يصطدم التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن، بمستوى عالٍ من الوعي والإدراك لدى نسبة كبيرة من أبناء الشعب اليمني، بكل تحركاتها وإجراءاتها تحت غطاء رعاية مصالح اليمنيين والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، حيث أصبح غالبية اليمنيين على يقين في أن كل ما تفعله السعودية يعني العكس تماماً والنقيض لما تظهره من العناوين في كل تحركاتها، حيث أصبحت لديهم خبرة تراكمية بسياسات المملكة في بلادهم وفق ما يرصدونه من المتناقضات بين شعاراتها والواقع الذي فرضته عليهم ويعيشونه مرغمين على تجرع ما يفرزه من معاناة يومية على مستوى معيشتهم وأمنهم ومختلف جوانبهم التي حولها التحالف إلى جحيم يومي، خصوصاً في مناطق سيطرته التي تجاوزت معاناة ساكنيها أضعاف ما يعيشه غيرها في بقية المحافظات.
الممرات البحرية الدولية، على البحر الأحمر، تعتبر أهم أسباب الحرب التي تقودها السعودية منذ سبعة أعوام، كون اليمن تتحكم في أهم تلك الممرات على مستوى العالم، وهو مضيق باب المندب، وقد ثبت لليمنيين ذلك المسعى الذي تتحرك بموجبه السعودية وحليفتها الإمارات لتسهيل سيطرة قوى عالمية على ذلك المضيق، من خلال ما يتكشف تباعاً من تحركات الولايات المتحدة الأمريكية في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر، والولايات المتحدة هي الحليف الأبرز للدولتين الخليجيتين ومنها أعلن وزير خارجية السعودية حينها، عادل الجبير، بدء العمليات العسكرية على اليمن، وفق خطط ومشروع معد مسبقاً يخدم في الأساس الأطماع الأمريكية في السيطرة على الممرات البحرية اليمنية، حيث أعلن قائد الأسطول الأمريكي الخامس تأسيس قوة بحرية مشتركة تمثل أربعاً وثلاثين دولة، لتسيير دوريات في البحر الأحمر، الذي تطل عليه اليمن وتسيطر على أهم ممراته مضيق باب المندب، ويرى مراقبون أنها محاولة أمريكية لتدويل الممرات البحرية اليمنية، قبل التوصل إلى اتفاق سلام ينهي حرب التحالف على اليمن، خصوصاً أن قوات أمريكية وإسرائيلية تشارك في الحرب منذ بدايتها، جنباً إلى جنب مع القوات السعودية والإماراتية.
وعقب الهدنة الأممية المعلنة في اليمن، والمتفق عليها لمدة شهرين، والتي تفاءل كثيرون بأنها قد تكون بداية لإنجاز اتفاق سلام ينهي الحرب؛ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة مهام جديدة في البحر الأحمر، في إطار سعيها الحثيث للتمركز عسكرياً هناك، الأمر الذي أثار حفيظة السلطات في صنعاء، حيث قال القيادي في جماعة أنصار الله الحوثية وعضو مكتبها السياسي، محمد البخيتي، في تغريدة على تويتر، إن التصعيد الأمريكي في البحر الأحمر لن يثنيهم عن مواصلة عملياتهم العسكرية في الداخل والخارج حتى تحرير آخر شبر من أرض اليمن وحماية حدوده البحرية، حسب تعبيره، مؤكداً أن تلك التحركات التي وصفها بالاستفزازية تثبت أن الولايات المتحدة هي من تقف خلف حالة عدم الاستقرار التي يعيشها العالم بأكمله.
وفي تعليقه على إعلان البحرية الأمريكية تشكيل دوريات في البحر الأحمر، هدد عضو المجلس السياسي الأعلى التابع لسلطات صنعاء، محمد علي الحوثي، برد عسكري على أي انتهاك يستهدف المياه الإقليمية اليمنية، حيث أورد في تغريدة على تويتر عبارة من خطاب سابق لقائد أنصار الله، عبدالملك الحوثي، “عملنا على أن نطلق الصواريخ والمسيرات من أيّ مكان نريد الإطلاق منه، وإلى أيّ هدف نريده حتى في البحر”، مذيلاً العبارة بتساؤل: من القائل؟ في إشارة إلى أن قائدهم لا يتحدث إلا في إطار ما هو ممكن وما يستطيعون فعله، مؤكداً ذلك بقوله: “للبحرية رجالها”.
في السياق، ذكر رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبدالسلام، رفض السلطات في صنعاء التحرك العسكري الأمريكي الأخير في البحر الأحمر، مؤكداً أنه يتناقض مع زعم واشنطن دعم الهدنة الإنسانية والعسكرية المعلنة، وأنه يعكس رغبة الولايات المتحدة في استمرار الحرب والحصار على اليمن، حسب قوله.