يُلملم السوريون ضحاياهم من تحت الأنقاض بينما أمريكا تواصل سرقة النفط والقمح وتمنع وصول المساعدات
العين برس / مقالات
عبدالرحمن عبدالله
بينما تحاول سوريا لملمة كارثة الزلزالٍ المدمر الذي ضرب أجزاء واسعة من البلاد ، يعاني السوريون أيضا من الحصارٍ الأكثر تدميراً للحياة الذي تفرضه أمريكا والدول الغربية ، وبينما تلملم سوريا ضحاياها من تحت الرّكام ، يبرز النفاق الأمريكي الغربي ، وتنكشف الإنسانيّة المجزّأة ، حين ظهرت أمريكا والدول الغربية بأبشع صورة منذ الساعات الأولى لوقوع الكارثة ، بينما لم تتوقف الإدارة الأمريكية عن نهب النفط السوري والقمح ، في وقت واصلت فيه فرض الحصار على سوريا بموجب قانون قيصر المفروض منذ سنوات.
كارثة الزلزال لم تنجح في تحريك ضمائر الأمريكيين والغربيين ، لا بل أوضحت حقيقتها وسحقت ادعاءاتها الوقحة ، بل وكشفت سوريا المجتمع الدولي الذي احتشد لدعم التكفيريين والإرهابيين ، ولم يتحرك أمام المأساة ، وأمام التهافت على إرسال المساعدات إلى تركيا، غاب حماس هذا المجتمع تجاه سوريا.
بقي السوريون عالقين تحت أنقاض الحصار والزلزال المدمر ، وفي ظلّ حاجة سوريا الملحّة إلى أوسع دعمٍ بالمعدّات والاختصاصيين، انصاع العالم لقرارات الغرب وأوامر أمريكا التي تضع حدا أمام حصول السوريين على الإغاثات والمساعدات ، ومنح المنكوبين العالقين تحت الرّكام فرصا للنجاة.
حدثت المأساة وضرب الزلزال سوريا ، في وقت ما تزال أمريكا تسرق 80% من النفط السوريّ إلى اللحظة ، وما تزال تحرق ما لا تستطيع سرقته من القمح السوري ، وما تزال تفرض عقوبات على قطاعات النقل والصناعة والتجارة والبنوك وتمنع التحويلات ، وما تزال تحتل أجزاء من سوريا ، وما تزال تسلح جماعات التكفير والإرهاب ضد سوريا.
حدث الزلزال ، قامت أمريكا بمنع المساعدات الإغاثية والإنقاذ للضحايا في المناطق السورية التي تخضع لسيادة الدولة السورية، وحتى عن المناطق التي استثمرت وتستثمر فيها بالإرهاب والتكفيريين الذين دعمتهم وسلحتهم وضخت لهم الأموال لتدمير سوريا.
لكأن أمريكا تقول لأولئك الذين استخدمتهم نحن فقط أصدقاؤكم حين تريدون الاقتتال والتدمير ، أما حين تصيبكم الكوارث فلا نعرفكم .
كل العالم في هذه يدرك بأن أمريكا هي ألدّ أعداء البشرية على الإطلاق، كل شعوب العالم تدرك اليوم أن أمريكا ليست إلا منظومة ناهبة سارقة قاتلة ، لا تملك أدنى المعايير الإنسانية ، كل شعوب العالم تدرك وهي ترى السوريين يموتون في كارثة طبيعية ، فيما أمريكا تواصل محاصرتهم ومنع وصول فرق الإنقاذ والمساعدات إليهم ، بل وتواصل سرقة نفطهم وقمحهم ، أي انحطاط أكثر من هذا الانحطاط والسقوط والانكشاف!
الإنسانية المجزّأة لم تقف عند الحكومات الغربية المنصاعة للإملاءات الأميركية بل تعدّتها لوسائل الإعلام الغربية التي لم تحد عن ازدواجية معاييرها، إمّا في تغييب تغطيتها لحجم الكارثة في سوريا، أو في تصويبها خلال تغطيتها السهام إلى الدولة السوريّة، بدلاً من إظهار حجم الأزمة الاقتصادية التي عمّقت مأساة السوريين الحاليّة.
يُلملم السوريون ضحاياهم من تحت الأنقاض بينما أمريكا تواصل سرقة النفط والقمح وتمنع وصول المساعدات
أمام نفاقٍ غربيٍّ وتنفيذٍ لأجنداتٍ سياسيةٍ بحتة كشفهما الزلزال، كانت الدول المحاصَرة من قبَل الغرب هي أوّل من يهبّ لمساعدة سوريا في تحدٍّ للعقوبات الأميركية ، روسيا وإيران مثلاً أرسلتا طائرات مساعدات إنسانية إلى دمشق، فيما أقام العراق جسراً جوّياً إلى سوريا لإرسال مساعداتٍ إغاثيّةٍ عاجلة، حتى لبنان الرازح تحت أزمةٍ اقتصاديةٍ خانقة أرسل فريقاً للمشاركة في عمليّات البحث والإنقاذ، فيما لم تتأخّر تونس والجزائر والأردن والإمارات عن مساعدة سوريا أيضاً.
السوريون يموتون وأمريكا ضالعة في الجريمة ، فهي ما تزال تحتل الأراضي السورية ، وتنهب وتسرق النفط من حقول النفط السورية ، وتسرق القمح أيضا من مزارع السوريين ، وبلا خجل واصلت السرقة حتى والسوريون تحت أنقاضهم.
وبشأن الحصار حاولت الإدارة الأمريكية يوم أمس تكذيب الحقيقة ، وادعت أنها لا تفرض حصارا على وصول المساعدات ، وتلك كذبة فسوريا تعاني من الحصار الإجرامي قبل الزلزال ، ومع الزلزال تضاعفت الكارثة ، فالإدارة الأمريكية وشركاؤها في حلف شمال الأطلسي يتحملون موت الضحايا تحت الأنقاض بكل وضوح.
كان الحد الأدنى من الإنسانية هو أن يستنفر العالم على مناظر وفواجع بهذا الحجم ، لكن من أين لأمريكا والدول الغربية إنسانية أو ضمير أساسا.
المشهد يقول للبشرية جمعاء ، هذه أمريكا وهذا الغرب الوقح والفاجر والمنحط، وهذه مآسينا وهذه حروبهم ، فلنعي بأن أمريكا ليست دولة بل كومة من الشرور والفجور والإجرام والنهب.