العدو يستعرض قوّته في الضفة الغربية وتقويض المقاومة فيها هدفه
العين برس/ مقالات
مصطفى عواضة
لم تكتفِ “إسرائيل” بهجماتها الحالية على الضفّة الغربية، فقررت توجيه كتائب متعددة من جيش الاحتلال إلى مدنها ومخيّماتها في عدوان عسكري يُعد الأشدّ منذ عملية “السور الواقي” عام 2002. العملية العسكرية التي تركزت على مخيمات شمال الضفّة، لا تقتصر على جنين وطولكرم وطوباس، بل تمتد إلى الخليل ونابلس والقدس، مما أدى إلى ارتقاء عدد كبير من الشهداء واعتقال العديد من الفلسطينيين، فضلًا عن تجريف الطرق وتدمير البنية التحتية.
هذه العملية التي بدأت بعد أكثر من عشرة أشهر من عمليات الاقتحام والاعتقالات في الضفّة الغربية، تثير تساؤلات حول احتمال توسّعها لتشمل تهجيرًا واعتقالات واسعة، مُشابهة لما يحدث في قطاع غزّة، حيث إن الوجود المكثف للجنود الصهاينة، مع التكتم على تفاصيل العملية، يعزز المخاوف من تحركات أكثر إجرامًا.
ومع تصاعد عمليات التوغل والاعتقالات، والتهديدات من اليمين المتطرّف بتهجير سكان الضفّة، تشهد الضفّة الغربية تصعيدًا غير مسبوق قد يعيدها إلى دوامة من الأزمات والنزوح على غرار ما شهدته غزّة، فهل تكون هذه العملية بداية لمرحلة جديدة من التصعيد “الإسرائيلي”، أم أنها مجرد تحضير لمزيد من الخطوات التصعيدية؟
العدو يستعرض قوّته في الضفة الغربية وتقويض المقاومة فيها هدفه
الضعف العربي وتخلّي الأنظمة عن القضية الفلسطينية
عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي علي أبو شاهين أكد في حديث لموقع “العهد” الإخباري أن هذا العدوان يأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية قد تكون الأشد تأثيرًا في القضية الفلسطينية، إذ إن الاحتلال استغل الوضع الإقليمي والدولي لتحقيق أهدافه الإستراتيجية، مستفيدًا من الوضع العربي المتردي والتواطؤ الدولي.
ولاحظ أبو شاهين أن الأنظمة العربية الرسمية قد تخلّت بشكل كبير عن دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، كما تجسد ذلك في انسحابها من تحمل المسؤوليات تجاه قطاع غزّة والضفّة الغربية، فقد تخلّى النظام العربي عن واجباته تجاه الشعب الفلسطيني في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى الدعم، في حين أن الشعب الفلسطيني يقاتل ليس فقط دفاعًا عن نفسه، بل أيضًا لحماية مقدساته وهويته الوطنية في وجه مشاريع التهجير والتطبيع التي تهدّد قضيته.
الوضع الدولي والنفاق الغربي
على الصعيد الدولي، يستغل الاحتلال “الإسرائيلي” تواطؤ المجتمع الدولي الذي يمارس نفاقاً واضحاً، وبحسب “أبو شاهين” فإن المؤسسات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، تظل عاجزة عن اتّخاذ خطوات حقيقية لردع الاحتلال، ورغم أن بعض الأصوات الدولية قد تعبر عن القلق، إلا أن الهيئات الغربية تواصل التغطية على الجرائم الصهيونية. كما أن الإدارة الأميركية التي تبرر سياساتها بضغط الانتخابات، تُبدي دعمًا ضمنيًا لسياسات العدو الصهيوني، مما يتيح لها تنفيذ عملياتها العسكرية دون خوف من ردود فعل جدية.
تغيير إستراتيجية العدوان من غزّة إلى الضفّة
ورأى أبو شاهين أن العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزّة والذي استمر لمدة 11 شهرًا دون توقف، لم يُثنِ المقاومة عن تقديم تضحياتها. الآن، يبدو أن “إسرائيل” تركز على الضفّة الغربية، محاولةً استغلال الظرف الإقليمي والعالمي لتوسيع دائرة اعتداءاتها.
وأكد أن إستراتيجية العدو الحالية تهدف إلى تقويض المقاومة في الضفّة وتعزيز مشاريع التهويد والتهجير فالحكومة “الإسرائيلية” تحت قيادة وزراء مثل سموتريتش وغيرهم، تروج لمشاريع تهجير تقيّم الفلسطينيين بين القتل أو الرحيل.
الرد الفلسطيني صمود ومقاومة متنامية
وأشار إلى أنه على الرغم من محاولات “إسرائيل” إضعاف المقاومة، فإن الفلسطينيين، وخاصة في الضفّة الغربية، يواصلون مقاومتهم بشجاعة من خلال المجموعات المسلحة في الضفّة، مثل كتائب سرايا القدس، تقوم بمواجهات عنيفة ضدّ الاحتلال وتُظهر تطوّرًا ملحوظًا في قدراتها القتالية، لافتًا الى أن تزايد الدعم والتسليح من جانب محور المقاومة يعزز قدرة الفلسطينيين على التصدي للعدوان الصهيوني.
التطورات على جبهة لبنان خطر متزايد
مع استمرار العدوان “الإسرائيلي” في فلسطين، يظل الوضع في لبنان أيضًا على المحك، وفق تعبير “أبو شاهين” في حين أن الجبهة اللبنانية قد شهدت نوعًا من الهدوء النسبي، فإن “الإسرائيليين” لم يستبعدوا احتمال التصعيد ضدّ لبنان أيضًا، مستفيدين من الدعم الدولي الذي يحظون به في الوقت الراهن.
الوحدة والمقاومة في مواجهة العدوان
وشدد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي على أن العدوان “الإسرائيلي” ليس مجرد اعتداء عسكري عابر، بل هو جزء من إستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية وتغيير الواقع الجغرافي والسياسي في الأراضي المحتلة.
وختم حديثه لموقعنا قائلًا: “شعب فلسطين، برغم المعاناة والتضحيات، يواصل مقاومته بالروح الثورية التي يمتلكها الفلسطينيون تظل قوية، وستظل المقاومة مستمرة حتّى تحقيق النصر الكامل. إن المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها على الصمود والتطور، وهو ما يجعل العدو يشعر بالقلق من مواجهة هذا الشعب الذي لا يكل ولا يمل في دفاعه عن وطنه ومقدساته.
المصدر: موقع العهد