ثلاث فترات هدنة وثلاثة أشهر مضت بعد مرور ثمانية أعوام من العدوان الإجرامي والحصار الجائر على الشعب اليمني، لا نوايا جادة لدى دول تحالف العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي في وقف العدوان ورفع الحصار وانهاء الاحتلال، ووضع حدا لمعاناة اليمنيين، بل العكس من ذلك، تسعى قوى العدوان بقيادة أمريكا وبريطانيا إلى إفشال المفاوضات، وتواصل نهب الثروات النفطية وإقامة القواعد العسكريّة لإحكام سيطرتها على باب المندب وطرق التجارة العالمية. السلام
جهود عمانية لتمديد الهدنة
بعد رسائل التحذير والإنذار الجادة التي وجهتها القيادة السياسية لدول العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي، وصل الوفد العماني إلى صنعاء رفقة أعضاء الوفد الوطني المفاوض، في إطار جهود السلطنة إمكانية التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة وتوسيعها، واستكمال بنودها المتعثرة، خصوصاً لناحية صرف المرتبات، وفتح الطرقات، ورفع القيود المفروشة على ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
وتأتي زيارة الوفد العماني بعد انقضاء ثلاثة أشهر على انتهاء الهدنة الأممية دون تحقيق أي تقدم يذكر، ولا نوايا جادة لدول العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي في إنهاء العدوان والحصار ورفع معاناة اليمنيين، ما دفع بالقيادة السياسية إلى عقد اجتماع طارئ، واتخاذ قرارات صائبة وإطلاق رسائل تحذيرية نارية لدول العدوان كفرصة أخيرة قبل فوات الآوان.
صبر الشعب لن يطول
ذلك ما أكده فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، خلال لقائه بالوفد العماني أنه “لا يمكن أن يكون هناك هدنة إذا لم تستجب لمطالب الشعب اليمني المحقة والعادلة المتمثلة في صرف مرتبات كافة موظفي الدولة من ثروات اليمن النفطية والغازية وفتح جميع المطارات والموانئ، ولا مجال للتراجع عن حماية ثروات الشعب اليمني النفطية والغازية”، مضيفا: “إن صبر الشعب اليمني ليس إلى ما لا نهاية”. محذرا دول العدوان من أن الشعب اليمني قد يضطر لاتخاذ خطوات من شأنها الحفاظ على مصالحه، معبرا عن استيائه الشديد للدور السلبي الذي تقوم به أمريكا وبريطانيا في الشأن اليمني وتماهي المبعوث الأممي مع حملات التضليل التي تقودها أمريكا وبريطانيا.
المفاوضات غطاء للمرواغة
وفي الصدد يؤكد رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام أن “التقدم في الملف الإنساني المتمثل بصرف الرواتب وفتح المطارات والموانئ، هو مفتاح التقدم في الملفات الأخرى” مشدداً على ضرورة فصل الملف الإنساني عن الملف العسكري والسياسي، وعلى أن “ملف الرواتب لا بدّ أن يكون مستقلاً سواء عادت الحرب أو الهدنة”، مضيفا أن “تحالف العدوان يطلق وعوداً لا أثر لها بشأن صرف الرواتب وإنهاء الحصار وخروج القوات الأجنبية” وهي من أبرز متطلبات السلام الفعلي التي حددتها صنعاء سابقاً، وهذه إشارة واضحة إلى أن العدو يحاول أن يلتف على هذه المطالب ويسعى لكسب المزيد من الوقت من خلال المماطلة واستخدام عملية التفاوض كغطاء للمراوغة.
إما صرف المرتبات أو عودة الحرب
وأوضح عضو الوفد الوطني المفاوض، حميد عاصم، في لقاء تلفزيوني للمسيرة يوم أمس، إن الحرب ستعود إذا أصر التحالف السعودي الإماراتي على الحصار ومنع تسليم مرتبات الموظفين من عائدات النفط والغاز.، لافتا إلى إن دفع المرتبات وفك الحصار عن الموانئ ومطار صنعاء هي مدخل أي مفاوضات قادمة ويجب أن تلبى قبل العناوين الأخرى، مؤكداً أن “صنعاء أوضحت للجميع بأنها لن تقبل باستمرار مرحلة اللا سلم واللا حرب والشعب اليمني يموت جوعا بينما الأعداء ينهبون ثروتنا النفطية”.
جهوزية عسكرية لجميع السيناريوهات
وبموازاة ذلك قواتنا المسلحة جاهزة لجميع السيناريوهات والهدنة وما بعدها ولديها خيارات ومفاجآت لم تمكن في حسابات العدوان، ذلك ما أكده وزير الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، في حفل نظمته هيئة الاستخبارات والاستطلاع الأسبوع الماضي، بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد أن “القوات المسلحة اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديداً أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية”. لافتا إلى أن القوات المسلحة وقياداتها وأبطالها ومنتسبيها معنية باتباع أساليب التأديب لمن ينهب أو يعبث بحقوق الشعب اليمني الصامد، وهناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب.
خيارات مفاجئة
وأضاف: “لدينا خيارات لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار وقد أعذر من أنذر”، مشيرا إلى إن: “ ما نشهده اليوم من أعمال عدائية وتآمرية وتخريبية ومن حصار، شهادة مؤكدة أن العدوان لا يريد ولا يرغب في إحلال أي شكل من أشكال السلام والتهدئة، وليس لديه أي استعداد حقيقي للتفكير بإيجابية نحو الاستقرار والسلام في المنطقة واحترام إرادة الشعب اليمني”.
المرتبات استحقاق 30 مليون يمني
إلى ذلك أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الفريق الركن جلال الرويشان، خلال لقائه مع قناة المسيرة يوم أمس، أن الوفد العماني حمل أفكارا من دول العدوان في مسألة المرتبات تتعلق بمليون و300 ألف موظف بينما القضية بالنسبة لنا تتعلق باستحقاقات 30 مليون مواطن يمني، مؤكدا أن دول العدوان تريد وضع ملف المرتبات كنقطة تفاوضية بينما هي حق من حقوق الشعب اليمني، مضيفاً أن ملف المرتبات استحقاق خاص بكل مواطن يمني ينتسب لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة ويجب صرفه من عائدات النفط اليمني.
وأشار إلى أنه لا يمكن للشعب اليمني أن يموت جوعا وثرواته تنهب في وضح النهار وهذه مسألة حددها السيد القائد والرئيس المشاط وجاهزية القوات المسلحة، مبيناً لا يمكن أن تنهب ثرواتنا النفطية وأبناء اليمن بحاجة لمرتباتهم، مشدداً على أنه لا يمكن حصول حل سياسي والبلد تحت العدوان والحصار والاحتلال.
الرياض تريد عزل الجنوب بمفاوضاتها مع صنعاء
من جهة أخرى علق الناشط الجنوبي الدكتور محمد النعماني، على زيارة الوفد العماني السلطاني لصنعاء في تصريح لموقع “المساء برس”، بالقول: أن التحالف السعودي الإماراتي يوسّط عُمان لإجراء حوار يمني أمريكي من ناحية ويمني سعودي من ناحية أخرى للاتفاق على التسوية السياسية القادمة في اليمن، مضيفاً “وكأن السعودية تريد أن تعزل الجنوب عن الشمال في أي تسوية سياسية قادمة، لتفرض أمر واقع على الأرض على قاعدة أن الجنوب يعتبر خط أحمر ومناطق نفوذ سعودية إماراتية بمعنى تريد السعودية مفاوضة صنعاء على الشمال فقط وإبقاء الجنوب بعيداً عن أي تسوية، لكن جاءت تصريحات رئيس وفد صنعاء محمد عبدالسلام كانت أكثر وضوحاً فيما يتعلق بموقف صنعاء من هذا الطرح”.
وقال النعماني أن صنعاء كانت واضحة وصريحة منذ البداية وحتى اليوم وهذا يحسب لها خاصة ما يتعلق بالتركيز على فصل الملف الإنساني عن السياسي، بالإضافة إلى مسألة التمسك برحيل كل القوات العسكرية الأجنبية من المحافظات الجنوبية واليمن عموماً، وهذا يعطينا في الحراك الجنوبي إشارة واضحة بأن وفد صنعاء المفاوض يصر على رحيل القوات الأجنبية التي نعتبرها المستعمر الجديد للجنوب.
ختاما
على قوى العدوان أن تأخذ رسائل التحذير والإنذار بمحمل الجد، وأن تراجع حساباتها فيما مضى، فالشعب اليمني اليوم أصلب عودا، وصمودا وقوة وتطورا، ولديه من القدرات العسكرية المتقدمة والخيارات المفاجئة التي تؤهله لحسم المعركة، وحينئذٍ لا ينفع الصراخ والعويل والتنديد، “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون”.