السعودية… بن سلمان يهرول إلى التطبيع
العين برس / تقرير
من بوابة ادّعاء “الحرص على القضية الفلسطينية”، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قرب تطبيع بلاده مع كيان الاحتلال الاسرائيلي. في ذلك حتماً نوع من التناقض المثير للضحك. كيف يتم تبرير حل القضية الفلسطينية ورفع الظلم والقتل والقمع وحملات الاعتقال والترويع ومسلسل قضم الأراضي المستمر والمتواصل بحق الفلسطينيين من خلال التطبيع مع عدوهم؟ أي الاعتراف به ليس كاحتلال ومسبب لنكبة شعب بأكمله (جزءٌ منه في الشتات والجزء الآخر تتم تصفية آماله وأحلامه وأمنه كل يوم) بل كدولة شرعية تنسج معها العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية، أي تصبح الرياض ومن سبقها من المطبعين جزءاً من رفاهية ونماء هذا الكيان الغاصب. إنها المهزلة حقاً! بل إنها حفلة استغباء وقحة! وهنا نسأل ولي العهد السعودي، ألم يكن من الأجدى أن تبتعد عن شماعة القضية الفلسطينية؟ الأسباب والأهداف المنشودة من هذه الهرولة إلى التطبيع بأغلبها باتت مكشوفة: أولاً الرياض دولة نووية وثانياً معاهدة دفاع مشترك مع واشنطن.
صحيفة “وول ستريت جورنال” كشفت بعضاً منها. الأخيرة أعلنت أن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أصدر أمراً لمسؤولين أمنيين وخبراء النووي الإسرائيلي بالتعاون مع الولايات المتحدة في كلّ ما يتعلق بالمحادثات الدائرة حول تحوّل السعودية إلى ثاني دولة في الشرق الأوسط بمقدورها تخصيب اليورانيوم.
وطبقاً لما أوردته الصحيفة الأميركية ونقلته وسائل إعلام عبرية، فإن “الطاقم الذي عيّنه نتنياهو وأعطاه توجيهات يعمل بصورة سريّة”.
بالرغم من الاعتراضات والانتقادات الواسعة التي أُثيرت في الكيان في الشهور الأخيرة حول تخصيب السعودية لليورانيوم كشرط لموافقتها على التطبيع، فإن التوجيهات التي أعطاها نتنياهو للطاقم السري، تُعدّ بحسب الصحيفة، “دليلاً على أنه موافق على شرط السعودية”. وبحسب خبراء، فإن نتنياهو ربما يرى في ذلك بوابة ليس فقط للتطبيع، بل لتسليح بلد يعتبر “خصماً سياسياً” لايران.
وفي هذا السياق، أعلن بن سلمان، خلال مقابلة مع “فوكس نيوز” الأميركية، أن بلاده “تقترب من تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل” كلّ يوم أكثر فأكثر”، نافياً صحة التقارير التي تتحدث عن “توقف المحادثات السعودية مع “إسرائيل””، ومضيفاً أنه “إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فسيتعين على السعودية أيضاً مجاراة طهران في هذه القضية وإقامة مشروع نووي”، معبراً عن “قلقه من حصول أيّ دولة على أسلحة نووية”.
هنا وللمفارقة، فإنه عند حديثه عن “دولة نووية” في المنطقة لم يخطر لبن سلمان سوى ايران، التي أعلنت وتؤكد باستمرار أن تخصيبها لليورانيوم هو لأهداف مدنية بحتة بعيداً عن تصنيع قنبلة نووية، وتفتح أبوابها لمفتشي وكالة الطاقة الذرية لدخول منشآتها، متناسياً أن “اسرائيل” التي يسارع للتطبيع معها مقابل مساندتها له نووياً، من المؤكد أنها تمتلك سلاحاً نووياً وهي سادس دولة في العالم تقوم بتطوير هذا النوع من الأسلحة، في وقت لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وتأتي تصريحات بن سلمان عقب أن تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق الأربعاء، بالعمل “معا”، من أجل التوصل لاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين الكيان المحتل والسعودية.
التوسط في مثل هذه الصفقة إنجاز سياسي لحكومة نتنياهو التي انتقدها المسؤولون الأمريكيون بشدة
التوسط في مثل هذه الصفقة إنجاز سياسي لحكومة نتنياهو التي انتقدها المسؤولون الأمريكيون بشدة
إلى ذلك، قال مصدر إسرائيلي أمني لقناة “كان” العبرية عقب لقاء نتنياهو بالرئيس الأمريكي جو بايدن، إن “التطبيع مع السعودية يمكن ان ينجز خلال نصف عام”.
وفي وقت سابق، أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن التوصل إلى اتفاق “سلام تاريخي” ممكن مع السعودية.
وسبق أن ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الولايات المتحدة تبحث مع السعودية شروط معاهدة دفاع مشترك شبيهة بالاتفاقيات العسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبية.
وأوضحت الصحيفة أن “إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تسعى من خلال هذه الاتفاقية لدفع السعودية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل”، مشيرة إلى أن “هذه الاتفاقية تقوم على التزام الولايات المتحدة بشكل عام بتقديم الدعم العسكري إذا تعرضت السعودية لهجوم في المنطقة أو على الأراضي السعودية”.
واعتبرت “نيويورك تايمز” أن “التوسط في مثل هذه الصفقة إنجاز سياسي لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، والتي انتقدها المسؤولون الأمريكيون بشدة بسبب مواقفها الآيلة إلى إضعاف السلطة القضائية الإسرائيلية وتشجيعها لبناء المستوطنات في المناطق الفلسطينية”.
للروس مبرراتهم
في سياق منفصل، أكد ولي العهد السعودي، في مقابلته مع “فوكس نيوز”، أن السعودية تبذل كل ما في وسعها من أجل تفعيل الجهود لتسوية النزاع في أوكرانيا. وقال بن سلمان إن “ما يحدث أمر سيء ونحن لا نريد رؤيته”، مضيفاً في الوقت نفسه أن “الروس عندهم مبرراتهم لماذا قاموا بذلك، أي توسيع الناتو وإلى آخره”.
وتابع “في السعودية لدينا علاقات جيدة مع روسيا ولدينا كذلك علاقات جيدة مع أوكرانيا، ولدينا تجارة جيدة وحيوية مع أوكرانيا وروسيا وبالتالي نحن نسعى لبذل كل ما في وسعنا من أجل تفعيل الخطوات لحل هذه القضية”.
ونفى محمد بن سلمان صحة الكلام حول أن السعودية تدعم روسيا من خلال تقليص إنتاج النفط، مشيراً إلى أن “هذا الأمر متعلق بالطلب والعرض في السوق النفطية فقط”، على حد تعبيره.
يُذكر أن السعودية استضافت في 5 و6 آب/أغسطس الماضي مؤتمرا حول تسوية النزاع في أوكرانيا، شارك فيه ممثلو أكثر من 40 بلداً ومنظمة دولية، لكن المؤتمر عقد بدون مشاركة روسيا.
وأشارت التقارير الإعلامية إلى أنه تم خلال المؤتمر طرح مبادرة للسلام، تضمنت “الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا ووقف إطلاق النار وإطلاق مفاوضات السلام برعاية الأمم المتحدة وتبادل الأسرى”.
رسم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مستقبلا مشرقا للاقتصاد السعودي، وقال إن المملكة ستكون من أقوى اقتصادات العالم، وإذا سارت في المسار الصحيح ستكون ضمن أكبر 7 اقتصادات.
“الأمير الطموح”
وقال الأمير السعودي إنه يجري العمل على إنجاز بعض الأمور حتى النصف الأول من 2024، “وبعد ذلك فإن الأمر الأساسي الذي نركز عليه هو الانتقال إلى مرحلة الاستعداد لرؤية 2040، والإعلان عنها في عام 2027 أو 2028”.
ووصف بن سلمان رؤية 2030 بـ “الطموحة”، معتبراً أنه “حققنا مستهدفاتها بسرعة، ووضعنا مستهدفات جديدة بطموح أكبر”، حسب قوله.
وأضاف ولي العهد السعودي “نحاول أن تكون السعودية في مقدمة الدول بحجم الناتج المحلي، وقد حققت المملكة أسرع نمو في الناتج المحلي ضمن مجموعة العشرين العام الماضي”، على حد تعبيره.
وبشأن الممر الاقتصادي الذي أعلن عنه ولي العهد، خلال فعاليات قمة مجموعة العشرين في الهند مؤخراً، قال إن “الممر الذي سيربط الشرق الأوسط بأوروبا سيوفر الوقت والمال”. وأكد ولي العهد السعودي أن “مجموعة دول “بريكس” ليست ضد أميركا، بدليل وجود حلفاء واشنطن داخلها، و”بريكس” ليس تحالفا سياسيا”، مشيرا إلى أنه على تواصل مستمر مع الرئيس الصيني. وقال “لا أحد يريد أن يرى الصين ضعيفة، إن انهارت الصين فدول العالم أجمع معرضة للانهيار بما فيها أميركا”، حسب قوله.
طعنة في ظهر الفلسطينيين
وعقب إعلان بن سلمان، حذر الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، من أنه “إذا طبّعت السعودية علاقاتها مع كيان الإحتلال، فإنّ ذلك سيشكل خيانة للقضية الفلسطيينية”.
وفي مؤتمر صحفي عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، قال السيد رئيسي عن التقارب الحاصل بين السعودية وكيان الإحتلال، إن “بدء علاقة بين النظام الصهيوني وأيّ دولة في المنطقة، إذا كان هدفها تحقيق الأمن للنظام الصهيوني، فهو حتمًا لن يحقق ذلك”.
المصدر: موقع المنار