العين برس / اقتصاد
وكالة “بلومبيرغ” تعرض قراءة لأهم التغيرات العالمية اقتصادياً، وتشير إلى احتمال تغيير إجمالي في الأسواق العالمية، خاصة بعد القرار الصيني بالتخلي كلياً عن خطوات مكافحة كورونا.
ربما تظهر في الأسبوع المقبل المزيد من الأسباب التي تمنح الأمل بشأن الاقتصاد العالمي، بعد أشهر قاتمة مليئة بالعلامات السلبية التي تنذر بركود كبير، حيث من الممكن أن تعكس بعض البيانات التحسن التدريجي لأعمال الشراكة في معظم أنحاء العالم المتقدم.
ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع مؤشرات مديري المشتريات لكل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، في حين أنّ العديد من المقاييس ستظل تشير إلى الانكماش، فإنّ الاتجاه التصاعدي للسفر يمكن أن يضيف إلى التفاؤل، بحسب تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأميركية.
نشاط مديري المشتريات العالمي
ما يعزز مثل هذه الاحتمالات، إعادة فتح الصين بعد عمليات الإغلاق الوبائي، والأدلة على تباطؤ التضخم، والآراء المؤكدة لبعض كبار المسؤولين الأوروبيين بأنّ اقتصاداتهم لن تُعاني من الركود. ألمحت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، يوم الجمعة، إلى أنّ المقرض قد يرفع توقعاته لهذا العام قريباً.
وقالت كريستالينا جورجيفا في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا: “لدينا، بشكل واضح، قوة أسواق العمل تترجم إلى إنفاق المستهلكين والحفاظ على الاقتصاد، ومع إعادة فتح الصين، نتوقع أن يتجاوز النمو هذا العام مرة أخرى المتوسط العالمي”.
لكن ستكون الأسعار في الولايات المتحدة حاسمة أيضاً، والتقدير الأول للناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع هناك، المقرر يوم الخميس، قد يكون مفيداً. ومن المتوقع أن يُظهر الاقتصاد توسعاً بمعدل سنوي قدره 2.7% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، بعد وتيرة 3.2% في الربع الثالث.
بينما تشير هذه البيانات إلى نمو قوي، أظهرت البيانات الحديثة، بما في ذلك مبيعات التجزئة وبناء المنازل والإنتاج الصناعي، أنّ الزخم بدأ في التلاشي في أواخر عام 2022.
ويرى الاقتصاديون، الذين استطلعت آراءهم “بلومبيرغ”، أنّ الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة سيتراجع على مدى ربعين متتاليين في منتصف هذا العام، حيث أدّت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي إلى كبح الطلب.
بينما يمكن أن يُوفر الزخم الآسيوي دفعة لهذه التوقعات، أشارت مديرة صندوق النقد الدولي إلى أنّ هناك خطراً من أن مساهمته في الاقتصاد العالمي قد تنحرف عن مسارها.
وجهة نظر الخبراء
الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع في أميركا سيتعزز إلى حدّ كبير من خلال الإنفاق الاستهلاكي القوي على الخدمات، حتى مع تراجع السلع.
واصلت الأسر الاستفادة من المدخرات الزائدة الناتجة عن التحفيز والاستفادة من مكاسب الأجور القوية، وتشديد السياسة النقدية يعني أن عام 2023 سيشهد ضعفاً ملحوظاً في الطلب.
في مكان آخر، قد تتضمن قرارات معدل الفائدة المتعددة رفعاً محتملاً نهائياً لبنك كندا، والزيادة الـ12 على التوالي في كولومبيا.
وقد تبلغ أستراليا ونيوزيلندا عن تباطؤ نمو أسعار المستهلكين، في حين أنّ صانعي السياسة في منطقة اليورو لديهم فرصة أخيرة للتحدث قبل اجتماعهم في الأسبوع التالي.
الولايات المتحدة وكندا
بصرف النظر عن تقارير مؤشر مديري المشتريات والناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، من المتوقع أن تعلن الحكومة يوم الجمعة، أنّ الإنفاق الشخصي المعدل بحسب التضخم على السلع والخدمات انخفض في كانون الأول/ديسمبر للمرة الأولى منذ عام.
ومن المتوقع أيضاً أن تظهر البيانات معدلات تضخم معتدلة على أساس سنوي، لكنها ستظل مرتفعة. مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، الذين يراقبون الأمر قبل اجتماع نهاية الشهر الجاري، سيأخذون في الاعتبار مؤشرات تباطؤ الاقتصاد والتضخم المعتدل. ومن المتوقع أن تظهر تقارير أخرى انخفاضاً في مبيعات المنازل الجديدة والسلع الرأسمالية الأساسية.
بالنظر إلى الشمال، يبدو أنّ بنك كندا قد وضع سقفاً لواحدة من أكثر حملات التضييق تشدداً في تاريخه، بما يتوقعه الاقتصاديون والأسواق أن تكون هناك زيادة أخيرة بمقدار 25 نقطة أساس في تكاليف الاقتراض يوم الأربعاء.
من المحتمل أن يمتنع صانعو السياسة بقيادة المحافظ تيف ماكليم عن الإعلان عن وقف تام لعمليات الرفع، ويختارون بدلاً من ذلك الحفاظ على المعدل القياسي عند 4.5% مع الحفاظ على نبرة متشددة أثناء مراقبة مدى سرعة تراجع الاقتصاد.
القرار معقد بسبب البيانات المتضاربة. يواصل سوق العمل شديد الضيق في كندا إضافة وظائف مع اقتراب البطالة من مستوى قياسي منخفض، ومن المقرر أن يتوسع الناتج الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2022 بمعدل ضعفي وتيرة التوقعات السابقة للبنك المركزي.
ولا يزال التضخم السنوي مرتفعاً بشكل غير مريح عند 6.3%، لكن الضغوط الكامنة تظهر علامات واضحة على التراجع. وفي الوقت نفسه، تشعر الأسر المعيشية في كندا المثقلة بالديون بأزمة معدلات أعلى وبدأت في الحد من إنفاقها.
آسيا
أبلغت أستراليا ونيوزيلندا عن أحدث أرقام التضخم الخاصة بهما في منتصف الأسبوع، حيث يفكر بنك الاحتياطي الأسترالي في وقف دورة التشديد الخاصة به ويفكر بنك الاحتياطي النيوزيلندي في خطوته التالية بعد ارتفاع كبير في تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي كوريا الجنوبية، قد تظهر نتائج الناتج المحلي الإجمالي، يوم الخميس، انكماش الاقتصاد، وهي نتيجة قد تعزز الحذر في البنك المركزي.
في اليابان، من المفترض أن تشير بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في طوكيو، يوم الجمعة، إلى ما إذا كان التضخم أقرب إلى الذروة في ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وسيقرر اقتصادان في جنوب آسيا يخضعان للمراقبة عن كثب، باكستان وسريلانكا، أسعار الفائدة الرئيسية، إلى جانب تايلاند.
بدورها، أبلغت الفلبين عن أداء اقتصادها في عام 2022، والذي قدر الرئيس فرديناند ماركوس جونيور نموه بنسبة 7%.
وستقدم وزارة المالية التايلاندية أحدث تقديراتها الاقتصادية في وقت لاحق من الأسبوع المقبل. وستغلق الصين أبوابها طوال الأسبوع بسبب عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
أوروبا وأفريقيا
ستغلق النافذة الأخيرة لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي للتواصل قبل قرار سعر الفائدة في 2 شباط/فبراير، يوم الخميس. في الوقت نفسه، قد تعطي بيانات منطقة اليورو المزيد من المؤشرات على صحة الاقتصاد.
ومن المقرر ظهور مسؤولين عدة مرات قبل ذلك الحين، بما في ذلك ظهور رئيسة البنك كريستين لاغارد، التي تعهدت للحاضرين في دافوس بأنّها “ستواصل المسار” فيما يتعلق بالسياسة النقدية.
في ألمانيا، حيث أصبح المستشار أولاف شولتس مقتنعاً الآن بأنّه سيتم تجنب الركود، من المتوقع أن يظهر تقرير “آيفو” لثقة الأعمال يوم الأربعاء، تحسناً في جميع المقاييس. في غضون ذلك، قد يكشف التقدير الأول للناتج المحلي الإجمالي الإسباني للربع الرابع عن توسع طفيف.
وتواجه المملكة المتحدة أياماً قليلة أكثر هدوءاً مما كانت عليه في الفترة الأخيرة، مع عدم وجود متحدثين عن السياسة النقدية من بنك إنكلترا، كما أنّ مسح مؤشر مديري المشتريات وبيانات المالية العامة من بين العناصر الوحيدة المرتقبة.
وفي المجر، سيحدد البنك المركزي سعر الفائدة الأساسي في اجتماع شهري يوم الثلاثاء، حيث يتطلع المستثمرون إلى محور محتمل نحو التيسير النقدي في مناقصة الإيداع بعد يومين. شرقاً، من المتوقع أن يُحافظ المسؤولون الأوكرانيون على مؤشرهم القياسي من دون تغيير عند 25%.
وفيما يتعلق بأفريقيا، من المتوقع أن يبطئ البنك المركزي النيجيري من تشديد السياسة النقدية يوم الثلاثاء، مع زيادة بمقدار 50 نقطة أساس. تباطأ التضخم بشكل غير متوقع في كانون الأول/ديسمبر، لكنهّ ظلّ أعلى بكثير من معدل السياسة المستهدف، مما أدى إلى ردع الادخار.
يوم الأربعاء، من المحتمل أن يترك صانعو السياسة في موزمبيق تكاليف الاقتراض الرسمية من دون تغيير للاجتماع الثاني على التوالي مع تباطؤ توقعات التضخم.
بعد استعداده مبكراً لمعركته ضدّ أسوأ صدمة تضخم عالمية منذ جيل، من المحتمل أيضاً أن يبطئ بنك الاحتياطي في جنوب أفريقيا وتيرة رفع أسعار الفائدة يوم الخميس. يتوقع المستثمرون فرصة تزيد على 80% لرفع الفائدة 25 نقطة أساس.
أميركا اللاتينية
يوم الثلاثاء، من المرجح أن تؤكد تقارير أسعار المستهلك التحدي الهائل الذي يواجه صانعي السياسات في أكبر اقتصادين في المنطقة.
قد تسجّل البرازيل على أساس سنوي تحركاً تدريجياً منخفضاً من مستوى 5.9%، فيما تظل النتائج الرئيسية والأساسية في المكسيك كلّها من دون تغيير عن قراءاتها الأخيرة عند 7.86% و8.34% على التوالي.
في الأرجنتين، قد تكون بيانات الناتج المحلي الإجمالي مخيبة للآمال للشهر الثالث، مع المبالغة في تقدير البيزو وقرب التضخم من ثلاثة أرقام، ما يهدد الانكماش في الربع الرابع.
من المؤكد أنّ البنك المركزي التشيلي سيحافظ على سعره الرئيسي عند أعلى مستوى له منذ عقدين عند 11.25% للاجتماع الثاني على التوالي يوم الخميس. التضخم الذي وصل إلى 4 أضعاف المستهدف مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود يضع رئيسة البنك المركزي روزانا كوستا في موقف حرج.
فيما يتوقع مراقبون في كولومبيا إلى حدّ كبير أن يمدد البنك المركزي دورة قياسية لزيادة الفائدة، بعملية رفع 12 على التوالي إلى 13%، في مواجهة أشد موجة تضخم منذ جيل.
ومن المثير للدهشة أنّ وزير المالية خوسيه أنطونيو أوكامبو، وهو عضو له حق التصويت في مجلس إدارة البنك، قال يوم الثلاثاء، إنّ “البنك لا يحتاج إلى زيادة مرّة أخرى وإنّ التضخم بلغ ذروته، وكلاهما يتعارض مع استطلاعات البنك الخاصة للمحللين”.