العين برس / اقتصاد
\، ولا سيما في القطاع النفطي؟ ش
إيران تتفادى العقوبات
عقوبات الولايات المتحدة على إيران تعود إلى أكثر من 30 عاماً، وبالتحديد إلى العام 1979 عندما اقتحم الإيرانيون بعد الثورة الإسلامية السفارة الأميركية في طهران، إذ جمّدت الولايات المتحدة على الفور الأرصدة الإيرانية في المصارف الأميركية، وفروعها. وقُدّرت هذه الأرصدة بنحو 12 مليار دولار، لكن أغلبها أُفرج عنه لاحقاً.
بعدها، وفي العام 1987، قررت الولايات المتحدة التوقف عن استيراد السلع والخدمات الإيرانية، كما جمّدت الأصول المالية لطهران. وخلال التسعينيات، فرض الأميركيون حظراً اقتصادياً خانقاً على إيران طال كل الشركات المستثمرة في قطاعي النفط والغاز الإيرانيين مهما كانت جنسيتها. بين تلك الفترة، ومطلع الألفية الثالثة، برز الملف النووي الإيراني.
في العام 2008، منعت الولايات المتحدة المصارف الأميركية من أن تكون وسيطاً في تحويل أموال مع إيران. وفي العام 2010، شدّدت واشنطن عقوباتها على إمدادات الوقود إلى إيران. وفي العام 2011، شددت واشنطن، مرةً أخرى، عقوباتها على الأشخاص الذين يقدّمون دعماً لقطاع الطاقة الإيراني. بعدها، وفي 2012، تمّ تشديد العقوبات على القطاعات النفطية والبتروكيماوية الإيرانية. ثمّ، في العام 2013، استهدفت واشنطن قطاع إنتاج السيارات والعملة المحلية (الريال الإيراني).
بعدها، اعتمد الإيرانيون عدة أساليب لتفادي العقوبات الأميركية على قطاع النفط، وذلك من خلال الاعتماد على دول نفطية صديقة، وكذلك مستوردين صمموا على الحفاظ على العلاقات التجارية النفطية مع إيران.
النفط الإيراني يتدفق إلى السوق العالمية
أدّت العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018، بعد أن انسحب من الاتفاق النووي الإيراني بشكلٍ أحادي، إلى تراجع تصدير النفط الإيراني. هذا التراجع قابله زيادة في الصادرات الإيرانية في ولاية الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الذي وعد، في 2021، قبل وصوله إلى البيت الأبيض بإحياء الاتفاق النووي.
اليوم، تحاول واشنطن زيادة الضغط على القطاع النفطي الإيراني بعد إعلان بايدن “موت” المفاوضات النووية، في محاولةٍ لوضع حد لتطوّر برنامج إيران النووي، مستخدمةً ورقة حظر الصادرات النفطية الإيرانية.
وبالرغم من أنّ واشنطن فرضت في تموز/يوليو 2022 عقوباتٍ على شبكةٍ عالمية من الأفراد والكيانات على خلفية مشاركتها في مواجهة العقوبات الأميركية، زادت الصادرات النفطية الإيرانية، ولا سيما إلى الصين بشكلٍ كبير، وهو ما أرَّق واشنطن التي تحاول عرقلة الاتفاقات بين بكين وطهران.
صادرات إيران من النفط قفزت لتصل إلى نحو 1.3 مليون برميل يومياً في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، لتستقر الشهر الماضي بالقرب من أعلى مستوياتها خلال 4 سنوات، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركتي “فورتيكسا Vortexa” و”كبلير Kpler”، لإصدار البيانات والتحليلات المُتعلّقة بالشحن. ووفق “رويترز”، وصل تصدير إيران النفطي إلى الصين أواخر العام 2021 إلى 700 ألف برميل يومياً.
وتوفّر هذه الزيادة والمتمثلة بـنحو 500 ألف برميل يومياً بين عامي 2021 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2022، دعماً للأسواق العالمية، إذ تُهدد العقوبات المفروضة على موسكو بتقييد إمدادات واحدة من الدول المنتجة الرئيسية للنفط.
وتقدر شركة “كبلير” للمعلومات أنّ صادرات الخام الإيرانية بلغت 1.23 مليون برميل يومياً في تشرين الثاني/نوفمبر وهو أعلى مستوى منذ آب/أغسطس 2022. ويعادل تقريباً مستوى بلغته في نيسان/إبريل 2019، حين سجل 1.27 مليون برميل يومياً، رغم أنها تراجعت لما يقل قليلاً فقط عن مليون برميل يومياً في كانون الأول/ديسمبر.
ووفقاً لتقديرات مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني، سيبلغ إجمالي إيرادات النفط الإيراني نحو 27.3 مليار دولار في عام 2023.
من جهتها، أعلنت منظمة أوبك، في تقريرها الشهري الأول لعام 2023، أنّ متوسط إنتاج النفط الإيراني في العام 2022 بلغ 28 مليوناً و885 ألف برميل يومياً. وزاد مستوى إنتاج نفط أوبك لهذا العام 2.542 مليون برميل يومياً بما يعادل 9% مقارنةً بالعام السابق.
واشنطن تزيد الضغط على بكين لوقف استيراد النفط الإيراني
تبدي الولايات المتحدة امتعاضها من وجود النفط الإيراني في الأسواق العالمية، ولا سيما في الصين، إذ أبدى المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روبرت مالي عدم رضا “واشنطن عن تصدير النفط الإيراني إلى الصين، متسائلاً هل يمكننا تنفيذ عقوباتنا بشكلٍ مثالي؟، يجيب نفسه بـ: “لا.. لكننا سنفعل كل ما في وسعنا للتأكد من أنه يتم تطبيقها”.
الصين، هي أكبر مستهلك للنفط الإيراني، وفقاً لشركة “أف جي إي”، علماً أن أغلب شحنات النفط الخام الإيراني المصدرة للصين، تصل إليها على أنّها خام من دول أخرى لتجنّب العقوبات.
وتزامنت القفزة في صادرات إيران النفطية، مع عودة النشاط الاقتصادي والتجاري في الصين، بسبب تخفيف قيود وباء “كورونا”، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وظلّت مرتفعة في الشهر التالي.
لذلك، تعتزم واشنطن اتخاذ خطواتٍ تستهدف فرض عقوبات على كل الأشخاص والكيانات التي تستورد النفط الإيراني. وعن هذا الأمر يقول مالي إنّ “محادثاتنا مع الصين بدأت قبل أشهر، وسنكثفها الفترة المقبلة”.
وعليه، فرضت وزارة المالية الأميركية عقوبات على 13 شركة؛ تتخذ من الصين مقراً لها، بالإضافة إلى هونغ كونغ، وجزر مارشال، والإمارات، بعد اتهامات بتقديمها تسهيلات تجارية تنتهك العقوبات المفروضة من واشنطن.
وقبل أيام، صرّح المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية الصينية لـ “رويترز” رداً على طلب التعليق، بشأن استيراد النفط الإيراني بأنّ “التعاون المشروع والمعقول بين الصين وإيران بموجب إطار العمل القانوني الدولي يستحق الاحترام والحماية”.
إطار العمل القانوني الدولي هذا، دشّنته بكين وطهران باتفاقية للتعاون مدتها 25 عاماً، تشمل قطاعات اقتصادية وعسكرية كبيرة لإعادة إحياء “طريق الحزام والحرير”، الذي يُعدّ تاريخياً سلسلة من الطرق البريّة والبحرية، ومن أبرز بنودها استيراد الصّين للنّفط الخام الإيرانيّ بشكلٍ مستمرّ.
إيران، تسعى إلى تحويل العقوبات من تحدّ اقتصادي إلى فرصةٍ تستغلها طهران في مجال التنمية والازدهار، وهذا الأمر يتماشى مع الاستراتيجية التي لطالما أكّدها المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، وهي أنّ المقاومة ستجبر الأعداء على التراجع بينما يؤدي الاستسلام إلى مزيدٍ من الرضوخ والضغوط والتحديات.
ورغم أنّ القطاع النفطي الإيراني مهمٌ جداً، إلا أنّ إيران تهدف منذ 30 عاماً إلى التخلص من استخدام النفط كأداة رئيسية في الاقتصاد، وتسعى إلى تحويل البلاد نحو قوةٍ صناعية تستخدم إمكانياتها الذاتية من أجل الإنتاج.