تحدث قائد الثورة اليمنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمة له عشية ذكرى المولد النبوي الشريف تحدث فيها عن بعض النقاط المهمة في مسألة التغيير الجذري التي سيعلن عنها السيد القائد يوم غدا في الخطاب الجماهيري بذكرة المولد النبوي.
وأوضح السيد أن التغيير الجذري كان ضروريا منذ البداية بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر فكان لابد من التغيير لكننا انشغلنا بالتصدي للعدوان الذي استهدف بلدنا في كل شيء فحجم العدوان معروف ولا يحتاج الى حديث طويل لأن شعبنا هو الذي عانا من العدوان الذي استهدف الشعب في كل شي بالقتل الشامل والحصار الخانق والسعي لاجتياح البلد والسيطرة عليه فقد حاول العدو السيطرة على البلد بكلها لكنه فشل في اكمال عمليته.
ولفت السيد إلى أن حجم العدوان أوجب علينا أن تكون الأولوية الكبرى هي التصدي له لأننا كنا على وشك أن يخسر البلد وأن يخسر الشعب مستقبله ويتحول الى بلد خاضع بالكامل وشعب يخضع للسيطرة الخارجية وهذا مؤسف. ولذلك فمسألة التغيير ليست مسالة تعود الى مستجدات أو ضرورة جديدة أو مسالة طارئة بحيث نقول إن الوضع كان صالحا وان المؤسسات الحكومية كانت كما ينبغي وان الوضع كان بالشكل المطلوب ثم ساء الوضع فتطلب الوضع الاصلاح.
وأكد السيد أن الخلل في المؤسسات الحكومية خلل قديم فالمواطن يصيح منذ فترة طويلة ومواقف الشعب كثيرة لتغييره ومن ذلك ثورة 21 سبتمبر التي هي من أجل ما يعاني منه الشعب نتيجة ذلك الخلل المتجذر في مؤسسات الدولة.
وأوضح السيد أن الخلل يعود الى مشكلة كبيرة تمتد إلى العمق فهناك كثير من الأنظمة والقوانين واللوائح وهناك اشكالية في الكثير من المفاهيم المترسخة في الاداء الرسمي لها تأثير في أداء مؤسسات الدولة، ومن تلك المفاهيم ما يتعلق بالمسؤولية التي أصبح ينظر إليها كمنصب للحصول عل الامتيازات وهذه تؤثر على الكثير من الموظفين.
وأشار السيد إلى وجود الكثير ممن يختلفون عن المتنصلين ولديهم الكفاءة والنزاهة لخدمة السعب ويستشعرون المسؤولية ولكنهم يعانون حتى هم من مشكلة في الكثير من الاجراءات والسياسات السلبية التي تؤثر على ادائهم وتكبلهم عن خدمة شعبهم كما ينبغي .. مضيفا أنه من الغريب هو غياب معيار الكفاءة في التعيين من أكبر موقع في الدولة الى اصغر موقع حتى الرئيس نفسه، ليس في الرئيس ما يشترط من مؤهلات ومعيار الكفاءة، غائب تماما وهذا فتح المجال لكل من هب ودب أن يصل الى أي موقع معين.
وأوضح أن المشكلة قديمة والمواطن شكى سواء على مستوى القضاء التي تصل في تعاملها مع بعض القضايا الى 25 عاما دون جدوى لان القوانين والانظمة تساعد أن تأخذ المشكلة مسارا طويلا ولا تصل الى نتيجة .
حرمان لعقود
ولفت السيد إلى الحرمان من الخدمات التي يشتكي منها المواطن في كل المحافظات حتى المناطق القريبة من العاصمة صنعاء فهناك قرى وصلت إلى حد أنها لم تحصل على طريق معبد.
وكشف السيد أن الثروة الوطنية على مدى عقود من الزمن سرقت ولم تسخر لخدمة الشعب والبنية التحتية للشعب.. لافتا إلى أن هناك شخصيات حزبية امتلكت الشركات الضخمة والاستثمارات الضخمة وتتنعم بها في السعودية والامارات.
وأشار السيد إلى أن البعض ممن يذرفون دموع التماسيح على ظروف شعبنا، البعض منهم ممن هو في صف العدوان وأيد في سفك دماء شعبنا وتدمير مصالحه وتدمير المدن والقرى وتدمير الشي المحدود الذي كان قد توفر من بعض الخدمات، فإنه يمتلك من الأموال بأكثر مما توفر لشعبنا من بنية تحتية طيلة عقود من الزمن.
وجدد التأكيد على أن المشكلة قديمة والبعض كان يتوقع او يريد ان يكون المعايير المعتمدة لتقييم الانجاز من الحكومة والمؤسسات الرسمية في الظروف التي تعرض فيها ببلدنا لعدوان وحصار خانق وسيطرة على الموانئ والمطارات، فكان يريد ان تقدم المؤسسات في ظل العدوان ما لم تقدمه تلك الحكومات المتعاقبة على مدى عشرت السين فهذا ليس معيارا منصفا.
وأضاف أن البعض ممن يعتقدون هذا الاعتقاد كل ما يقوله هو في اطار الدعاية العدائية والتحريض الهادف الى تفكيك الجبهة الداخلية، لافتا إلى أن مستوى الظروف يجب ان نأخذها في التقييم فمستوى ظروف مؤسسات الدولة من محدودية الايرادات وضغط العدوان معروف ولا يمكن ان نتوقع منها تقديم المستحيل فكان التماسك بحد ذاته يمثل انجازا مهما. وكذلك السعي نحو التعافي كان خطوة مهمة جدا ومع ذللك فلا ينبغي أن يستمر الحال كمال هو عليه،، لان هناك اختلالات عميقة في القوانين والمفاهيم والسياسيات وفي كل شيء، اختلالات كبيرة مؤثرة سلبيا وكان بالامكان ان يكون الاداء افضل مما هو عليه.
وأكد السيد أن النظرة غير المنصفة او النظرة المتأثرة بالأعداء التي هي فيسياق الحرب على البلد هي النظرة التي تقدم التصور السلبي القاتم وكأنه ليس هناك أي انجاز.
الانجازات العسكرية
وأوضح السيد أن الانجازات العسكرية في هذه الظروف في ظل محدودية الامكانات ، يعتبر انجازا كبيرا فالقدرات العسكرية التي شاهد الشعب جزاء منها في العرض العسكري بمناسبة ذكرى ثورة 21 سبتمبر وشاهدها الاعداء وعرفوا مدى فاعليتها في ضرباتها في منشآتهم النفطية بوصول الصواريخ والطائرات الى العمق السعودي والاماراتي بالرغم من وجود المنظومات الاعتراضية المتقدمة من مثل الباتريوت وثاد .. ولذلك فحجم هذا الانجاز الكبير يرسخ الأمل لهذا الشعب انه بالإمكان ان يكون هناك تغيير حقيقي واصلاح فعلي وتغيير للواقع وتحويل الحالة التي يعيشها شعبنا الى حالة بناءه لان هناك من يسعى لترسيخ اليأس والتشويش الذهني وترسيخ حالة الاحباط.
وقال السيد : من يذر الملح على جرح الظروف الصعبة التي يعاني منها شعبنا سببها العدوان والحصار والدمار و الخراب مظافاً إليه أنه لم يكن هناك بنية اقتصادية فيوم كانت كل موارد البلاد متاحة في الحكومات السابقة لم تستثمر لبناء اقتصاد حقيقي يبني بلدنا ويحوله إلى بلد منتج وهذا بشكل متعمد حيث جعلوا السياسة الاقتصادية أن يكون بلدنا مستهلكا وليس بمنتج، وهذه سياسة متعمدة ساروا عليها لعشرات السنوات حتى اصبح الاستيراد في بلدنا لكل شيء وحتى ضاعت الحرف اليدوية وتعطل اي مسار للانتاج وبناء بنية للانتاج في المجال الزراعي.
وأكد السيد أن شعبنا باذن الله وبتوفيقه وبالأمل وبالعزم والارادة والهمة يستطيع ان يغير واقعه الاقتصادي وان يتحول الى بلد منتج وأن يغير سياسته الاقتصادية وأن يزيل العوائق في وضعه الداخلي سواء في اللوائح والقوانين أو في تغيير بعض المسؤولين الذين يعملون لمصلحة العدو والبعض منهم منعدم الكفاءة .
تحرك شعبي مع التغيير الجذري
وأوضح السيد أن التغيير الجذري سيترافق معه تحرك شعبي فاعل من اجل تغيير هذا الواقع وتغييره يتطلب تحركا شاملا وتغييرا يبدأ من الانفس لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وقال السيد : عندما نأتي إلى مسألة التغيير نلفت النظر إلى أنه لا يعني الحكم على كل المسؤولين بانهم فاشلون وسيئون وغير جديرين بالمسؤولية لكن هناك من المسؤولين من ذوي الكفاءة والاخلاص والجد من وممن بذلوا الجهد الكبير في هذه المراحل وهم حاضرون لخدمة وطنهم وكانت مشكلتهم تتمثل في الظروف والأنظمة التي تكبلهم وكذلك محدودية الامكانيات فلو تغير شخص من موقعه لا يعني ادانة له فالتغيير له اسباب متنوعة ولا يعني الادانة والاساءة الى كل شخص يتغير من موقعه ,, مضيفا أن هناك كوادر فاعلة من المخلصين الذين خدموا البلد بجد فلا بد أن يكون هناك نظرة مختلفة لأن البعض ضعيف في خبرته والبعض يكون مرتبط بالأعداء .
إزالة المخاوف عن التغيير الجذري
وأكد السيد أن التوجه للتغير ترافق معه دعايات و زرع مخاوف فالبعض يتحدث من الخطر عن الجمهورية وهذا منطق الاعداء فالذي يهمنا نحن هو قيام العدل والخير للبلد .. مؤكدا أنه ليس لدينا مشكلة مع الجمهورية نحن نريد الجمهورية ان تجسد الانتماء الأصيل الإيماني للشعب اليمني وهويته وان تحقق تطلعات وآمال الشعب في الحرية والاستقلال والعيش الكريم فليس عندنا مشكلة من المصطلح فما نريده من الجمهورية أن تجسد انتماء الشعب الايماني بما يحقق تطلعات الشعب في الحرية والاستقلال والعدالة والعيش الكريم. وهذا ما نسعى له فمن يعتبر هذا التوجه يمثل مشكلة فهو ادانة له في الأساس لأنه يريد من الجميع ان يتوجوا توجهاته السلبية.
كما لفت السيد إلى أن البعض يقلق من الحديث عن الهوية الايمانية .. موضحا أن الاعداء يسعون الى تجريد الشعب من هويته لان ذلك شيء مهم للسيطرة على الشعب بسهولة اذا اصبح بلا هوية وبلا انتماء ايماني وبلا قيم .
وقال السيد : نحن في كثير من المناسبات والكلمات أوضحنا ان لشعبنا خصوصية في مستوى انتمائه الايماني فهو شعب إيمانه أصيل وعميق ومتجذر، و تاريخه عريق في الانتماء الايماني والتمسك بالاسلام منذ صدر الاسلام وهذا الشعب يمتلك الهوية على مر التاريخ وهي هوية متجذرة ولذلك فالحديث عنها عما هو محل فخر واعتزاز لشعبنا وفي نفس الوقت هي مسؤولية ليتوارثها اجيالنا كما تناولها الاجداد.
وأوضح السيد أن الهوية الايمانية منظومة من القيم والاخلاق تجذرت في واقع شعبنا الى أن تحول الكثير منها الى عادات يستمر عليها شعبنا ويفتخر بها وشعبنا من أكثر الشعوب محافظة على دينه وقيمه الايمانية وتمسكا بمبادئة الاصيلة وهذا يتجلى مع تفاعله مع المولد النبوي الشريف.
وأكد السيد أن الهوية الإيمانية مبادئها تحررية فشعبنا لا يخضع إلا لله ويأبى ان يستعبده أحد ويأبي ان يظلم ويذل ويهان وتصادر حريته واستقلاله مهما حاول الاعداء وعملاؤهم.
وأضاف أن القيم شيء اساسي حتى لإصلاح وضع الدولة التي تحتاج الى أشخاص يمتلكون القيم ويعملون بإخلاص وتقوى من الله ولا يستهترون بالمسؤولية ولا ينفذون مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الشعب ولذلك مهما كان استياء البعض من ذلك فلا قيمة لاستيائهم فلن نقبل أن نكون شعبيا بلا هوية هذا شيء تبنى عليه حضارة وخير ولا بد له من تماسك شعبنا.
ولفت إلى أن مسار التغيير من المتوقع أن يحاربه الأعداء وأبواقهم، فلا يلتفت إليهم الشعب، الشعب عليه أن يدرك أنهم يسعون لمحاربته في كل شيء.
مواجهة العدوان أولوية
وقال السيد : سنواصل السعي لإنهاء العدوان والحصار والاحتلال بكل الوسائل المشروعة وإذا لم تنجح المفاوضات فلشعبنا الحق بالعمل بكل الوسائل المشروعة لإنهاء العدوان والحصار والاحتلال.
وأوضح أنه وفي اطار التغيير سيبقى الاهتمام بالأولويات و في المقدمة التصدي للعدوان وسيبقى الوضع المعيشي ضمن الأوليويات وكذلك السعي لتحويل بلدنا إلى بلد منتج مثلما أصبح نتجاً للقدرات العسكرية حيث ينتج بلدنا اليوم من المسدس الى الصاروخ فكيف لا يمكنه انتاج بقية الأشياء، كما أوضح السيد أن السعي لتنمية الايرادات ، ومسار التغيير سيترافق معه معالجة السلبيات والاشكاليات.