العين برس / مقالات
أحمد يحيى الديلمي
يبدو أن الأمور في نهاية المطاف تتكشف ويتضح مآلها ومسارها ومنشأها كما هو حال الإرهاب، فلقد اكتشف الناس جميعاً بلا استثناء أنه صناعة أمريكية مؤيدة برؤية بريطانية ومباركة للأسف إسلامية، بعد ذلك اتضح أمر الفساد، فها هي الأيام تكشف أنه صناعة غربية باركتها أمريكا وزادت عليها الكثير من التوابل حتى تُخضع الشعوب لإرادتها وكأن بريطانيا استفادت من تجربتها في الاستعمار المباشر، بالذات على الدول العربية ودول العالم الثالث، فلقد أنهكتها الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها أثناء الاستعمار المباشر، مما دفعها إلى البحث عن وسائل أخرى تُمكنها من السيطرة والاستحكام في مسار الكثير من الدول بالذات العربية التي اقتضى الأمر تطويعها لخدمة النبتة الشيطانية التي بذرتها بريطانيا وهي دولة الكيان الصهيوني، فبدأت بالناحية الاقتصادية وأدخلت موضوع الفساد وإفساد الضمائر في قاموس الدول العربية حتى أن العالم بكله بفعل الشركات العابرة للقارات اتجه نحو الفساد وما يُسمى بالكُميشن رغبة في إفساد الضمائر .
مثلاً اليمن إلى عام 1972م كانت خالية من فكرة الفساد، إلى أن جاءت الشركات الغربية وسيطر ما يُسمى بنظام البنك وصندوق النقد الدوليين وأصبحنا نسير في نفس الاتجاه الموافق لرغبة هاتين المؤسستين بما يوحي أن الأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة عنها لم تكن إلا إحدى الوسائل الخبيثة لتعميم الفساد والتقليل من شأن إفساد الضمائر .
في هذا الصدد أذكر أن أول صفقة أسلحة انتشرت رائحتها الكريهة كانت صفقة الأسلحة الفرنسية الممولة من قطر والتي اتضح فيما بعد أن الكُميشن (الدلالة) أكبر من قيمة العقد نفسه، وهكذا دخلت اليمن في المعمعة وأصبحت جزءاً من ذلك الفساد أو محور الفساد بكامله، وهي مأساة تفاقمت كثيراً في زمن الرئيس الراحل صالح الذي فتح المجال على مصراعيه وأصبح الكل يتباهى بالفساد والإفساد، حتى أن المرحوم عبد القادر باجمال رئيس الوزراء الأسبق قال كلمته الشهيرة ( من لم يغنى في عهد علي عبد الله صالح متى سيغنى؟! )، أي أن الفرصة كانت مواتية في تلك الفترة فقط، فالكثير من العمارات الشاهقة والأراضي التي نُهبت تمت في نفس الفترة وأصبح مُلاكها الحقيقيون فقراء ذوي متربة، والكل يتباهى ويُسمى الفاسد شاطر وغير الفاسد غبي، أي أن الكُل يُفسد باسم الدولة ولا تزال الصورة ماثلة حتى اليوم، كما يقول المثل ( من شب على شيء شاب عليه )، وهذا ما حدث بشأن الفساد كما قلنا، ترافق الفساد مع فساد أخلاقي وقيمي خطير نَخَرَ في الجسد وسمح للظاهرة الأكثر خطورة أن تتمدد وهي الإرهاب وكله باسم الدين وفي سبيل الإسلام، مسكين هذا الإسلام كم من الجرائم ارتُكبت وتُرتكب باسمه رغم أنه عظيم وقيمه معروفة، لكن البشر يستخدمونه وسيلة إما من قبل الحُكام لإطالة أمد الحكم أو من قبل الدول الاستعمارية للسيطرة والتحكم في مصائر الشعوب، كما يحدث الآن في دويلة الإمارات التي أصبحت مسلوبة الإرادة وكذلك قطر والسعودية وكل دول الخليج، الكل يسبح في بحيرة من النفط اسماً فقط، لكن مالكها الحقيقي هي أمريكا ودول الغرب، ومن لم يصدق فعليه قراءة رواية “فئران الأنابيب” ” بخشيش ” والمواطن العربي يتضور جوعاً بما يؤكد أن الخطط البريطانية وصلت إلى أهدافها وأصبحت معظم الدول العربية تنشد ود دولة الكيان الصهيوني وتحاول التقرب منها، البعض لا يزال على استحياء ومن تحت الطاولة، أما البعض الآخر فقد جاهر بالفاحشة وأصبحت علاقته على مرأى ومسمع مع هذه الدولة، كما هو شأن الإمارات ومصر والأردن والبحرين والمغرب، لكن كما يُقال ( الفاحشة في السر أكثر خطورة منها في العلن )، لأن السرية تسمح لهذه الفاحشة بأن تتشعب وتنفذ إلى أشياء محرمة كما هو حال السعودية وبقية الدول التي لا يزال الأمر في مطاف الاستحياء .
المهم كما قُلنا أن الفساد والإرهاب صناعة غربية أمريكية مؤكدة، ولا يوجد أي مجال للمواربة أو تغيير هذه الحقيقة الراسخة.