“الديمقراطية” الأميركية تتحايل على القوانين دعما لـ”إسرائيل”
العين برس/ مقالات
ذوالفقار ضاهر
أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع “قانون مكافحة معاداة السامية”، في خطوة تهدف الى الالتفاف على الحركة الطلابية الاحتجاجية المنددة بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة، وبالتالي سترفع بطاقة “معاداة السامية” بوجه كل حركة تقف بوجه هذا العدوان، تحت ذريعة مخالفة القوانين، وهذا ما يظهر مدى الصورية في الديمقراطية الاميركية وتطبيقها وانها حالة من الخداع التي تحضر “غب الطلب” بما يخدم مصالح الادارات الاميركية وضمنا الكيان الاسرائيلي.
فهل هذه الخطوة التي تصنف انها “تشريعية” من حيث الشكل تعتبر قانونية ودستورية بحسب الدستور الاميركي نفسه؟ وهل هذه تعتبر خطوة داعمة للديمقراطية أم أنها فقط بهدف محاصرة كل صوت يناهض العدوان على غزة؟ وهل هذه الممارسات هي أساليب جديدة أم انها مجرد شواهد للسياسات الاميركية المعتمدة في العالم؟
وفي تصريح له ادعى رئيس الكونغرس الاميركي الجمهوري مايك جونسون الذي بذل جهودا كبيرة للموافقة على القانون أن “المظاهرات الداعمة لفلسطين في الجامعات تخدم موجة معاداة السامية وتزيد من التحيز ضد اليهود”، علما ان القانون يطلب من وزارة التربية الأميركية تعريف “معاداة السامية” الذي اعتمده “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست”، وتعريف الأحداث في الجامعات على هذا الأساس.
وحول هذا الموضوع، قال الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل في تصريح لموقع قناة المنار إن “هذا القانون يخالف التعديل الأول للدستور الأميركي الّذي حظّر، في نص واضح، إقرار أيّ قانون يحدّ من حرية التعبير“، وتابع “القانون يتضمن أيضا تمييزاً عرقياً في الولايات المتحدة الأميركية، لكونه أخرج، ولو ضمنياً، سائر المواطنين من الحماية القانونية، عدا عن تعارضه مع المواثيق الدولية المكفولة، تشريعياً، في الولايات المتحدة الأميركية، في شأن ضمانات حرية الرأي والتعبير الّتي تطبقها الادارة الأميركية في مكان وترفضها في مكان آخر تبعاً للمصالح السياسية، علاوةً على أن المحكمة العليا كانت قد امتنعت عن تطبيق قوانين انتهكت حرية الأفراد في التجمع أو الاحتجاج السلمي ما دام لا يخلّ بالنظام العام، بينما جاء قانون تحريم معاداة السامية كردة فعل على ممارسة الطلاب الجامعيين حق التجمع السلمي”
وردا على توصيف الرئيس الأميركي للاحتجاجات الطلابية بأنها تندرج ضمن خطاب الكراهية، أشار اسماعيل إلى أن” هذا التوصيف يُدحض من شقين، الأول: تتحقّق الكراهية، وفق أحكام القانون الدولي لحقوق الانسان، في استخدام لغة تحقيريّة إلى أشخاص على أساس دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم”، وتابع “إلّا أنّ وجه التحقير، برأينا، يرتكز على استخدام لغة منبوذة في وجه أشخاص لإنتسابهم في كيانٍ معيّن تحديدًا، وهو الدين او العرق أو الجنسية، ما يعني أن علّة تحريم الفعل ترتكز على لازمتين: 1- اللغة الخاصة في وجه أشخاص، 2- تحقير الكيان الّذي تنتسب اليه مجموعة من الأشخاص، في حين أن ما قال به الطلاب في الجامعات الأميركية لا يستقر على اللازمتين في آن معًا، مما يبدّد أيّ إمكانية لإكتمال عناصر الكراهية”.
وأوضح اسماعيل “أمّا الشقّ الثاني الّذي يقوّض إمكانيّة تحقق الكراهية، يكمن في أن المادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسيّة نصّت على أن: القانون يحظّر أيّ دعوة إلى الكراهية الدينية أو القومية أو العنصرية تشكّل تحريضاً على العنف أو العداوة، وهو نصٌ يسمح استنتاج امرين، الأول: ان هناك خطاباً لا يشكّل كراهيةً ما دام لم يحرّض على العنف أو العداوة، وبالتالي التلازم بين فعل الكراهية الدينية أو العنصرية او القومية والتحريض على العنف او العداوة، اما الثاني: هو أن المصلحة المعتبرة من حماية أيّ شخص من خطاب الكراهية المحظورة في المادة ٢٠ تكمن في حصانتهم من كنف العداوة أو العنف او التمييز، في حين أن الفعل المشكو منه هو بحد ذاته عنف بأبشع صوره ومصدرٌ للعداوة سواء بتدخل آخرين أم لا”.
من كل ذلك يمكن بوضوح فهم مدى عدم صدقية إلتزام السياسيين والمشرّعين والمسؤولين الأميركيين بالقوانين والمبادئ السامية الراعية للحريات وحقوق الانسان، فهؤلاء لم تحركهم كل فظاعة الإجرام الاسرائيلي ضد الأطفال والنساء في غزة، كما لم تحركهم كل جرائم والتجويع والابادة التي ارتكبت هناك ضد المدنيين العزل في المستشفيات ودور العبادة من جوامع وكنائس، فالإدرات الاميركية لا ترى شيئا إلا بعيون صهيونية، فحتى القوانين والتشريعات ومبادئ حقوق الانسان وكل أعراف القانون الدولي لا قيمة لها طالما تمسّ بالكيان الاسرائيلي وكل شيء قابل للخضوع لنظرية الكيل بمكيالين كُرمى لعيون “إسرائيل”.
يبقى انه من المفيد تذكير البعض(من المنبهرين) في لبنان ومنطقتنا وبقية دول العالم، ان ما يجري اليوم خاصة فيما يتعلق بغزة وما تلاه من تظاهرات طلابية في الجامعات الاميركية وقمع واضح لها من قبل الشرطة الاميركية، يفضح بشكل حاسم ولمرة أخيرة كل ما قيل ويقال عن احترام القوانين والحريات والديمقراطية من قبل الانظمة الغربية وبالتحديد الادارة الاميركية، بل ما سبق يؤكد مدى الكذب والنفاق واعتماد المعايير المزدوجة من قبل هؤلاء بما يخدم مصالحهم، وان ما يحصل الآن ليس بجديد بل هو ما يطبق في مختلف قارات العالم ولسنوات طويلة بدون أي رادع اخلاقي او قانوني، لكن الاعلام الغربي والاميركي طالما عمل على خدع الناس بتلمييع صورة النظام الاميركي وحلفائه في الغرب والاقليم، وبات من الضروري على الجميع الاستيقاظ من الغفلة التي يعيشون بها بأن الولايات المتحدة وحلفائها هم أنظمة تؤمن بحقوق الانسان والحريات وتحرص على حمايتها.
المصدر: موقع المنار