يحز في نفس الانسان العربي والمسلم كثيرا، عندما يرى ما آلت اليه حال بعض الانظمة العربية، التي تمادت في علاقاتها العلنية مع الكيان الاسرائيلي الى مديات مخزية وشنيعة، ولكن في المقابل يشعر هذا الانسان ببعض الامل الذي يخفف من حزنه، وهو يرى المواقف العربية والاسلامية الاصيلة لبعض الانظمة العربية التي مازالت ترفض عار التطبيع وتتمسك بالقضية الفلسطينية، وتدفع في مقابل ذلك أثمانا باهظة لمواقفها المشرفة هذه.
اذا ما تجاوزنا مواقف انظمة السعودية والامارات والبحرين ومصر والاردن السودان، بوصفها انظمة تمثل نادي التطبيعيين، وكذلك مواقف انظمة سوريا والعراق واليمن والكويت بوصفها انظمة تمثل النقيض من انظمة التطبيعيين، سنتوقف قليلا امام موقفين متناقضين لبلدين عربيين جارين، يجسد الاول انظمة التطبيع فضل تجسيد، بينما يمثل الثاني نقيضه بالكامل. من اجل الوقوف على حجم هذا التناقض الصارخ بين هذين النظامين سنرصد بعض مواقفهما، وهي كفيلة لتضع الانسان العربي على حقيقة هذين النظامين، وهما النظام الجزائري والنظام المغربي.
الجزائر البلد المقاوم، ظل يطارد “اسرائيل” حتى طردها من الاتحاد الافريقي، الذي تم دسها فيه، بصفة مراقب، بتواطؤ من بعض الدول العربية والاسلامية في القارة الافريقية، وكانت ومازالت من اكثر الدول العربية والاسلامية، التي تقف بالمرصاد امام تسلل الاسرائيلي في المنطقة العربية والافريقية.
الجزائر وصلها يوم أمس الاحد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس، إسماعيل هنية على رأس وفد رفيع المستوى تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. وجاء في جانب من البيان الصادر عن حركة حماس بهذه المناسبة، ان الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ينظرون إلى الثورة الجزائرية كمصدر إلهام يستمدون منها القدوة والمَثَل في طريقهما نحو تحرير فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها.
في المقابل كانت هناك صورة في المغرب جار الجزائر العربي، لا تَسرُّ إي عربي او مسلم، فقد وقع المغرب على مذكرة تفاهم “دفاعية” مع الاحتلال الاسرائيلي، وذلك بعد زيارة وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، الى المغرب، مستغلا الخلاف بين البلدين حول القضية الصحراوية، مُسوّقا كيانه على انه داعم قوي للمغرب في هذه القضية.
وتشمل المذكرة تعاونا في المجالات الأمنية والاستخباراتية، وتقضي بعقد صفقات أمنية وبيع معدات أمنية وعسكرية وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وتفتح الباب امام الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب. وقبل اسبوع من الان دعت وزيرة الداخلية في كيان الاحتلال ، آييليت شاكيد، المعروفة بتصريحاتها التي وصفت فيها الفلسطينيين بانهم ثعابين ويجب إبادتهم، خلال زيارتها للمغرب، الى استجلاب عُمال مغاربة الى “إسرائيل” للعمل في فرع البناء، وأيضا في فرع التمريض!.
من الواضح، انه ليس هناك من يتألم اكثر، من هذه العلاقة الشاذة التي تربط النظام المغربي بالاحتلال الاسرائيلي، من المغاربة انفسهم، فهذا الشعب المسلم، يتحين اقل فرصة للاعراب عن رفضه لهذه العلاقة، لمعرفته، ان المحتل الاسرائيلي يحاول التغلغل في المنطقة العربية والاسلامية، من خلال بعض الخلافات الحدودية بين الدول العربية والاسلامية، كالخلاف بين المغرب والجزائر حول القضية الصحراوية، وهذا التغلغل سيؤدي حتما الى تأجيج الخلاف والدفع به نحو الحرب لاستنزاف ثروات الشعوب واضعاف جيوشها واغراقها بالفوضى والفتن.
المصدر: العالم