التدخل بانتخابات رئاسة الجمهورية.. الإرهاب الأميركي يتواصل
العين برس / تقرير
ذوالفقار ضاهر
القاعدة العامة في القانون الدولي تؤكد انه لا يحق لدولة ذات سيادة التدخل بشؤون دولة اخرى، ولكن في متابعة لممارسات بعض الدول نرى الكثير من التدخل في شؤون الآخرين تحت عناوين ومسميات مختلفة، حيث تُختلق الذرائع أحيانا للتدخل في بعض الملفات وقد نرى إحتلالا لدولة من قبل أخرى بحجة العمل على مساعدتها.
واليوم في ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية وما يجري من أخذ ورد يمكن ملاحظة تدخلات كثيرة من قبل بعض الدول سواء إيجابا أو سلبا، واللافت ان غالبية الدول تدعي حرصها على استقلالية القرار اللبناني وان الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لا يجوز التدخل فيه، إلا ان العديد من الدول تحاول دفع المسار الرئاسي قدما بشكل او بآخر لحث اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق، بينما هناك بعض الدول تهدد صراحة بفرض عقوبات وإتخاذ تدابير بحق فئات او شخصيات او قوى تصنفها على انها “معرقلة” للانتخابات الرئاسية، وعلى رأس من يرفع سلاح التهديد بالعقوبات هي الولايات المتحدة الاميركية.
وفي السياق، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إن “إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، بسبب فشلهم حتى الساعة في انتخاب رئيس للجمهورية”. وتابعت “نحن نعمل مع عدد من الحلفاء الاقليميين والاوروبيين للضغط على مجلس النواب اللبناني كي يقوم بعمله، النواب المنتخبون من قبل الشعب للبناني فشلوا في إتمام واجباتهم ورئيس مجلس النواب فشل في الدعوة لجلسة جديدة منذ كانون الثاني الفائت، كي يفسح المجال أمام اعضاء البرلمان لطرح اسماء مرشحين للرئاسة والتصويت عليها…”، وتتزامن التهديدات الاميركية مع التسويق لترشيح “الموظف في صندوق النقد الدولي ووزير المالية الاسبق في حكومة فؤاد السنيورة” جهاد أزعور، حيث اجتمعت بعض القوى المتعارضة على ترشيحه في خطوات تثير الريبة من وجود الايادي الخفية دوليا واقليميا على تحريكها.
فهل مثل هذا الأمر يشكل تدخلا في الشؤون الداخلية للبنان أم لا؟ وهل بإمكان دولة التذرع بحرصها على مصلحة لبنان وتتعاطى بفرض العقوبات معه؟ وأليس هذا الأداء الاميركي يحمل في طياته دعما لاسم على آخر في السباق الرئاسي؟ وكيف يمكن مواجهة مثل هذه التدخلات الاميركية بشؤون لبنان؟
حول كل ذلك قال الاستاذ الجامعي والباحث في العلاقات الدولية علي مطر في حديث لموقع المنار الالكتروني إن “العقوبات، التي تؤخذ بشكل منفرد لتطويع الدول تشكل إرهاباً دولياً، على الرغم من أنه قلّما يتم الحديث عالميا عن إرهاب الدولة، الذي يُعد أخطر أنواع الإرهاب”. واكد ان “الولايات المتحدة تمارس إرهاباً اقتصاديا على لبنان، لأن الهدف منها لا يقل عن هدف الأعمال العنفية التي تكون لإخضاع الدولة”. وتابع ان “الحصار الاقتصادي لا يؤثر على الدولة ـ الحكومة وحدها، بل إنه يطاول الشعب القاطن في هذه الدولة، والذي يمكن أن يصل إلى حد الجوع والفقر المدقع”.
وأوضح مطر “إذا تطرقنا إلى المخالفات القانونية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية للمواثيق الدولية، سنرى أنها لا تقل مخالفةً للشرعية الدولية التي ترفض استخدام القوة في العلاقات الدولية كما ورد في الفقرة الرابعة من المادة الثانية في ميثاق الأمم المتحدة، وغيرها من القرارات والإعلانات العالمية العديدة، هذا فضلاً عن ميثاق الأمم المتحدة حصر هذه العقوبات بمجلس الأمن ولم يمنحها للدول”. واضاف “بالتالي فإن الحديث عن الانتهاكات الأميركية للقانون الدولي، ينطلق من مسلمة قانونية أساسية، هي أن هذه العقوبات لا يحق لدولة ما أن تفرضها من خارج سياق الأمم المتحدة، سواء فُرضت ضد دول أو كيانات إلا إذا كانت لا تتناقض مع ما تنص عليه مبادئ الأمم المتحدة أو قراراتها الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو مجلس الأمن”.
واشار مطر الى ان “لبنان يعاني أزمة خانقة اليوم بسبب سياسة الحصار الأميركي، عندما وضعته على لائحة العقوبات المباشرة، حيث يعرّض الأمن الاقتصادي اللبناني للخطر، وهو الشكل الأبرز والفاضح من التدخل في شؤون الدولة”. واضاف “هذا الإرهاب الذي تمارسه ضد لبنان، هو نتاج ضغوطات مستمرة من قبل صقور الإدارة الأميركية، لما يمثله من خطر وجودي على أمن الكيان الإسرائيلي، وكقوة رئيسية في المنطقة العربية غير خاضعة لسياسة الإملاءات الأميركية”. وتابع ان “الإدارة الأميركية تفعّل حالة الطوارئ الوطنية في ما يتعلق بلبنان وهو ما يُدخله في إطار الأمن القومي وهذا من المسائل الخطيرة من جهة والتدخل السافر في شؤون دولة ذات سيادة من جهة أخرى، كذلك يسعى نواب أميركيون إلى ابتكار نوع جديد من العقوبات على المقاومة وبيئتها بشكل دائم”.
ورأى مطر ان “الولايات المتحدة الأميركية تدخلت في لبنان، عبر سياسات مالية، اعتمدتها من أجل حصار لبنان ما فاقم من أزماته، حيث قامت بفرض خطط وآليات تستهدف العملة الوطنية والقطاعات الحيوية في الدولة، واليوم تريد أن تزيد من جرعة العقوبات عليه ما يمكن أن يزيد من معاناة لبنان وشعبه”. وقال “لا بد أن نحذر في نهاية المطاف من أن نحذر أنه إذا فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها في لبنان فإنها تذهب إلى خيارات أخرى أشد خطورة، وهي:
– التحريض والشيطنة ضد من تعتبرهم الولايات المتحدة متمردين على سياساتها وبكل الوسائل، إعلامية كانت أو سياسية أو أمنية أو استخباراتية.
– نشر الفوضى واستغلال هشاشة البيئات الداخلية لتمرير عناوين طائفية ومذهبية.
– ضرب الأمن والاستقرار من خلال الذهاب إلى خيار الاغتيالات، لإرباك الجبهة الداخلية وتوتير الأوضاع”.