلات في الصحافة العبرية التي تتحدث عن فشل “إسرائيل” في حربها الثالثة على لبنان التي استمرت 64 يوماً، فقال إيمانويل شيلوه، على القناة 7 العبرية، بتاريخ 28-11-2024، بأن “مهمة ضرب حزب الله لم تكتمل”، مضيفاً بأنه “ليس من الواضح ما إذا كانت شروط وقف إطلاق النار تضمن هدف إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان”.
أما الكاتبة سارة هاتساني كوهين كتبت في صحيفة “إسرائيل هيوم” مقالاً بعنوان “ليس هذا هو ما يبدو عليه النصر” عبّرت فيه عن شعورها بـ”القهر والخيبة” الذي رافق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. وقالت “ليس هذا الانتصار الذي نريده مع حزب الله، بعد سنة وشهرين من التعب والنزوح. وهذا الاتفاق الذي فرض علينا بهذه الطريقة وفي هذا الوقت ليس اتفاقاً جيداً”.
وعن الفشل الذي لحق بالكيان وخطر حزب الله على سكان الشمال أردفت قائلة “إن حقيقة أننا فشلنا في تهيئة الظروف لإقامة منطقة عازلة في لبنان وفشلنا في الإصرار على عدم عودة سكان جنوب لبنان، بما في ذلك أعضاء حزب الله، لمشاهدة المطلة وزرعيت، هي حقيقة سخيفة تقريباً. إن الابتسامات والأعلام الصفراء التي تعود ببطء إلى سياجنا الحدودي تشرح بأوضح طريقة لسكان الشمال لماذا يجب عليهم الانتظار لفترة أطول قبل أن يعودوا إلى إعادة بناء حياتهم. إن وقف إطلاق النار هذا لم يأت من فراغ، بل جاء في ظل ضغوط أميركية لا ترحم”.
وبعيداً عن الصحافة العبرية، وصف عالم السياسة والمستشرق الروسي رسلان قربانوف، في محادثة مع بوست نيوز، اتفاق وقف إطلاق النار بأنه “هزيمة” لإسرائيل. وعلى الرغم من أن حزب الله تلقى “ضربات موجعة، إلا أن نتنياهو تعرض لهزيمة سياسية، لأن إسرائيل فشلت في تدمير الحزب بشكل كامل” كما يعتقد الخبير. وبالحديث عن أوجه النصر في بيئة حزب الله أعتبر بأن “تجنب حزب الله الهزيمة الكاملة يعني النصر في نظر أتباعه”.
أما الكاتب الروسي بيتر أكوبوف قال بوضوح “لا، على الرغم من أن الجولة الحالية من إراقة الدماء على الجبهة الشمالية لإسرائيل تبدو في طريقها إلى الانتهاء. بعد شهرين من بدء الغزو الإسرائيلي للبنان، اضطر رئيس الوزراء نتنياهو إلى البدء في إنهاء العملية. ليس لأن الولايات المتحدة مارست عليه الكثير من الضغوط، رغم أن هذا كان عاملاً مهماً، ولكن لأن النصر الذي وعد به على حزب الله تبين أنه بعيد المنال. لا يستطيع نتنياهو أن يعترف بذلك بشكل مباشر ويقول إنه أعاد حزب الله عقوداً إلى الوراء، هذا كذب صريح: لقد تمكنت إسرائيل من قتل قادة هذا التنظيم، لكنها لم تستطع سحقه أو الاستيلاء على الجزء الجنوبي من لبنان. وكان هذا على وجه التحديد هو الهدف الرئيسي للغزو الإسرائيلي، ولكنه لم يكن ممكناً في البداية”.
المصدر: موقع الخنادق