مجزرة إسرائيلية ضد مدنيين لدى محاولتهم التقاط بث الاتصالات والإنترنت
العين برس/ فلسطين
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة ارتكاب الجيش الإسرائيلي مجزرة مروعة بحق مدنيين فلسطينيين في مدينة غزة لدى محاولتهم التقاط بث الاتصالات والإنترنت، مما يضيف جريمة أخرى إلىسلسلة جرائم الاستهداف المتعمد والقتل والإصابة العمدللمدنيين التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على نحو منهجي وواسع النطاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة منذ بدء الهجوم العسكري في تشرين أول/أكتوبر الماضي، مما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان، وتأتي في سياق أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ ثمانية أشهر في القطاع.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي يواصل بنمط متكرر استهداف وقتل مدنيين فلسطينيين بصفتهم هذه، بمن فيهم صحافيين، خلال محاولتهم التقاط بث الاتصالات والإنترنت للتواصل مع ذويهم أو جهات عملهم، عبر استهدافهم المباشر بالقصف الجوي أو القنص وإطلاق النار من طائرات مسيرة في مختلف مناطق قطاع غزة، وبدون أن يكونوا يشكلون أي مصدر للتهديد أو الخطر.
ووثق الأورومتوسطي إطلاق مسيرة إسرائيلية صاروخا على تجمع لمدنيين فلسطينيين على “نقطة لتوزيع الإنترنت” في شارع “الجلاء” عند مفترق مستشفى “العيون” وسط مدينة غزة عصر اليوم الأربعاء، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل، من بينهم طفلة، انتشلوا أشلاء متقطعة، وإصابة 15 آخرين، منهم من أصيب بجروح متوسطة وخطيرة.
وقال “حسن سعيد بركات” والد أحد المصابين جراء القصف الإسرائيلي لفريق الأورومتوسطي، إن هجوما بصاروخ من مسيرة إسرائيلية بشكل مفاجئ استهدف بشكل مباشر خيمة تستخدم كنقطة توزيع للانترنت وأحدث انفجارا ضخما خلال تجمع العشرات لالتقاط الانترنت والتواصل مع عوائلهم وأقاربهم.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أنه نتيجة التدمير المنظم والواسع النطاق الذي قامت به القوات الإسرائيلية ضد الأعيان المدنية في القطاع، بما في ذلك محطات الإرسال الخاصة بشبكات الهاتف المحمول وتدمير مقاسم الاتصالات الفلسطينية، يلجأ المدنيون الفلسطينيون إلى نقاط توزيع عشوائية، وأماكن مرتفعة في محاولة لالتقاط إشارة اتصالات لشبكات بديلة لتشغيل الإنترنت على بطاقات إلكترونية، إلاّ أن القوات الإسرائيلية تستهدف هؤلاء المدنيين بشكل متعمد ومباشر.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمدنيين خلال محاولتهم التقاط إشارة الاتصالات والإنترنت يتركز على المناطق المحاصرة والتي يرتكب فيها الجيش الإسرائيلي شتى الجرائم الدولية، الأمر الذي من شأنه طمس الحقيقة وعرقلة التغطية الصحافية لتلك الجرائم ويحول دون قدرة السكان على نقلها والتواصل فيما بينهم.
وأضاف أن هذا الاستهداف يتم في وقت يعاني سكان قطاع غزة من انقطاع مستمر وشبه كامل للاتصالات، ما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم تزامناً مع تعرّضهم للقصف الجوي والمدفعي الكثيف المتواصل على مدار الساعة للشهر الثامن على التوالي.
ونبه إلى أن منع سكان قطاع غزة من الوصول إلى الإنترنت ووسائل الاتصال بشكلٍ دائم يزيد حالة الخوف والرعب التي يعيشونها، مع عجزهم عن الاطمئنان على أحبّائهم، أو التواصل معهم، أو الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة، أو توثيق الجرائم الخطيرة التي ترتكب بحقهم يوميا.
ودمرت إسرائيل بشكل منهجي عبر استهدافات من طيرانها الحربي محطات الإرسال الهوائي لشبكات الهاتف المحمول على أسطح المنازل والمباني، وكذلك مقاسم الاتصالات للشبكة الأرضية الوحيدة في قطاع غزة، ما أدى إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت عن غالبية قطاع غزة في أغلب الأوقات، ولجأ السكان للبحث عن بدائل أخرى ليس من السهل تأمين متطلبات تشغيلها.
وأبرز الأورومتوسطي أنه منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، قطعت إسرائيل الاتصالات والإنترنت بشكل كامل عن قطاع غزة ما لا يقل عن 13 مرة، نتيجة الهجمات المباشرة على البنية التحتية المدنية للاتصالات السلكية واللاسلكية واستهداف الكهرباء، وحظر توريد الوقود اللازم لتشغيل المولّدات.
كان آخرها، يوم الأحد 13 أيار/مايو الجاري الذي شهدانقطاع خدمات الإنترنت الثابت في مناطق واسعة من قطاع غزة بسبب “عمليات القصف الجوي والمدفعي التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي” بحسب ما أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية.
وقد دمر الجيش الإسرائيلي عدداً كبيراً من أبراج الاتصالات وقصف المباني المرتفعة التي توجد عليها محطات تقوية الإرسال، ما تسبب في إضعاف الخدمة المقدمة، والتأثير بجودتها وانقطاعها لفترات طويلة، لا سيما في غزة وشمالها.
كما استهدف الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر الطواقم الفنية التابعة للشركات الاتصالات والانترنت أثناء عملهم في إصلاح الخطوط، ما تسبب في قتل عدد منهم، وإصابة آخرين بشكل متفاوت، على الرغم من عملية التنسيق المسبق التي تجري بواسطة الأمم المتحدة.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن جرائم القتل العمدالتي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين على نحو منهجي وواسع النطاق، تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، وتشكل ركنًا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة. وهذه الجرائم الخطيرة تستوجب تحرك المجتمع الدولي بأسره لوقفها بشكل فوري ووضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب، وضمان محاسبة مرتكبيها، بالإضافة إلى ضمان تعويض الضحايا.
وطالب المرصد الأورومتوسطي بتدخل دولي يكفل إلزام إسرائيل بالتوقف عن جميع جرائمها، بما في ذلك جريمة العقوبة الجماعية التي ترتكبها ضد جميع سكان قطاع غزة بشتى الوسائل والطرق التعسفية، بما في ذلك من خلالتعمد إغلاق وتدمير أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية، ما يحرمهم من الحصول على معلومات موثوقة متعلقة بالسلامة في الوقت الصحيح، والخدمات الطبية الطارئة والتواصل، فضلا عن أن قطع الاتصالات يساهم في طمس الحقيقة ويوفر غطاء على الجرائم المرتكبة هناك.
المصدر: المرصد الأورومتوسطي