تصاعدت وتيرةُ المطالَباتِ الرسميةِ والشعبيّةِ بفتح مطار صنعاء، في مقابلِ إصرارِ تحالُفِ العدوانِ الأمريكي السعوديّ الإماراتي على المماطلة، واستخدامِ هذا المِلَفِّ الإنساني كورقة ابتزاز، والدفعِ نحوَ فرض المزيد من العراقيل أمام المسافرين؛ الأمرُ الذي يجدِّدُ التأكيدَ على غياب نوايا التوجُّـه نحو السلام الفعلي.
العدوّ يماطل
وأكّـد وزير النقل بحكومة الإنقاذ الوطني، عبد الوهَّـاب الدرة: أن “تحالُفَ العدوان لا زال يماطل في فتح مطار صنعاء”، مُشيراً إلى أن صنعاءَ “بذلت كاملَ الجهود؛ لسد الذرائع وتسيير الرحلات من صنعاء نحو القاهرة والهند، لكن بدون جدوى”.
وكشف الدرة أن “جدولةَ الرحلات نحو القاهرة جرى تعطيلُها في اللحظات الأخيرة”، محمِّلًا تحالفَ العدوان ومرتزِقتَه كاملَ المسؤولية عن ذلك.
وكان اتّفاق الهُدنة المعلَنُ في أبريل الماضي، قد قضى بتسيير رحلات إلى الأردن ومصر، لكن تحالف العدوان رفض فتح الوجهة المصرية إلا لرحلة واحدة فقط طيلة فترة الهدنة، وسط تواطؤ أممي فاضح.
وأوضح الدرة: أن “ثلاث رحلاتٍ أسبوعية نحو وجهة وحيدة (صنعاء – عمّان) لا تسد الاحتياج، وخَاصَّة للمرضى المستعصي علاجُهم في الداخل بعد 8 سنوات من الحصار والعدوان”.
وكان المبعوثُ الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ، قد تعهّد أكثرَ من مرة بالعمل على فتح وجهات جديدة لمطار صنعاء، في إطار مساعي تمديد “الهُدنة”، لكن الهدنة انتهت بدون تحقيق أَيٍّ من تلك التعهدات.
قيودٌ تعسفية جديدة على المسافرين المرضى
ولم يكتفِ تحالُفُ العدوان برفض تنفيذ التزاماته والمماطلة في فتح المطار، إذ دفع مؤخّراً نحو فرض قيود تعسفية جديدة أمام المرضى الذين يريدون السفر، حَيثُ أعلنت هيئة تنظيم الطيران المدني في الأردن، أنها لن تسمَحَ بدخول المسافرين القادمين من اليمن لأغراض العلاج إلا إذَا حصلوا على تقاريرَ طبيةً صادرة عن مستشفيات أردنية، وهو شرط تعسفي واضح يضعُ صعوباتٍ كبيرةً أمام المرضى، وخُصُوصاً أُولئك الذين يحاولون بعناء الاستفادة من الرحلات المحدودة للغاية المتوفرة من صنعاء إلى الأردن.
ولم تكتفِ الأردنُ (التي لا زالت عضوًا فاعلًا في منظومة تحالف العدوان) بهذا الشرط التعسفي، إذ اشترطت أَيْـضاً حصولَ المسافرين اليمنيين من الفئات العُمرية (15- 50 عامًا) على موافقةٍ مسبقةٍ من وزارة الداخلية الأردنية، كما اشترطت حجزَ تذاكر ذهاب وعودة، وهي أمورٌ تضاعِفُ القيودَ والصعوبات على اليمنيين المحاصرين.
ولا يمكنُ عزلُ هذه الاشتراطات عن موقف دول تحالف العدوان ورعاتها الرافض للمطالِب الشعبيّة الرئيسية، ومنها فتح مطار صنعاء، خُصُوصاً وأن القيودَ الجديدةَ تتزامن مع تحَرّكات متصاعدة لدول العدوان للالتفاف على هذه المطالب ومواصلة ابتزاز صنعاء بالملف الإنساني.
هذا ما أكّـدته أَيْـضاً تصريحاتٌ لمدير مطار صنعاء الدولي، خالد الشايف، أوضح فيها: أنه “قبل العدوان لم يكن هناك حتى طلبُ تأشيرات للسفر إلى الأردن، لكن منذ العام 2015 طلبت الأردن تأشيرات، وبعد الهُدنة طلب موافقاتٍ أمنيةً وتقارير طبية”، في إشارة إلى العلاقة الواضحة بين هذه القيود وبين استراتيجيات الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان على اليمن.
وَأَضَـافَ الشايف: أن “الإجراءاتِ المفاجئةَ الأخيرةَ التي أعلنتها السلطات الأردنية تزيدُ من معاناة المرضى”، مُشيراً إلى أن “ما كان مؤمَّلًا هو زيادةُ عدد الرحلات إلى الأردن، وتقديم تسهيلات للمسافرين اليمنيين، وليس العكس”.
تحالفُ العدوان غيرُ جادٍّ في فتح وجهات جديدة
مديرُ مطار صنعاء الدولي أكّـد في تصريحاته أَيْـضاً أنه “لا جديةَ من تحالف العدوان بشأن ما تم الاتّفاق عليه لناحية زيادة عدد الرحلات نحو الأردن، أَو فتح وجهات جديدة من مطار صنعاء”، موضحًا أن “الرحلات نحو الأردن لا تمثل سوى 10 % مما جرى الاتّفاق عليه خلال الهدنة أَو فترة خفض التصعيد القائمة”.
وَأَضَـافَ أن “هناك 5 وجهات جرى الاتّفاق عليها”.
وأوضح أنه حتى الآن “لا توجدُ أيةُ بوادر لتسيير الرحلات إلى مصر والهند، رغم تنفيذ صنعاء كافةَ الاشتراطات المطلوبة والمعايير الدولية”، مؤكّـداً أن “التحالف ما يزال يصر على فرض الحظر الجوي على مطار صنعاء الدولي”.
وأشَارَ إلى أن مطار صنعاء الدولي كان قبل الحصار يسيِّرُ رحلاتٍ نحو 50 وجهة دولية، وعدد المسافرين فيها يتجاوز 5 آلاف يوميًّا.
وأكّـد أن “مطار صنعاء ورغم الحصار جاهز فنياً لتشغيل الرحلات، والتعطيل الذي يتعرض له هو تعطيل سياسي من قبل تحالف العدوان”.
معاناةُ اليمنيين تفضحُ التواطؤَ الأممي والدولي
المعطياتُ السابقة تؤكّـدُ بوضوح أن تحالفَ العدوان يسعى لمواصلة استخدام حق السفر كورقة تفاوض وابتزاز، ويسعى لاستثمارِ حالة “خفض التصعيد”؛ للتهرب من الاستحقاقات وإعادة الأمور إلى سابق عهدها.
ويُجَدِّدُ هذا الموقفُ التأكيدَ على تواطُؤِ المجتمع الدولي والأمم المتحدة مع تحالف العدوان، في الدفع نحو استمرار الحصار الإجرامي على الشعب اليمني، الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.
وفي هذا السياق، يؤكّـد نائب وزير الخارجية، حسين العزي، أن “التجربةَ التي يَمُرُّ بها الشعبُ اليمني جعلت المجتمعَ الدولي مكشوفًا حَــدَّ الفضيحة”، مُضيفاً أنه لا يجوزُ للأمين العام للأمم المتحدة أن “يتبجحَ بالحديث عن أية قيم أَو حقوق أَو قوانين، وهو يصمت أمام طوابير المرضى، الذين يتزاحمون بالآلاف يوميًّا؛ للحصول على مقعدِ انتظارٍ في طائرة ووجهة وحيدة”.