البحر الأحمر … بين الأساطير اليهودية والاستراتيجية الصهيونية !
العين برس/ تقرير
علي الشراعي
( أن سيطرة اسرائيل على نقاط في البحر الأحمر ستساعد على الفكاك من أي محاولات لمحاصرتها وتطويقها ، كما ستشكل قاعدة انطلاق عسكري لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم قبل أن يبادروا إلى مهاجمتنا ) .
البحر الأحمر … بين الأساطير اليهودية والاستراتيجية الصهيونية !
للبحر الأحمر منزلة خاصة في التاريخ اليهودي وفي الفكر الاستراتيجي الصهيوني فقد نسج المؤرخون العبرانيون ورجال الدين اليهود حكايات عن صلات اليهود الاقدمين بالبحر الأحمر .
– حكايات واساطير
وتمتد تلك الحكايات والاساطير إلى مملكة سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد .
حيث يحكى التاريخ اليهودي أن مملكة سليمان اتسعت حتى شملت البحر الأحمر .
ومع ولادة الصهيونية في التاريخ الحديث ومن خلال مؤتمرهم سنه 1897م فقد شغل البحر الأحمر اهمية كبيره لدى قادة الحركة الصهيونية منذ أن اتجهت إلى جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود .
وقد اقامت الصهيونية دعواها في شأن البحر الأحمر على مزيج من النصوص الدينية والأساطير التاريخية حيث زعموا أن للمملكة سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد صلة وثيقة بالبحر الأحمر إذ اتسع ملكه حتى شمل هذا البحر ، وتزوج ببلقيس ملكة سبأ في اليمن ، و إن أسرة هيلاسيلاسي – سبط يهوذا – في الحبشة هي من ذرية هذين الملكين .
وهذا يفسر لنا اصرار المؤرخين والجغرافيين الصهاينة على اطلاق الأسماء العبرية على المواقع والمناطق الذي احتلوها فقد اطلقوا على منطقة أم الرشراش اسم إيلات .
– الاستراتيجية الصهيونية
جوهر التوجة الاستراتيجي الصهيوني للسيطرة على البحر الأحمر هو مد ( بُر الكيان ) بحرا حتى مضيق باب المندب وتوسيع السيطرة على البحر الأحمر ممرا وجُزرا ومضايق قد المستطاع من خلال الاستفادة من الصراعات والاحداث العالمية والدعم الغربي للكيان .
وايضا نفي الطابع العربي عن البحر الأحمر ففي نظر الكيان الصهيوني فإن البحر الأحمر لا يمكن أن يكون أو يصبح ( بحيرة عربية ) كما لا يمكن أن يكون وقفا على المصالح العربية وحدها .
كذلك من جوهر التوجة الاستراتيجي الصهيوني اقامة علاقات وترسيخها وتعميقها مع الدول الأفريقية وخاصة الشرقية منها المطلة على البحر الأحمر لأي احتمال ولتوظيف تلك الدول في حزام الأمن العربي المواجهة للكيان أو تحيدا لها على الأقل .
-الأهداف المنشودة .
وما أن تولى ( ديفيد بن غوريون ) رئاسة الحكومة الصهيونية بعد قيام كيانهم الغاصب في فلسطين سنة 1948م حتى أعلن استراتيجية كيانهم في البحر الأحمر بقوله : ( أن سيطره اسرائيل على نقاط في البخر الأحمر ستساعد اسرائيل على الفكاك من أي محاولات لمحاصرتها وتطويقها ، كما ستشكل قاعدة انطلاق عسكري لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم قبل أن يبادروا إلى مهاجمتنا ) .
-الهدنة المشئومة
وحتى يوم 16 مارس 1949م لم يكن للكيان الصهيوني أي حدود او وجود أو نقاط وصول إلى البحر الأحمر .
لكن مع توقيع اتفاقيات الهدنة المشئومه في 24 فبراير 1949م جعل الكيان الصهيوني يندفع جنوبا ليحتل منطقة أم الرشراش على خليج العقبة ومن ثم تغيير اسمها و انشاء ميناء فيها إيلات وبذلك اصبح للكيان منفذ يطل به على البحر الأحمر .
وما أن شرع الكيان في بناء ميناء ايلات على البحر الاحمر سنه 1951م أعلن بن غوريون ( أن اساطيل داود وسليمان ستشق طريقها من جديد في البحر الأحمر بعد توقف دام أكثر من ألفي عام ).
في حين يردد المؤرخون الصهاينة المعاصرون ( إن البحر الأحمر كان بحرا يهوديا في الماضي ، وسيبقي كدلك في الحاضر والمستقبل ) .
الدعم الأمريكي
ترتبط الاطماع الصهيونية في البحر الأحمر بالأهداف الاستعمارية الغربية والتى تعود إلى الأيام الاولى لإنشاء كيانهم في قلب الوطن العربي واستمرار دعمه وعرقله نهوض العرب والحيلولة دون تقدمهم ووحدتهم .
ومن خلال استخدام الصهيونية ما لديها من وسائل الضغط على الإدارة الأمريكية حتى يكون للدولة اليهودية المنشودة قيامها نصيب في النقب والبحر الأحمر .
فقد اثمرت تلك الضغوط والدعم الأمريكي السياسي آنذاك إذا اصدر الرئيس الأمريكي هاري ترومان أمره إلى وفد بلاده في الأمم المتحدة : ( من إجل إدراج منطقة النقب مع جزء من خليج العقبة ضمن حدود الدولة اليهودية التي كانت في مرحلة المخاض ).