العين برس:
هدف حملة نتنياهو الانتخابية هو حصول معسكره السياسي على 61 مقعداً، وليس حصول الليكود على أكبر عدد من مقاعد الكنيست. وبناء على ذلك، قام بالعديد من الخطوات من أجل توحيد معسكره الانتخابي.
ستجرى انتخابات الكنيست الـ25 في “إسرائيل” في الأول من تشرين ثاني/نوفمبر القادم، بحيث ستتنافس 40 قائمة انتخابية على 120 مقعداً. ورغم تكرار العملية الانتخابية في “إسرائيل” للمرة الخامسة في أقل من 4 سنوات، فإنَّ هذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها بشكل كبير، فللمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، يقود بنيامين نتنياهو حزب الليكود في المعركة الانتخابية من مقاعد المعارضة، بعيداً من كرسي رئاسة الحكومة الذي اعتاده، والذي كان يمكّنه من تحديد الأجندة السياسية والإعلامية للانتخابات، الأمر الذي يمنحه تفوقاً في حملته الانتخابية عن باقي منافسيه.
مع تلك المستجدات، حدثت تغيرات جوهرية في استراتيجيات الحملة الانتخابية لأهم المرشحين للتنافس على كرسي رئاسة الحكومة؛ يائير لابيد رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الحالية، ونتنياهو الساعي بقوة للعودة وعائلته إلى بيت رئيس الحكومة في شارع بلفور في القدس المحتلة، بعد غياب عام ونصف عام تقريباً.
أدرك نتنياهو من خلال تجارب الانتخابات الأربعة الماضية أنَّ كلمة السر في الوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة ليس حصول حزب الليكود على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست، بل قدرة الليكود تحت قيادته على تشكيل ائتلاف حزبي داخل الكنيست قادر على الوصول إلى الرقم الذهبي (61 مقعداً)، ليشكل بذلك الحكومة، وبالتالي يتعامل نتنياهو في الحملة الانتخابية الحالية إستراتيجياً مع الانتخابات هذه المرة على أنها بين معسكرين سياسيين، وليس بين أحزاب سياسية متعددة، وأنه بمنزلة قائد معسكر يضم حلفاءه الذين لم يتخلوا عنه خلال الانتخابات الماضية.
لذا، إنَّ هدف حملة نتنياهو الانتخابية هو حصول معسكره السياسي على 61 مقعداً، وليس حصول الليكود على أكبر عدد من مقاعد الكنيست. وبناء على ذلك، قام نتنياهو بالعديد من الخطوات من أجل توحيد معسكره الانتخابي، وسعى لعدم تشتيت الأصوات الانتخابية داخل معسكره، من خلال إدراكه أن كل ما يحتاجه إلى الفوز هو أن يستطيع معسكره الانتخابي سحب مقعد أو اثنين من معسكر خصومه، من دون الاكتراث إلى أي حزب من أحزاب معسكره تذهب تلك المقاعد. وبناء على هذا الفهم، قام نتنياهو بعدة خطوات، أهمها:
أولاً، القيام بالضغط على كل من إيتمار بني غفير، رئيس حزب “العظمة اليهودية”، بخوض الانتخابات في قائمة انتخابية واحدة مع رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سيموترتش، خوفاً من عدم تخطي أحد الحزبين نسبة الحسم، إضافة إلى أن هذا التحالف يمكنه دفع أكبر عدد من المتطرفين الصهيونيين الدينيين للمشاركة في الانتخابات، الأمر الذي يصب في زيادة عدد مقاعد معسكر نتنياهو بمجمله.
ثانياً، قدم نتنياهو وعوداً انتخابية لحزب “يهدوت هتوراه” الحريدي، تتمثل بزيادة موازنة التعليم الحريدي، رغم أنها خارج إطار منظومة التعليم الرسمي في “إسرائيل”، وذلك من أجل الحفاظ على وحدة حزب “يهدوت هتوراه” من جهة، ومن جهة أخرى قطع الطريق على تحالف بيني غانتس رئيس قائمة “المعسكر الرسمي”، مع موشي جفني رئيس حزب “يهدوت هتوراه”.
ثالثاً، حاول إقناع إياليت شاكيد، رئيسة حزب “يمينا” المتطرف، بالانسحاب من الانتخابات في مقابل تعيينها في منصب مرموق في حكومة نتنياهو في حال فوز معسكره، بعدما أدرك نتنياهو عدم قدرة حزب “يمينا” على تخطي نسبة الحسم في انتخابات الكنيست، وبالتالي يسعى الآن للاستفادة من أصوات ناخبيه لزيادة أصوات معسكره، بدلاً من هدرها، لكونه متأكداً من أن هؤلاء الناخبين لن يمنحوا أصواتهم ليائير لابيد، ولا حتى لبيني غانتس.
رابعاً، اعتمد نتنياهو استراتيجية النشاط الميداني للوصول إلى الناخبين في مناطقهم، والذهاب إليهم في مدن التطوير، إلى درجة أن بعض المحللين الإسرائيليين يصفونه بأنه يحرث البلاد بسيارته، من دون الاعتماد على المؤتمرات الانتخابية الكبيرة والواسعة، بل التركيز على لقاء الناخبين وجهاً لوجه، لكون نتنياهو يدرك أنَّ اقتناع هؤلاء الناخبين وتحويلهم من فئة صامتة غير مكترثة في الانتخابات داخل معسكر اليمين الليكودي، وأن ذهابها إلى صندوق الاقتراع وعدم تعاملها مع يوم الانتخابات على أنه يوم إجازة رسمية للاستجمام والتنزه، يعتبر وصفة سحرية لعودة نتنياهو إلى كرسي رئاسة الوزراء.
تؤدي كلّ الخطوات السابقة إلى زيادة نسبة التصويت لدى معسكر نتنياهو، وعدم هدر أيّ من الأصوات الانتخابية، والأهم تحصين ذلك المعسكر من الاختراقات من قبل المعسكر الآخر، الذي يتنافس على قيادته كل من بيني غانتس ويائير لابيد، والذي يعج بالكثير من الإشكالات، أهمها التنافس الحزبي الداخلي بين أحزاب هذا المعسكر، الأمر الذي سبب عدم ذهاب كلّ من حزب “العمل” وحزب “ميرتس” للتوحّد في قائمة انتخابية واحدة.
أضف إلى ذلك، ظاهرة سحب الأصوات من قبل الأحزاب داخل المعسكر نفسه، وخصوصاً بين لابيد وغانتس، والأهم الدور السلبي الذي أداه لابيد في تفكك القائمة المشتركة، بذريعة فتح المجال لأيمن عودة رئيس القائمة المشتركة، ودعمه والتوصية به كرئيس للحكومة عند رئيس كيان الاحتلال في فترة المشاورات، متناسياً أن تفكك “المشتركة” سيضعف نسبة التصويت لدى فلسطينيي الـ48، التي سجلت تراجعاً كبيراً في الانتخابات السابقة، إذ إن نسبة مشاركتهم وصلت إلى 45% ممن يحق لهم الانتخاب.
ومن المتوقع، بحسب بعض الاستطلاعات، أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة إلى 40% ممن يحق لهم التصويت من فلسطينيي الـ48، الأمر الذي سيصب في مصلحة معسكر نتنياهو الانتخابي.
المصدر: الميادين