ظاهرة العمالة والخيانة والارتزاق، ليست ظاهرة طبيعية في كُـلّ شعوب العالم، هي ظاهرة تخضع الشعب للاحتلال، وتُسيء للمشهد الوطني العام، وهي سلوك دنيء مرتبط بالشخص المتساقط فيها، ومعالجتها قانونياً وأمنيًّا وإعلامياً أمرٌ مهم يأتي ضمن مسئولية الحكومات الوطنية وجهات الاختصاص وضمن مسئوليتها المجتمعية والرسمية.
الإعلان عن أدانت المحاكم العسكرية التابعة لدائرة القضاء العسكري في صنعاء، عدد 30 من الخونة المجرمين والمدانين بقتل وتعذيب الأسرى من الجيش واللجان الشعبيّة، في القضايا الجنائية رقم (21 لسنة 1443هـ، ورقم 7 لسنة 1443هـ، والقضية رقم 31 لسنة 1442هـ، والخَاصَّة بتدمير مقدرات الجيش الدفاعية)، شكل ارتياحاً شعبيًّا واسعاً، في الأوساط الجماهيرية وليس على مستوى ذوي المجني عليهم فحسب.
هذه الأحكام التي قضى منطوقها بإدانة المتهمين الـ 30 بالوقائع المنسوبة إليهم في قرار الاتّهام ومعاقبتهم جميعاً بالإعدام قصاصاً وتعزيراً، وبالعقوبتين التكميليتين المتمثلتين في الطرد من الخدمة في القوات المسلحة ومصادرة جميع أموالهم المنقولة وغير المنقولة في أيِّ يد كانت داخل البلاد أَو خارجها وتحت أي مسمى كان، وذلك لصالح القوات المسلحة اليمنية.
تُشكل اليوم مساراً جديدًا من مسارات الردع والتأديب لكل من يستمر في غيه وإجرامه وتماهيه مع قوى البغي والعدوان والاحتلال، ضد وطنه وأبناء شعبه وجيشه وقضيته، قد لا تكون هذه المرة الأولى التي تصدر عن المنظومة العدلية اليمنية أحكاماً بحق الكثير من الخونة والعملاء بموجب الدستور والقوانين النافذة وتطبيقاً لمتطلبات الشريعة الإسلامية.
لكن ثمة أسئلة تطرح نفسها، أمام هذه الأحكام وجدواها في الوقت الراهن، لتضع إجابات منطقية لكل معارض لأحكام الإعدام بحق قيادات الخونة والمرتزِقة، وذلك توسماً أن تعود هذه القيادات إلى رشدها ووطنيتها وآدميتها والتحلل من هذا التحالف، وكأننا نتناسى جميعاً كم كلف هؤلاء الخونة والعملاء اليمن وشعبه من أثمان باهظة وما زالوا على مدى ثمان سنوات من العدوان والقتل والحصار؟، فهل بقي أي مبرّر لكل منتقد لتلك الأحكام السليمة؟!.
بعيدًا عن الشأن السياسي فَـإنَّ هذه الأحكام لم تأتِ عبثاً، أَو ترصداً سياسيًّا كما يحب البعض توصيفها، بل جاءت وفق دلائل وبراهين موثقة ومسجلة بالصوت والصورة، وباتت هذه الأحكام تمثل مطلباً شعبياً ووطنياً بامتيَاز؛ باعتبَار هؤلاء المجرمين، والذين هم بالأَسَاس خونة للوطن وللقضية الوطنية، والتي يجب عدم التهاون إطلاقاً في هكذا ملف مهما بلغت درجة الحساسية التي تتوخى استخدامها للترتيبات النهائية للحل.
هذه الأحكام الرادعة لآفة العمالة والخيانة والارتزاق، تناسب تماماً مع مدى الجُرم الذي ارتكبه هؤلاء المجرمين ليس بحق أُولئك الأسرى من أبنائنا فحسب، بل وبحق الوطن والشعب، وتؤكّـد تعامل القضاء اليمني مع منطق القانون والشريعة في محاسبة كُـلّ من تورط وتآمر لقتل أبناء شعبه وتدمير مقدراته.
إضافة إلى أنها جزء من ترسيخ سيادة القانون والعدالة، وتحقيق الردع والتأديب وسيأتي التنفيذ طال الوقت أَو قصر، هي بمثابة دعوة ورسالة ذات أبعاد لكل فرد ممن تبقى ضمن هذا التحالف من المغرر بهم والمخدوعين بالشعارات الزائفة، والمنهمكين ببريق النقود الأجنبية أن يخطو خطوة إيجابية نحو وطنهم وشعبهم، وأخذ العبرة والعظة والاستفادة من الدروس والبيانات العملية.
بعد هذه الأحكام بات يتطلب من كُـلّ المتورطين في ذلك المستنقع، والذين يعتقدون أنهم في منأى عن أيادي العدالة، أن يتوقفوا ويراجعوا أنفسهم ويحاسبوها قبل فوات الأوان، وحتى لا يكون مصيرهم، بدلة الإعدام الحمراء وحبل المشنقة القاتل، ناهيك عن تجريدهم كُـلّ ما اكتسبت أيديهم في داخل الوطن وخارجه، والعاقبة للمتقين.
المصدرِ: موقع أنصار الله