مفاوضات غزة مجمدة… الكلمة للميدان واحتمالات التصعيد مفتوحة
العين برس/ فلسطين
بالرغم من مزاعم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأخيرة، عن أنه “قد تمّ الاتفاق على 90% من الصفقة، (صفقة وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة)، رغم وجود خلافات تحتاج إلى مزيد من العمل”، إلا أن كل هذا الكلام هو مجرد سراب لا أكثر، مع اجماع كل الأطراف المطلعة على مسار المفاوضات بشكل مباشر أو غير مباشر أن لا اتفاق قريب لانهاء الحرب. ومن أكثر الأمور دلالة على هذا الصعيد هو، ما قيل عن تراجع في نسبة “التفاؤل” الأميركي والتي كانت بارزة إلى حد كبير خلال الفترة الأخيرة خصوصاً مع إعلان الرئيس جو بايدن عن صوغ “اقتراح جديد” وعرضه على طرفي التفاوض.
حتى أن الأخير قيل وفقاً لمصادر إنه بات متردداً في طرح هذا الاقتراح، الذي كان من المفترض طرحه نهاية الأسبوع الحالي، مع إدراكه أن “احتمال التوصّل إلى صفقة تبادل ضئيل جداً”، بحسب ما نقلت “هيئة البث الاسرائيلية عن مصادر أجنبية واسرائيلية، وأن بايدن تتعزز لديه القناعة “بأن لا حماس ولا نتنياهو يريدان إبرام صفقة تبادل”، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إعلان المقاومة رفض التفاوض على اقتراح جديد غير “ورقة بايدن” القديمة ليس رفضاً للتفاوض ووقف الحرب بل رفضاً لاملاءات العدو وحليفه الأميركي وهو الذي يريد من خلالها تحقيق صورة نصر لم يحققها في الميدان.
وفي الاطار، صرّح مسؤولون لقناة “سي إن إن” الأميركية أن “عقبات المفاوضات بشأن غزة أثارت شكوك البيت الأبيض حول نهاية الحرب قبل نهاية رئاسة بايدن. ونقلت القناة نفسها عن ديمقراطي مقرب من البيت الأبيض أن “بايدن أصبح مهووسا بقضية “الرهائن” ووقف إطلاق النار بغزة مؤخراَ.
وليس بايدن وحده المهووس بالصفقة دون وجود أي ضغط فعلي أو اعطاء حلول منطقية، بل إن وزير خارجيته يبدو كذلك ايضاً مع حديثه عن “التطبيع مع المملكة العربية السعودية حتى قبل انتهاء الحرب”، في وقت لا زال العدو يرتكب المجازر اليومية بحق المدنيين في غزة والضفة المحتلة ويمارس أبشع أنواع التنكيل بحق الأسرى وهو ما سرّب أمس بالصوت والصورة من سجونه.
وخلال مؤتمر صحافي في هايتي أول من أمس، كان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن قد رأى، أن “التوصّل إلى اتفاق تطبيع بين “إسرائيل” والسعودية لا يزال ممكناً قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن”، مشيراً إلى أن “الاتفاق سيتطلّب أولاً وقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب موافقة إسرائيلية على مسار موثوق به نحو قيام دولة فلسطينية، وهو ما تصرّ عليه السعودية ويرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل قاطع”. وقال بلينكن “أتوقّع في الأيام المقبلة أن ننقل إلى “إسرائيل”، وأن تنقل قطر ومصر إلى حماس، أفكارنا، نحن الثلاثة، بشأن كيفية الحل”.
أحلام بلينكن نسفها نتنياهو، إذ ردّ عليه الأخير بأن “التصريح الأميركي بأنه تم التوافق على 90 بالمئة من الاتفاق، غير صحيح… ونحن لسنا قريبين من وقف إطلاق النار في غزة”. ليرد مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي بالقول “رئيس الحكومة (نتنياهو)، يتحدث عن نفسه وعن موقفه، لكن محادثاتنا مع نظرائنا الإسرائيليين ستستمرّ، على الرغم من أن الأمر صعب للغاية، إلا أنه لا يزال بإمكاننا التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، إذا تم تقديم بعض التنازلات وإظهار القيادة”.
كما أشارت “كان 11” الاسرائيلية إلى أن نتنياهو عقد، مساء الخميس، مشاورات أمنية مع قادة الأجهزة الأمنيّة، ووزير الأمن يوآف غالانت، ورون ديرمر، لبحث موضوع المقترح الجديد المرتقب من قبل الوسطاء.
وبحسب مصادر مطلعة على الموضوع، فإن الاجتماع نفسه ركز على مواصلة عمل جيش الاحتلال في غزة، بعد أن طلب نتنياهو من منظومة الأمن، صياغة إجراءات ردّ على مقتل الرهائن الإسرائيليين الستة الذين عُثر على جثامينهم.
هذا وأشارت هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة “كان 11″، إلى تشاؤم إسرائيليّ بشأن مقترح الوسطاء (مقترح بايدن الجديد)، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين تقديرهم، أن “المقترَح لن يكون مقبولا من قِبل حماس، ولا من قِبل “إسرائيل””. وذكرت المصادر ذاتها، أن “الجانبين متمسكّان بمواقفهما”.
نتنياهو يستجيب لآراء سموتريتش وستروك
ومما يؤكد وصول مفاوضات وقف الحرب إلى حائط مسدود، ما تحدث عنه اعلام العدو عن خطة لنتنياهو يزعم فيها أن “سحب تولي المسؤولية عن المساعدات من حماس سيؤدي إلى القضاء عليها”، وهو بذلك يتبنى توجهات الوزراء في حكومته وفي مقدمتهم بتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك اللذان يرفضان وقف الحرب ويطالبان، مع وزراء آخرين، بتوسيعها والاستيطان في القطاع.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة نتنياهو “مناقضة” لموقف ما يُسمى وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، إذ طالب غالانت بأن يعلن نتنياهو ألا تسيطر “إسرائيل” مدنيا في غزة، ودفع خطة تقضي بأن تحكم قطاع غزة جهة غير حماس.
ونشر ضباط في جيش الاحتلال في ما يسمى بـ”منتدى الضباط والمقاتلين في الاحتياط”، ما أسموه “خطة لهزم حماس”. جاء فيها أن عمليات الجيش الحالية في قطاع غزة ليست مفيدة، مقترحين خطة مؤلفة من مرحلتين، يتم خلالها تهجير السكان المتبقين في شمال القطاع والإعلان عنه “منطقة عسكرية مغلقة.
ووُضعت هذه الخطة بمبادرة رئيس شعبة العمليات الأسبق، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، الذي يوصف في الكيان بأنه “مُنظّر” الحرب على غزة، وهو أحد الجنرالات المتقاعدين الذين يتشاور معهم نتنياهو منذ بداية الحرب.
وتعتبر الخطة أنه “طالما أن حماس تسيطر على المساعدات الإنسانية، ليس بالإمكان هزمها”، وتقضي بتحويل المنطقة الواقعة شمال محور “نيتساريم”، الذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله، إلى “منطقة عسكرية مغلقة”، وإرغام 300 ألف فلسطيني يتواجدون حالياً في شمال القطاع، حسب التقديرات، على النزوح خلال أسبوع واحد.