الكاتب / عبدالرحمن الأهنومي
لم تكن الجريمة النكراء التي ارتكبها متطرف سويدي يرأس أحد الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا بإحراق المصحف الشريف، حادثة فردية، بل جريمة نكراء ضمن سلسلة من الاستهداف الصهيوني الشامل للإسلام والمسلمين، والإساءات البالغة التي تتكرر في الغرب وأمريكا بشكل وقح وصارخ وتحت حماية الحكومات والشرطة والأمن في تلك الدول المنحطة.
مما لا شك فيه أن النخب والأحزاب والحكومات الغربية أصبحت أدوات للصهيونية اليهودية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فقد باتت تتسابق في تقديم ولائها وتبعيتها للوبي الصهيوني من خلال هذه الممارسات المسيئة إلى الإسلام والمقدسات الإسلامية، وباتت الحرب الشعواء على المسلمين والتحريض والتعدي والملاحقات للجاليات الإسلامية هناك أحد أوراقها الانتخابية ودعاياتها أيضا.
ولا شك أيضا أن هذه الحرب صهيونية يهودية تستهدف الإسلام والمسلمين، فحين كان الجنود الأمريكيون في غوانتانامو يمزقون المصاحف، كانت محطات التلفزة تبث مناظر لجنود أمريكيين يمزقون مصاحف بأحد مساجد العراق ويرسمون على بعضها رسومات يهودية، وفي الوقت نفسه كانت العصابات الصهيونية تقتحم باحات المسجد الأقصى وتدنس المقدسات هناك، وحينها كانت تخطط لمهاجمة المسجد الأقصى بالصواريخ لتغطي على هزيمتها خلال هروب جنودها من قطاع غزة.
ولم يتفاجأ المسلمون بما أقدم عليه أحد المتطرفين المنحرفين في السويد بإحراق المصحف الشريف تحت رعاية الشرطة السويدية ، وليست هذه الجريمة النكراء جديدة على مسرح الحرب الصهيونية الشاملة على الإسلام والمسلمين والتي تنفذها الحكومات والأحزاب الغربية في أوروبا بعدما صارت أدوات منحطة للوبي الصهيوني الذي يمول هذه الكيانات والأحزاب في سباقاتها الانتخابية، وهي حرب قائمة على العداء اليهودي الشديد تجاه الإسلام والمسلمين، وهي حرب قائمة في أساسها الديني على العداوة اليهودية المتجذرة للإسلام ولمقدساته.
الحرب العدائية اليهودية ضد الإسلام والمسلمين ليست وليدة اللحظة بل هي مستمرة منذ بدأ رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم بالدعوة المحمدية إلى الإسلام، واستمرت هذه الحرب اليهودية متعددة الأشكال والألوان والمراحل والأحداث وبشكل هستيري منذ ذلك الحين.
قد يسأل عاقل ما علاقة اللوبي الصهيوني بما أقدم عليه زعيم أحد الأحزاب المتطرفة في السويد من إساءة بإحراق المصحف الشريف، وما علاقته بالممارسات الإجرامية المشابهة التي حدثت في الدول الغربية المسيحية.. ولماذا نعتبر هذه الإساءات المتكررة إلى مقدساتنا ونبينا وكتابنا الكريم في الغرب حرباً صهيونية وليست مسيحية مثلا؟
الجواب بسيط، ولا يحتاج إلى كثير من العناء للوصول إلى الحقيقة، إذ يسيطر اللوبي الصهيوني الذي يمتلك ثراء ماليا ضخما ويسيطر على البنوك والاقتصاديات في أوروبا على النخب السياسية والأحزاب وحتى الحكومات في الدول الغربية، فهذا اللوبي يتحكم في مؤسسات صنع القرار، من خلال تمويل الدعايات الانتخابية للأحزاب والمرشحين في الانتخابات، وطيلة عقود تمكن من تحويل مؤسسات صنع القرار في أوروبا بأكملها إلى أدوات تابعة له.
ثانيا بتتبع دقيق نجد أن الأحزاب الفاشية التي صعدت في السنوات الأخيرة إلى سلم الحكم في كل الدول الأوروبية هي التي تمارس هذه الإساءات، وزعماء هذه الفاشيات البغيضة هم من يمارسون هذه الإساءات والحكومات التي تتبع هذه الفاشيات هي من توفر الحماية الأمنية لمن يسيئون إلى مقدساتنا، علاوة على أن اللوبي اليهودي استطاع أن يسقط المجتمعات المسيحية الغربية في براثن الانحطاط والتردي وتمكن من سلخها عن هويتها المسيحية وحولها إلى مجتمعات إباحية منحطة، ولهذا تعتبر الشذوذ والانحراف والانحطاط حرية شخصية بل وتعتبرها قيماً إنسانية، والامر كذلك تعتبر الإساءة إلى المقدسات الإسلامية حرية تعبير.
ولكم ان تبحثوا عن اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في القرار والسياسة والاقتصاد في الغرب وأمريكا، والواقع أن اليهود جندوا حثالة العالم من المنحطين في حربهم ضد الإسلام، وما نراه من زعامات غربية وأمريكية مجرد صورة وشكل لا حقيقة.
الذي يجب أن نعرفه وبكل تأكيد، أن الأحزاب في أوروبا تركز في حملاتها الانتخابية، على الهجرة واللجوء، من أجل تشويه صورة المهاجرين وعلى ضوء ذلك، وتعتمد على منهجية التحريض والملاحقات للمسلمين بعقائدهم ومنها مثلا حرق القرآن الكريم بشكل متكرر كدعاية انتخابية في فرنسا والسويد والدنمارك وغيرها.
أوروبا لم تعد مسيحية بل منحطة في الوحل، والمنحرفون والشواذ هم من يحكمون اليوم وهم في صعود مستمر، وما حدث من إحراق للمصحف الشريف يأتي في سياق مسلسل طويل من الحرب العدائية المشينة على الإسلام والإساءات لمقدساته، وعلى الحكومات الغربية التي تتجند في هذه الحرب أن تتحمل عواقب ذلك.
إحراق القران لم يكن حرية تعبير، بل اعتداء وإساءة صارخة إلى أقدس المقدسات كتاب الله الكريم، والغرب يجعل من هذا الشعار مبررا للانحطاط والسقوط المدوي، فقد باتت حرية الرأي والتعبير في أوروبا محصورة في حرق القرآن الكريم، والتطاول على الإسلام، وعلى رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم ونشر الرسوم الكرتونية المسيئة لديننا ومقدساتنا، وقد كان فاضحا تصريح وزير العدل السويدي الذي خرج ليبرر ما فعله المنحرف السويدي من إحراق للمصحف الشريف تحت حماية الشرطة بقوله “نعيش في ديمقراطية فيها حيز واسع جدا لحرية التعبير والإعلام” وهو بذلك يعرف الحرية الغربية التي فصلت على مقاسات الصهيونية وخدمة لها، تتمثل في الإساءة إلى الإسلام والحرب على المسلمين والمقدسات كذلك.