التحريض على المقاومة في لبنان.. ماذا وراء “كمين” شاحنة الكحالة؟
العين برس/ تقرير
فاطمة فتوني
تتواصل المواقف المستنكرة والداعية إلى نبذ الفتنة في لبنان، وتوقّف الاستغلال والتحريض على حزب الله من بعض القوى السياسية اللبنانية. تلجأ بعض الجهات اللبنانية إلى استغلال كلّ حدث أمني أو سياسي في البلاد، واستباق أيّ تحقيقات، لتوجيه الاتهامات بحق حزب الله، بمواكبةٍ وتحريضٍ من بعض الجهات الإعلامية المحلية. فبعد أن قامت مجموعة مسلحة تتبع جهة سياسية معروفة، بالاعتداء على فريق حماية تابع لحزب الله كان يعالج مشكلة انقلاب شاحنة تابعة للمقاومة أثناء انتقالها من البقاع إلى بيروت، لم يعد يخفى على أحد حملات التحريض التي تبثّها بعض الجهات، واللعب على وتر قد يؤدي إلى إشعال فتيل حرب أهلية.
حملة ممنهجة تشُنّ ضد حزب الله من قبل قوى سياسية معارضة للحزب، عند كل حادثة تقع من أجل التصويب عليه. على الرغم من سقوط الشهيد أحمد قصاص التابع لحزب الله في هذه المواجهة التي حصلت، إلا أن ردّ فعل الحزب كان مسؤولاً وراعى الحساسيات الداخلية، بهدف الحفاظ على السلم الأهلي وعدم السماح لهذه القوى بتحقيق أجندتها.
الحملات التحريضية التي تعرّض لها حزب الله داخلياً خلال السنوات الماضية، كانت تفترض دائماً أن سلاح الحزب خارج عن إطار الدولة، بينما لم يستطع أصحاب هذه النظيرات جرّ الحزب إلى ساحة الاقتتال الداخلي، وبقي سلاحه وكل قوته وخططه موجّهة صوب الجنوب والاحتلال الإسرائيلي.
كما أن جهات لبنانية كثيرة تؤكد أنّ سلاح الحزب لا يتناقض مع مشروع الدولة في لبنان، وهو ليس موجّهاً ضدها، بل هدفه الدفاع عن البلاد. كما تذكّر أنّ “إسرائيل” لم تنسحب يوماً من الأراضي اللبنانية إلا تحت ضغط المقاومة. وهذا ما يسبّب عامل تعلّق كبير بالسلاح، ويخلق حاضنة شعبية تدافع عنه، كما حصل يوم أمس، وخصوصاً على منصات التواصل، بعد حادث الاعتداء على عناصر المقاومة في منطقة الكحالة شرق بيروت.
يشار إلى أن اعتداء أمس “يقدّم خدمة مجانية للاحتلال، لأنه يستهدف عامل القوة الذي يؤمّن الحماية للبنان وثرواته، ويردع الاحتلال عن القيام بأي عدوان على لبنان، من خلال معادلة الردع التي فرضتها المقاومة، والتي أجبرت “إسرائيل” على الاعتراف بحق لبنان في ثرواته البحرية”، وذلك بحسب البيان الذي أصدره لقاء الأحزاب القوى والشخصيات الوطنية اللبنانية.
وفي ظل الدفاع عن موقف المقاومة في مواجهة التحريض وزرع الفتن، هناك من رأى أيضاً أن الهجوم المسلح الذي نفذته عناصر تابعة لبعض الميليشيات المعروفة (الكتائب والقوات)، يؤكد أنها “ما زالت تعمل وفق أجندة خارجية بعيدة كل البعد عن مصلحة لبنان واستقراره وأمنه”. ولا سيما أن التنسيق قائم بين المقاومة والجيش اللبناني الذي يعرف أكثر من غيره أهمية سلاح المقاومة في حماية لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
كما “يدل بوضوح على وجود نيات مبيّتة لافتعال المشاكل والفتن في الداخل اللبناني، خصوصاً وأن الاحتلال يعيش أسوأ أزماته الداخلية التي تهدّد استقراره ووجوده. هذا إضافة إلى الخطاب التحريضي المشبوه الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام المأجورة، والمعروفة الثمن، ضاربة بعرض الحائط المصلحة الوطنية، على حساب مصالحها المالية والطائفية والفئوية”، وذلك كله بحسب البيان ذاته.
استثمار حادثة الكحالة لاستهداف حزب الله
“الأساس في المشهد المتوتر في لبنان هو التحريض الذي تجلّى في حادثة الكحالة”، بحسب الخبير في الشؤون السياسية وسيم بزي. وأضاف أن ما تنقله الشاحنة هو في صلب عمل المقاومة، لكن هناك من قرّر التعامل معها بطريقة تحريضية،وهناك فيديوهات لدى الأجهزة الأمنية تظهر أن هناك في بقعة الدم التابعة لأحد الضحايا رصاص لم ينفجر”.
وهناك مشروع يريد الترويج لفكرة أن “المقاومة جزء من فتنة”، وفقاً لبزي، والتركيز على الخطاب الفتنوي هو خدمة لجهات خارجية ويلتقي مع التحذيرات من الاضطرابات الأمنية الصادرة عن هذه الجهات.
الكثير من التحليلات رأى أن الاستهداف الأساسي طال سلاح حزب الله لأنه يشكّل عامل ردع وقوة في وجه الاحتلال بالدرجة الأولى. والاستثمار للحوادث التي تتعلق بالمقاومة ليس بالأمر الجديد والتحريض الإعلامي كذلك، وذلك من أجل إثارة النعرات الطائفية. المحلل السياسي يونس عودة، قال في هذا الصدد، إن “هناك قنوات تلفزيونية حاولت إشعال فتنة في البلد واستثمار ما جرى في الكحالة بخطاب تعبوي لتأليب اللبنانيين على بعضهم”.
هذا إضافة إلى فبركة المشاهد من قبل بعض القنوات وكتابة سيناريوهات لم تحصل، كل ذلك حصل يوم أمس، وهنا تردّد سؤال أمام كل هذا التحريض هل التعاطي اللاحق مع حادثة شاحنة الكحالة كان مدبّراً؟
التوظيف السريع لما حصل من تحريض على المقاومة، يؤكد أن ما جرى في الكحالة كان مدبّراً، وفقاً لما قاله الخبير في الشؤون العسكرية والسياسية سمير الحسن. وأضاف أن التوقيت مشبوه والاستهداف واضح، وهناك من يحاول أن يستثمر في الفراغ الذي يعيشه لبنان، والتحريض على المقاومة واضح وسيتزايد إعلامياً بعد فشل التحريض الأمني.
وفيما يخص الاستغلال الإسرائيلي لما حصل في الساحة اللبنانية، قال الكاتب السياسي رياض صوما إن الاحتلال ومن يدعمه في الداخل والخارج باستطاعتهم استغلال أي حادث. ودعا إلى يقظة سياسية لإنقاذ البلد.
يكاد أغلب المحللين والمعنيين يجمعون على هدف استغلال أي حادثة للتحريض على المقاومة وسلاحها، ولكن في الوقت نفسه هناك اتفاق على أن مشروع الفتنة المتنقّلة بين المناطق اللبنانية لن يجد موطئ قدم له، وذلك بسبب قرار المقاومة الاستراتيجي بعدم تحقيق مخططات هؤلاء. وما جرى من تحريض على الحزب لا يتعدى كونه أمراً من بعض الجهات التي تتبع مخابرات خارجية تعمل بإمرتها.
وتتواصل المواقف المستنكرة والداعية إلى نبذ الفتنة وإيقاف الاستغلال والتحريض من بعض القوى السياسية في لبنان. فسلاح المقاومة الذي حقّق توازن الردع مع الاحتلال الإسرائيلي، يعد الضمانة لانتشال لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية من خلال حماية الغاز والنفط، ولذلك قسم كبير من اللبنانيين يعتبرون أن استهدافه والتآمر عليه يمثّل خيانة وطنية كبرى، تنبغي مواجهتها بكل الوسائل المتاحة ومعاقبتها أشد العقاب، بحسب المحللين.