إنهيار الهيمنة البحرية الأمريكية كيف كشف اليمن نقاط الضعف وكيف استغلتها الصين ؟
العين برس/ مقالات
كامل المعمري
تراجع الهيمنة الأمريكية في البحار، وما تعرضت له البحرية الأمريكية من انتكاسات خطيرة في البحرين العربي والأحمر على يد الجيش اليمني، كشف نقاط ضعف استراتيجية استغلتها الصين بشكل ذكي لتصعيد التوترات في بحر الصين الجنوبي صناع القرار في واشنطن وجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة، فرضت عليهم إعادة تقييم استراتيجياتهم وتحركاتهم في ظل تصاعد التهديدات في مناطق متعددة حول العالم.
تداعيات الوضع والموقف والتراجع الكبير للقوات البحرية الأمريكية في البحرين العربي والاحمر والذي جعل الصين ترصد نقاط الضعف في الاستراتيجية البحرية الأمريكية دفعها لاتخاذ خطوات تصعيدية جديدة في توقيت مهم، مستغلة تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المناوشات البحرية بين الفلبين والصين، جاءت آخر تطورات هذا الصراع بمطالبة الصين الفلبين بسحب السفينة التابعة لها فوراً من بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. هذا التصعيد يأتي في إطار سعي بكين لبسط سيطرتها على هذا البحر الذي يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة لما يحتويه من ثروات طبيعية، مثل النفط والغاز، إضافة إلى دوره المركزي في حركة التجارة العالمية.
في هذا السياق الحرج، جاءت زيارة جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى بكين كخطوة استثنائية.
هذه الزيارة التي تعد الأولى لمستشار أمن قومي أمريكي إلى الصين منذ ثماني سنوات، أثارت الكثير من التساؤلات حول أهدافها وتوقيتها. محللون يرون أن الإخفاقات المتتالية التي واجهتها البحرية الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي قد تكون الدافع الرئيسي وراء إرسال سوليفان إلى بكين
الولايات المتحدة، التي أصبحت تواجه تحديات متزايدة على عدة جبهات، لم تعد مستعدة لمواجهة تصعيد صيني إضافي في بحر الصين الجنوبي.
ومن هنا، جاءت زيارة سوليفان كتحرك استباقي لاحتواء هذا التصعيد ومحاولة تهدئة التوترات قبل أن تصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها. الولايات المتحدة، التي تدرك تماماً المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تترتب على تصعيد غير محسوب مع الصين، تسعى الآن لإيجاد مخرج دبلوماسي يعيد التوازن إلى هذه المنطقة الاستراتيجية.
لكن السؤال الذي يظل مطروحاً هو: هل ستتمكن الولايات المتحدة من إقناع الصين بالعدول عن استراتيجيتها التصعيدية؟ أم أن واشنطن، بعد سلسلة الإخفاقات الأخيرة، ستجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات في مواجهة قوة صاعدة لا تقبل الشروط المفروضة؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه العلاقات بين القوتين العظميين، وستكشف إن كانت الدبلوماسية الأمريكية قادرة على سد الثغرات التي كشفت عنها التحديات البحرية الأخيرة
غير ان مراقبين يرون ان امام الصين فرصة سانحة وتوقيت مناسب لبسط نفوذها في بحر الصين
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي جاء محملا بالتوتر، حيث حذر وانغ مستشار الأمن القومي الأمريكي من العواقب الوخيمة لدعم الفلبين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. وقد أبلغ وانغ سوليفان بوضوح أن على الولايات المتحدة ألا تستخدم المعاهدات الثنائية كذريعة لتقويض سيادة الصين وسلامة أراضيها، مشدداً على ضرورة عدم دعم أو التغاضي عن “انتهاكات” الفلبين.
واجمالا وفي ظل تزايد التحديات على عدة جبهات، تبدو الولايات المتحدة في موقف دفاعي صعب. التصعيد في بحر الصين الجنوبي والضغوط المتزايدة من بكين تضع واشنطن أمام خيارين: إما التصعيد والمواجهة غير المحسوبة، أو التراجع وتقديم تنازلات قد تؤثر على نفوذها العالمي.
الأيام القادمة ستحدد إذا ما كانت الدبلوماسية الأمريكية ستنجح في تهدئة التوترات، أم أن الصين ستواصل استغلال نقاط الضعف الأمريكية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
ومن هنا، ينبغي على الصين أن تكون ممتنة للغاية لليمن، الذي تمكن بفضل استراتيجيته العسكرية من كشف نقاط الضعف في البحرية الأمريكية.
لقد أتاح هذا الواقع الجديد للصين إمكانية التحرك بجرأة أكبر على الساحة الدولية، خاصة في وقت تتراجع فيه القوة الأمريكية.
التحولات التي فرضها اليمن في ميزان القوى البحرية أثرت بشكل مباشر على توازنات القوى الإقليمية، ما منح الصين هامشاً أوسع للمناورة ومتابعة خططها التوسعية بثقة أكبر.
ومع إدراك الصين للدور المحوري الذي لعبه اليمن في كشف نقاط الضعف الأمريكية،
فهل هناك مقابل يمكن أن تقدمه الصين يشمل ذلك تعزيز التعاون العسكري والتقني مع صنعاء، ام ستتجه بنفس نهج سياسة بوتين الذي ارتكب خطأ استراتيجيا كان من نتائجه توغل القوات الاوكرانية في لوسيك الروسية وهذا ما يجب ان تدركه الصين وروسيا ان المعركة واحدة من لوسيك وغزة وبحر الصين الى البحر الاحمر
واخيرا يمكن القول انه لم تكن الصين بهذه الجرأة على التصعيد في بحر الصين الجنوبي أو اتخاذ خطوات بمثل الحزم الذي تتبناه اليوم في مواجهة الولايات المتحدة، لولا ما قدمته صنعاء من خدمات استراتيجية غير مباشرة.
فقد أتاح الأداء العسكري للجيش اليمني، وقدرته على كشف نقاط الضعف في الهيمنة البحرية الأمريكية، للصين فرصة استثنائية للتحرك بثقة أكبر على الساحة الدولية.
بفضل هذه التحولات التي فرضها اليمن في موازين القوى، تمكنت بكين من مخاطبة واشنطن بلهجة حادة، مطالبةً باحترام سيادتها في بحر الصين الجنوبي، معتمدةً على قناعة بأن التفوق الأمريكي لم يعد مطلقاً، وأن هنالك مساحات جديدة يمكن للصين أن تملأها.
هذا التطور عزز موقف الصين، مما سمح لها بتحدي النفوذ الأمريكي في منطقة تعتبرها جزءاً أساسياً من أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.
– صحفي متخصص في الشؤون العسكرية