الإمام الخامنئي بعد أحداث سوريا: جذور الصهيونية والعناصر الغربية في المنطقة ستُقتلع
العين برس/ تقرير
كعادته عند الأحداق المفصلية في منطقتنا، شرح قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي الأربعاء 11/12/2024، أبعاد الأحداث والتطورات في سوريا، في لقائه مع مختلف فئات الشعب الإيراني. مشيراً إلى الدور الواضح لإحدى الدول الجارة لسوريا في تلك الأحداث، مؤكداً بالرغم من ذلك، بأنه “ثمة قرائن كثيرة تدلّ على أنّ المتآمرين والمخططين وغرفة التحكّم الرئيسية هم أمريكا والكيان الصهيوني”.
فقد اعتبر الإمام خامنئي سلوك الصهاينة والأمريكيين في الأحداث الأخيرة في سوريا أحد هذه القرائن، قائلاً: “إذا لم يكن هؤلاء هم مخططي أحداث سوريا، فلمَ لم يلزموا الصمت، مثلما فعلت الدول الأخرى، لكن هؤلاء عمليًا تدخلّوا في الأحداث الجارية بتدميرهم مئات البنى التحتية والمطارات، والمراكز البحثية، ومراكز تدريب العلماء، ونقاط أخرى في سوريا”. مضيفاً بأن “الصهاينة، بالإضافة إلى استهدافهم مئات النقاط، احتلوا أراضي سوريا واقتربوا بدباباتهم من دمشق، في حين أنّ أمريكا التي تُبدي حساسية كبيرة تجاه الأحداث الحدودية الصغيرة في دول أخرى، لا تكتفي بعدم الاعتراض، بل قدّمت العون أيضًا”.
ثم كشف الإمام الخامنئي عن أحد القرائن الأخرى على تدّخل أمريكا والكيان المؤقت في أحداث سوريا، حيث قال: “في الأيام الأخيرة كان من المقرر إرسال بعض المساعدات والموارد إلى سكان إحدى المناطق السورية، خاصة منطقة السيدة زينب (ع)، لكن الصهاينة أغلقوا جميع الطرق البرية، ومنعت الطائرات الأمريكية والصهيونية، عبر عمليات تحليقها الواسعة، نقلَ هذه المساعدات جوًّا أيضًا”.
الأهداف مما حصل
أما على صعيد أهداف الأطراف الدولية المشاركة فيما حصل بسوريا، فقد قال الإمام الخامنئي بأن أهداف المعتدين الذين يسعون للسيطرة على الأراضي السورية من الشمال والجنوب متفاوتةً: “تسعى أمريكا لتثبيت موطئ قدم في سوريا، لكنّ الزمان كفيل بإثبات أن لا أحد منهم سيبلغ أهدافه. ستتحرّر المناطق المحتلّة من سوريا على أيدي الشباب السوريّين الغيارى، لا تشكّوا في أن هذا الأمر سيحدث”.
أما على صعيد تأثير التطورات السورية على محور المقاومة والمنطقة، وما يؤمّله المعسكر المعادي للمقاومة من مسار تحوّلات فقد أكد الإمام الخامنئي بأن “ما يظنّه عناصر الاستكبار أنّ جبهة المقاومة ضَعُفَت بعد سقوط الحكومة السوريّة التي كانت مناصرة للمقاومة، لكنّهم واقعون في خطأ فادح، لأنّهم لا يملكون، في الأساس، فهمًا صحيحًا للمقاومة وجبهة المقاومة”. مضيفاً بأن “المقاومة ليست مجرّد عتاد مادّي يمكن أن ينكسر وينهار، بل هي إيمان، وفكر، ومدرسة عقَديّة، وقرارٌ قلبي. ولهذا السّبب، تزداد قوّة المقاومة نتيجة الضغوط، وتتعزّز دوافع الأفراد والعناصر فيها إثر معايَنة الخبائث، وسوف يتّسع نطاقها أكثر فأكثر”. مستدلّاً على ذلك مما حصل في لبنان خلال معركة أولي البأس: “إنّ ضغوط المصائب وفقدان السيّد حسن نصر الله كانت قاسية جدًّا، لكن قوّة حزب الله وقبضته زادت صلابة، ولقد لهث العدو، مع رؤيته هذه الحقيقة، خلف وقف إطلاق النّار”. كما استدل على ذلك، انطلاقاً من تداعيات جرائم الكيان غير المسبوقة في غزّة، واستشهاد قادة المقاومة الفلسطينية مثل يحيى السنوار قائلًا: “ظنّ العدوّ بأنّ أهالي غزّة سيثورون ضد “حماس” تحت القصف، لكن ما حدث كان العكس، وأصبح النّاس يؤيدون “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وسائر الفصائل الفلسطينيّة المجاهدة أكثر من السابق”. مشدداً على أنّ النتيجة الحتميّة لضغوط الأعداء وجرائمهم ستكون اتساع نطاق المقاومة ليشمل المنطقة كلّها، وأن “ذلك المُحلّل الجاهل وغير العارف بمعنى المقاومة يظنّ أنّ هذه الأحداث ستؤدّي إلى ضعف إيران؛ عليه أن يعرف أنّ إيران قويّة ومقتدرة وستغدو أكثر اقتدارًا أيضًا”.
الدور الإيراني في سوريا
أمّا حول حضور إيران في سوريا خلال الأعوام السابقة، فقد أعاد الإمام الخامنئي التذكير بمساعدة الحكومة السورية للجمهورية الإسلامية خلال حرب الدفاع المقدس “في حين كان الجميع يعملون لمصلحة صدّام وضدنا، قدّمت الحكومة السورية مساعدة مصيرية لإيران، إذْ أغلقت خط أنابيب نقل النفط من العراق إلى البحر المتوسط، وحرمت صدام من عائدات هذا النفط”. مضيفاً بأن السبب الآخر للدعم العسكري الإيراني في سوريا والعراق هو التصدي لفتنة “داعش”: “كان داعش قنبلة انعدام الأمن، وكان هدفه زعزعة استقرار سوريا والعراق، ثم الوصول إلى إيران وزعزعة أمن بلدنا كغاية رئيسية ونهائية”.
ثم علّق على عدم تكرار ذلك خلال الأيام السابقة، بأن الحرب الرئيسيّة كان ينبغي أن يخوضها الجيش السوري: “القوى التعبويّة التابعة لسائر الدول قادرة على القتال إلى جانب الجيش، لكن إذا أظهر الجيش الضّعف وفقدان الهمّة، فلن يكون بمقدور القوى التعبويّة فعل أيّ شيء، وهذا، للأسف، ما حدث في سوريا”. موضحاً بأن “شرط الحضور في أيّ نقطة، هو مواكبة الحكومة هناك وموافقتها، مثلما حضرنا في سوريا والعراق بطلب من حكومتيهما، وإذا لم يوجّهوا الطلب، فإنّ السبيل مسدود ولن تكون هناك إمكانيّة للمساعدة”. مستخلصاً بأن “الأوضاع والمصائب الحاليّة في سوريا هي نتيجة الضعف، وتراجع روح المقاومة والصمود لدى الجيش السوري”. لكنه بشّر بأن من وصفهم بـ “الشباب السوريّون الغيارى سينهضون حتمًا، وسيتغلّبون على هذه الأوضاع بالصمود بل حتى بتقديم التضحيات، مثلما استطاع شباب العراق الغيارى، بعد احتلاله من قِبل أمريكا، أن يطردوا العدوّ من ديارهم وشوارعهم، بمساعدة شهيدنا العزيز وتنظيمه وقيادته”.
الدروس المستفادة من الأحداث السورية
أمّا حول الدروس المستفادة مما حصل، فقد استعرض الإمام الخامنئي العبر التالية مما حصل:
1)تجنّب الغفلة عن العدو. كاشفاً بأن جهاز الجمهورية الإسلامية الاستخباراتي كان قد أوصل، قبل 3 أشهر، تقاريرَ تحذيريّة إلى المسؤولين السوريّين، عن مخططات الجماعات المسلحة.
2)الصمود والمقاومة هما السبيل الوحيد لتحرير الأراضي المحتلة، كما فعل الشباب العراقي في مواجهة الاحتلال الأمريكي.
3)استعداد الشعب الإيراني لمواجهة أي تحديات، مشددًا على أن جذور الصهيونية والعناصر الغربية الخبيثة في المنطقة ستُقتلع بفضل الله وإرادة الشعوب المقاومة.
المصدر: موقع الخنادق