بينما تدير الإمارات على أرضها منذ أسابيع حواراً بين أعضاء «المجلس الرئاسي» المتصدّع، وافقت حكومة عدن على تأجيرها ميناء قشن الواقع على شواطئ محافظة المهرة، مُتجاهِلةً كلّ الأصوات الشعبية المناهِضة لصفقة تسليم الميناء لشركة شبه وهمية، تتّخذها أبو ظبي كغطاء محلّي للسيطرة على ثاني أهمّ موانئ المحافظة، وأحد أهمّ الموانئ الاستراتيجية شرق البلاد.
وذلك بعد أن تمكنت الإمارات من السيطرة على ميناء عدن عبر ميليشيات «المجلس الانتقالي» التابعة لها، وأيضاً على ميناء بلحاف لتصدير الغاز الواقع على شواطئ شبوة، وميناء الضبة النفطي شرق المكلا، وميناء الشحر في حضرموت. وعلى خلفية الصفقة الأخيرة، تصاعدت المطالبات المُوجَّهة إلى حكومة معين عبد الملك، بالكشف عن بنود الاتّفاقية الموقَّعة لمصلحة «إجهام للطاقة والتعدين»، حديثة النشأة والتابعة لقياديين محليين موالين لأبو ظبي لم يسبق أن مارسوا أيّ نشاط في مجال التعدين وإدارة الموانئ.
وبدأت خطّة الإمارات للسيطرة على الميناء الواقع في شواطئ محافظة المهرة على البحر العربي، بإنشاء شركة تُدعى «إجهام للطاقة والتعدين المحدودة» في عدن العام الماضي، بتاريخ قديم يعود إلى العام 2017، وبرأسمال لا يتجاوز 20 مليون ريال يمني، أي أقلّ من 20 ألف دولار (الدولار يساوي 1200 ريال بسعر صرف عدن). وأعقب ذلك إبرام اتفاق بين وزير النقل في حكومة معين عبد الملك، عبد السلام حميد، وهو موالٍ لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» ويرأس اللجنة الاقتصادية التابعة له، والشركة التي سُجّلت باسم قيادي في «الانتقالي»، على تأجير الميناء للأخيرة مقابل بدل سنوي يصل إلى 100 ألف دولار. وبحسب مصادر في حكومة عدن، فإن مشروع الاتفاق لم يُعرض على مجلس الوزراء قبل أن تُوقّع عليه وزارة النقل، التي رضخت أخيراً للضغوط الإماراتية. ومَنح المشروع، الذي تصل تكلفته إلى 130 مليون دولار، «إجهام للطاقة والتعدين» حق الامتياز في إنشاء وإدارة وتشغيل وإعادة تسليم الميناء البحري في مديرية قشن بنظام «B.O.T»، ملزِماً إياها بإنشاء ميناء لتصدير الحجر الجيري الذي يتواجد بكمّيات تجارية كبيرة في جبل شروين القريب من مديرية قشن، مكوّن من لسان بحري على عدّة مستويات، تشمل كاسر أمواج بطول 1000 متر، ورصيفاً بحرياً بطول 300 متر لرسوّ السفن، وغاطساً يبلغ 14 متراً، في مرحلته الأولى عقب التوقيع. إلّا أن الشركة لم تمتلك أيّ أصول تؤهّلها لإنشاء ميناء بهذا الحجم، وسط حديث عن استعانتها بشركات إماراتية لتنفيذه، وهو ما يعدّ تسليماً للمرفق إلى الجانب الإماراتي بطريقة غير مباشرة.