استحقاقات منتظرة ترتبط جميعها بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وتأتي جميعها في فترة زمنية قصيرة ما يرفع منسوب التوتر، وعليه فهي تفرض تحديات كبيرة تقف أمام الجميع.
يمكننا تلخيص استحقاقات المرحلة القريبة المقبلة، ذات العلاقة بالشرق الأوسط بما يلي: الاتفاق النووي وضرورة عودة الولايات المتحدة إليه، وهو معطل حتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، على الأقل، بسبب الضغوط الإسرائيلية على إدارة بايدن. الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة. حاجة أوروبا إلى الغاز الإيراني إضافة إلى غاز شرقي المتوسط. ترسيم الحدود المائية بين “إسرائيل” ولبنان والبدء بالتنقيب لاستخراج الغاز والنفط اللبنانيين، لتجنّب حرب بين “إسرائيل” والمقاومة اللبنانية.
انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشيل عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر وضرورة انتخاب رئيس جديد للبنان، وإضافة إلى استحقاق تشكيل حكومة لبنانية جديدة. انتخابات برلمانية جديدة في “إسرائيل” في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر وتشكيل حكومة جديدة لا أحد يضمن تشكيلها مباشرة أو استمرار وجودها. قيام المستوطنين، ومن يدعمهم، وفي ظل الحملة الانتخابية، باقتحامات خطرة لباحات الأقصى، ابتداء من عيد رأس السنة اليهودية في 25 أيلول/سبتمبر، هذا الشهر، وحتى نهاية تشرين الأول/نوفمبر. إضافة إلى استحقاقين إقليميين آخرين، يتمثّل الأول في استمرار الهدنة في اليمن أو تجدّد القتال، أما الثاني فيتمثّل في إجراء انتخابات مبكرة في العراق أو تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية جديد، وهو استحقاق له علاقة بالأمن الإقليمي بلا شك.
دولياً، اقتراب موعد الاجتماع الأممي السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة، وموقف السلطة الفلسطينية من استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتهديد الأمن الإقليمي، في ظل صمت عالمي وعربي لن يقبل به الشعب الفلسطيني الثائر.
استحقاقات، ترتبط جميعها بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وتأتي جميعها في فترة زمنية قصيرة ما يرفع منسوب التوتر. وعليه فهي تفرض تحديات كبيرة تقف أمام الجميع.
بين التهدئة والتصعيد
ينقسم المحلّلون السياسيون، بين من يرى أن المنطقة ستشهد قريباً تهدئة إقليمية ومن يرى أنها ستشهد تصعيداً عسكرياً، وبين من يرى أن الانفجار مؤجل إلى ما بعد تشرين الثاني/نوفمبر، ومن يرى أنه قريب لا يحتمل التأجيل، لكثرة الصواعق وتزاحم اللاعبين.
الفريق الذي يؤكد في تحليله خيار التهدئة أو التأجيل، إنما يعتمد على أن إدارة بايدن تكمن في التهدئة، أو على الأقل، في تأجيل الصراعات العسكرية في الشرق الأوسط، بهدف الانتهاء في الانتخابات النصفية من دون صدام عسكري في الشرق الأوسط، فضلاً عن حاجتها إلى التفرغ لصراعات الولايات المتحدة الدّولية مع الصين وروسيا، وإلى حاجة أوروبا إلى الغاز المتوسطي، (في البحر أو في الخليج)، بديلاً من الغاز الروسي، وهو ما يجبرها أيضاً على التهدئة الإقليمية والعودة إلى الاتفاق النووي، وهي ستحث “إسرائيل” على وقيع اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان.
أما المعتمدون على سيناريوهات التصعيد العسكري، إنما يرون الطبيعة العدوانية للحركة الصهيونية، الممثلة بالكيان الإسرائيلي، دافعاً إلى هذا التصعيد، وكذلك طبيعة حلفائها في أوروبا والكونغرس الأميركي، كما يرون تخوف “إسرائيل” من التبعات الاستراتيجية لكل مصالحة أو تهدئة في الشرق الأوسط، لأنها، وفقاً لتقديرات “إسرائيل” الاستراتيجية، ستسمح لإيران بتحرير اقتصادها من القيود الأميركية، وهذا سينعكس سلباً على العلاقات الإسرائيلية مع أنظمة التطبيع العربية.
إضافةً إلى ذلك، يرى أصحاب سيناريو التصعيد، أن حكومة لبيد-غانتس بحاجة إلى عمل عسكري، عشية الانتخابات، يظهرها أكثر يمينية ودموية من حكومات نتانياهو، لعل هذا يرضي جمهور الناخبين اليميني المتطرف والمتعطش إلى الدم الفلسطيني واللبناني كما حصل عشية كل انتخابات إسرائيلية. هذا الجمهور الذي يتغذى يومياً على لغة القوة و”العظمة” والعنجهية المفرطة، بواسطة وسائل إعلام يمينية ومراسلين عسكريين تغذّيهم المؤسسة العسكرية نفسها، وقناعة بأن الجيش الإسرائيلي قادر على كل شيء، حتى “إن الجيش الروسي يخشاه، فيتعاون معه في سوريا”.
في ظل هذا التقسيم الحاد أجد نفسي أقرب إلى الفريق الثاني ولكن.. هل يكون العدوان الإسرائيلي القادم على إيران؟ أم على سوريا؟ أم على لبنان؟ أم على قطاع غزة أم على الضفة الغربية؟ أم أن “إسرائيل” تستعد لحرب إقليمية شاملة؟ وما شروطها المسبقة؟ أو كيف تستعد لذلك، من وجهة النظر الإسرائيلية؟
دلالات التصعيد المرتقب
بداية، لا بد من تأكيد أن كل عدوان تبادر إليه دولة الكيان الإسرائيلي، يبدأ بحملة إعلامية ترافقها حملة دبلوماسية، تتهم فيها “إسرائيل” أي طرف عربي مستهدف بأنه “يهدّد” “يستعد” لحرب على “إسرائيل”، وأن على “إسرائيل” أن “تدافع” عن نفسها في وجه الخطر المرتقب، وعليه فهي تشن عدواناً وضربة استباقية “دفاعاً عن النفس”!!! وهدف هذه الحملة الإعلامية السياسية تجنيد الرأي العام الإسرائيلي والدولي، لتأييد الضربة الاستباقية. والاستفراد بطرف دون الأطراف الأخرى لمنعها من التدخل أو دعم الطرف المستهدف.
إضافة إلى ذلك، تقوم دبلوماسية الاحتلال بالتواصل مع دول التطبيع، العربية وغير العربية، وتستخدم في ذلك كل الأدوات، حتى دبلوماسية العربدة الأميركية لدى هذه الأنظمة لمنعها من استنكار العدوان، وتبدأ بمراقبة ردود الفعل مسبقاً لتطمئن ولتختار اللحظة المناسبة لشن العدوان. كان آخر هذه الحملات، الإعلامية والدبلوماسية، قد سبقت العدوان على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. سبق العدوان حملة إعلامية اتهمت فيها “إسرائيل” المقاومة الفلسطينية بتخزين الأسلحة في المدارس والمستشفيات وأماكن مدنية أخرى، بعد أن ضمنت سلوك الاستخبارات المصرية واعتمدت على تقديراتها السياسية، شنّت عدوانها واستفردت بسرايا القدس بضربة “استباقية”، اغتالت فيها قائد سرايا القدس في شمال غزة، ولم تنته دون مجزرة طاولت الأطفال الأبرياء.
يتساءل المتابعون لشؤون الشرق الأوسط، وللمفاوضات النووية في فيينا على نحو خاص، هل تقدم “إسرائيل” على شن حرب على إيران في حال جرى توقيع الاتفاق النووي من جديد، أم ستشن “إسرائيل” الحرب على إيران قبل توقيعه، كعمل استفزازي، لمنع أميركا من العودة إليه؟ يعتمد هؤلاء على ارتفاع نبرة التهديد وزخم التصريحات الإسرائيلية واستمرار الاعتداءات على سوريا بادعاء مواجهة الخطر الإيراني، مع استمرار عمليات التخريب والإرهاب التي يقوم بها الموساد وعملاؤه في إيران، من تفجيرات واغتيال للعلماء وما إلى ذلك.
لكن الرأي الآخر يقول، إن “إسرائيل” لن تجرؤ على شن أي غارة على إيران، لسببين أساسيين، الأول: أن قيام إسرائيل بشن غارة جوية على إيران لاستهداف المفاعلات النووية هو عمل عسكري معقد لا تستطيع “إسرائيل” تنفيذه من دون موافقة أميركية مسبقة، واستعداد أميركي للمشاركة في الحرب إذا تدحرجت وتطورت واتسعت أكثر، وهذا لن يحصل، لأن أميركا مشغولة في الاستعداد لمواجهة الصين وهي مشغولة الآن في مواجهة روسيا في أكرانيا، إضافة إلى أزماتها الداخلية التي لا تسمح بانهماك الرئيس العجوز بعدة جبهات. وهذا الرأي فيه كثير من الصواب وإن كان يحتمل النقض قليلاً أو المفاجآت.
أما السبب الثاني فهو أن الولايات المتحدة تعلم جيداً أن الرد الإيراني سيكون كبيراً وواسعاً وسيشمل بنك الأهداف قواعد عسكرية ومصالح اقتصادية أميركية في الشرق الأوسط، وهذا قد يؤدي إلى تورط أميركي مباشر في الحرب أو إلى خروجها على نحو كامل من الشرق الأوسط، وهذا ما لا تحتاج إليه أميركا، بل تخشاه في الوقت الحاضر.
ماذا عن سوريا ولبنان؟
في الأشهر الأخيرة، كنا نرى أن احتمال قيام “إسرائيل” بشن عدوان كبير على سوريا أو لبنان أكبر من احتمال شن حرب على إيران، وهذا أشبه بما كانت عليه الحال عامي 2009 و2010، آنذاك كان نتانياهو يحث أوباما على إعطاء الضوء الأخضر لضرب إيران، فيما كان أوباما يصر على أن الهدف يجب أن يكون سوريا، التي تصل بين إيران وحزب الله. فهل تغيرت الحال أم عدنا إلى المشهد نفسه؟ الأحداث تتسارع والحملة الإعلامية قد بدأت، فهل اقتربت ساعة الصفر؟ وما الدلائل على ذلك؟ وهل يمكن أن يكون خيار “إسرائيل” التصعيد العسكري ضد المقاومة اللبنانية بدلاً من سوريا؟ أو ضد المقاومة الفلسطينية؟
قبل سفره الأخير إلى واشنطن، ادعى وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في مؤتمر صحافي خاص، أن “إيران تبني شبكات إرهاب ومواقع عسكرية لإنتاج الصواريخ الدقيقة في سوريا”، وعرض أمام الصحافيين صوراً جوية لمواقع بعيدة يدعي أنها كذلك. وهدّد بأن “إسرائيل لن تسمح” بذلك، في إشارة واضحة إلى أن “إسرائيل” ستشن غارة أو غارات جوية على هذه المواقع على الأرض السورية.
قبل يوم واحد من هذا التهديد، سافر لبيد إلى ألمانيا والتقى المستشار الألماني، وادعى أنه سلمه دلائل دامغة عن “نشاطات إيران السرية”، ما جعل الاتحاد الأوروبي يغير موقفه من إيران ويتهمها بتعطيل العودة إلى الاتفاق النووي، وهنا أجزم بأن ما قدمه لبيد لا يختلف عما قدمه بيني غانتس للصحافيين، وهو يأتي ضمن الحملة الإعلامية والدبلوماسية التي تسبق شن أي عدوان آخر. سبق ذلك، تصريح لبيد أمام قائد سلاج الجو الإسرائيلي عند زيارته مقره، قال فيه: “لقد اتفقت مع الرئيس بايدن على أن يدنا مطلقة الحرية في العمل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي”. لكنه لم يقل، أين وكيف ومتى… فهل تراجع القوات الروسية في أوكرانيا، أو التصعيد الغربي ضدها، يعظّم شهية “إسرائيل” للقيام بعدوان كبير على سوريا، لأن ذلك من شأنه أن يجنّد الدول الأوروبية لنصرتها مثلما تنصرهم هي في أوكرانيا؟ ولأن العدوان على سوريا سيعني عدواناً على كل المحور الشرقي، وحلقة من حلقات المعركة الكبرى لتعزيز الهيمنة الغربية، الأميركية والإسرائيلية والأوروبية؟
على الجبهة اللبنانية؟
لم تكن التهديدات الإسرائيلية موجهة إلى إيران وسوريا وحسب، بل طاولت حزب الله أيضاً. ففي المؤتمر الصحافي نفسه هدّد غانتس: بأن “التوتر على الحدود الشمالية قد يتطور إلى تصادم عسكري مع حزب الله”. فهل هو مستعد لمواجهة عسكرية مع إيران وسوريا ولبنان، في حين يجمع كل الخبراء العسكريين على أن أخطر ما يمكن أن يواجه “إسرائيل” في المستقبل هو حرب متعددة الجبهات، قد تشكل خطراً وجودياً على “إسرائيل”!؟
في السياق نفسه، كتب نير جفوري: “على خلفية العودة غير المؤكدة إلى الاتفاق النووي، وُضِعت على طاولة المستوى الأمني والسياسي وثيقة جديدة تطالب، بتغيير النهج، والتصعيد من اليوم الأول”. وأضاف، “هل أخذ زمام المبادرة في حملة (طلوع الفجر) وقرار القيام بضربة عسكرية مفاجئة والاستمرار في حملة عسكرية قصيرة، هو إشارة أولى إلى تغيير العقيدة الاستراتيجية لإسرائيل”؟
نير دفوري نفسه قال أيضاً، “إن التقرير السري الذي قدمه قائد الجبهة الشمالية إلى المستوى السياسي يقول: إن حزب الله يقف وظهره إلى الحائط وبالتالي قد يفتح جبهة ضد إسرائيل”. وهذا يعني، وفق النهج الجديد، أو وفقاً لعقيدة الضربة الاستباقية، أن على “إسرائيل” الاستعداد للقيام بعمل عسكري استباقي ضد الحزب.
الأهم هو تصريح رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهرون حليوي، الذي شارك يوم الثلاثاء الماضي في مؤتمر معهد رايخمان، حين قال: “إيران تعطي رأي نصر الله أهميةً كبيرة، وفرضية العمل لدي ولدى الجيش أن نصر الله شريك في القرار ولا ينفذ قرارات تؤخذ في إيران”. وأنه لو لم يكن حزب الله في لبنان لكان هذا البلد شريكاً لنا في اتفاقيات أبرهام”.
الأهم، ماذا يرافق هذه التهديدات؟
التهديدات وحدها لا تكفي للإشارة إلى نية “إسرائيل” الفعلية شن عدوان جديد. لذلك نشهد استعدادات على الأرض، مناورات عسكرية على الجبهة الشمالية، واستمرار توجيه ضربات جوية على مواقع عسكرية ومدنية في سوريا، ونشهد كذلك استمرار حملة عسكرية متدحرجة ضد المقاومة الفلسطينية، ضعيفة التسلح، في الضفة الغربية، وحشد قوة عسكرية يرافقها الطيران المسير والقاذف للصواريخ في شمالي الضفة الغربية، إضافة إلى حشد قوة عسكرية أكبر ضد المقاومة في قطاع غزة وتهديد حماس بالذات. واستعدادات كبيرة لمواجهة أي تحرك فلسطيني للدفاع عن الأقصى في وجه المستوطنين.
السيناريوهات المستقبلية
من هنا يمكن أن نتخيل السيناريوهات المقبلة. “إسرائيل” تستعد لحرب إقليمية كبيرة، مغامرة كبيرة تأجلت منذ عشر سنوات لعدم وجود ضوء أخضر أميركي، ويقول غالبية الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين إنها حرب حتمية لتحصين الوجود والهيمنة الإسرائيلية. قد تحصل هذه الحرب نتيجة تدحرج عدوان إسرائيلي، تعلن أنه محدود الزمان والمكان، لكنها، في الحصيلة، ستورط الولايات المتحدة فيه.
“إسرائيل” لن تجرؤ على مهاجمة إيران مباشرة للأسباب التي ذكرناها سابقاً، لذلك من المرجح أن تقوم بحملات عسكرية محدودة ومتفق عليها مع الولايات المتحدة، ضد سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، تستفرد بالمقاومة الفلسطينية أولاً، ثم تصب لهيب نيرانها على سوريا.
لكي تضمن عدم تدخل حزب الله، وهو القوة التي تقض مضاجع الإسرائيليين إلى أبعد الحدود، تعمل، بمساعدة البيت الأبيض، على إبقاء المفاوضات لترسيم الحدود المائية على نار هادئة، مع التأكيد ليلاً ونهاراً، أن المفاوضات إيجابية مع اقتراب موعد توقيع الاتفاق، وأن “إسرائيل” معنية بالوصول إلى اتفاق، وأن ثمة مذكرة تفاهم لمصلحة لبنان، لكن من دون توقيع اتفاق، ومن دون رفع الفيتو الأميركي عن شركات التنقيب والاستخراج في المياه الاقتصادية اللبنانية، وهكذا يبقى حزب الله أمام مسؤولياته في حماية الغاز والنفط اللبنانيين من جهة، وبين التزاماته لشركائه في محور المقاومة، ضمن ما يسمى وحدة الساحات.
فإذا شنت “إسرائيل” حملة عسكرية على المقاومة الفلسطينية، أو على سوريا، لا يستطيع الحزب أن يتدخل، وإن تدخل، فسيقوم ضده جمهور لبناني واسع ويتّهمه بتعطيل الاتفاق مع “إسرائيل” لترسيم الحدود، والادعاء أن الاتفاق سيسمح للبنان بالخروج من أزمته السياسية والاقتصادية، هكذا، تصب “إسرائيل” لهيب نارها على سوريا المثقلة بالجراح بذريعة الصراع مع إيران. وفي حال استمرت “إسرائيل” في المماطلة وقامت شركة انرجيان بالبدء في استخراج الغاز من حقل “كاريش”، وقام حزب الله بتنفيذ تهديداته، فسيُتهم الحزب أيضاً بتخريب الاتفاق المرتقب، بادعاء أنه كان “قاب قوسين أو أدنى”.
تسعى “إسرائيل” اليوم إلى شن حملات عسكرية على حلفاء إيران في المنطقة، المقاومة الفلسطينية وسوريا، تمهيداً للقيام بعدوان عسكري على حزب الله، وفي نهاية المطاف تمهيداً لشن عدوان على إيران. إمعاناً في تطبيق سياسة الاستفراد بالساحات.
قد يقول قائل: إن “إسرائيل” تخشى الحرب على الحزب لأنها تعرف النتائج الوخيمة الإسرائيلية الاستراتيجية على “إسرائيل”، العسكرية قبل السياسية والاقتصادية، هنا لا بد أن نتذكر جيداً، أن الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين يؤكّدون بمعظمهم أن التصادم مع حزب الله لا مفر منه، وأن الحرب على الحزب اليوم، مهما كانت نتائجها وكارثيتها، ستكون أسهل من أي معركة مؤجلة وأقل على وحدة المعادلة بين الجيش والمقاومة والشعب، وإذ سنحت لـ”إسرائيل” الفرصة لعملية اغتيال كبيرة أو ضربة عسكرية لمواقع حساسة، فلن تتردد في القيام بذلك، في انتظار هذه الفرصة ستناور وتحاور وتراقب، وتقيّم الحالة اللبنانية كل يوم.
هكذا تختبر “إسرائيل” إمكانياتها، أيضاً، وتحاول التخلّص من أعدائها الأقرب إلى خاصراتها الضعيفة. تمهيدا لشن حرب كبيرة على إيران.
المصدر: الميادين