ليس صحيحاً أن بايدن عاد بخفي حنيناً فيما يخص حلف الناتو العربي-الإسرائيلي، وليس صحيحاً أنه جعل منه قضيته الرئيسة.
جاء رئيس الولايات المتحدة، أكثرِ الإمبرياليات نهباً وشروراً وإجراماً في التاريخ، بثلاث أجندات تتعلق بالطاقة ومن ضمنها: البترودولار، والنظام المالي والنقدي العالميّ وموقع الدولار فيه، وحماية أو تجديد حضور العاملين السابقين عبر عسكرة العولمة ضد الصين وروسيا الأوراسية، وإستراتيجيتهما التي أطلقت العد العكسي لإنهاء هيمنة الدولار على النظام العالمي، وهيمنة البترودولار على سوق الطاقة.
وفيما يخص الناتو العربي–الإسرائيلي وإشهاره علناً، فلا يمكن فصله عن التجاذبات الداخلية الأميركية، بين تيار المجمع الصناعي الحربي والإيباك اليهودي من جهة، وتيار إعادة الانتشار العسكري الأميركي بما يضمن التركيز على الدائرتين، الصينية والروسية من جهة أخرى.
وفيما يخص فكرة الناتو، وحيث إنحاز تيار النفط الأميركي والعربي إلى الصيغة الثانية، تقاطعات موضوعية قائمة فعلاُ بلا إشهار في الوقت الراهن، إنحاز تيار الصهاينة اليهود والعرب والمجمع الصناعي الحربي الأميركي إلى خيار الإشهار المباشر والتهديد بتوجيه ضربات عسكرية إلى إيران.
ولقد حاول بايدن الجمع بين التيارين، من خلال طمأنة اليهود والعرب المذعورين
إلى أن واشنطن لن تتخلى عنهم وستتفقّدهم بين الحين والحين عبر قمة دورية أو مزيد من سوق الأسلحة وما تيسّر من نفايات القمح الأميركي.
يشار هنا إلى ما كتبه جورج فريدمان في كتابه (الجمهورية والإمبراطورية) حين تحدث عن إستراتيجية العجلة الصغيرة في الشرق الأوسط التي تدور مع العجلة الكبيرة في روسيا الأوراسية وطريق الحزام الصيني.
وبعد، فيما يخص الحصاد السياسي والاقتصادي لجولة بايدن والمؤتمرات والبيانات التي أعقبتها:
1- ليس صحيحاً أن بايدن عاد بخفي حنين فيما يخص حلف الناتو العربي-الإسرائيلي، وليس صحيحاً أنه جعل منه قضيته الرئيسة، فعلى الصعيد الموضوعي الحلف قائم منذ سنوات وخصوصاً باسم مكافحة الإرهاب الذي يركز على حزب الله والجهاد الإسلامي والذراع العسكرية لحركة حماس، وجميعها بحسب الإعلام الأميركي-الإسرائيلي، أنياب إيرانية، فإذا لم يعلن جهاراً نهاراً فهو قائم ليلاً.
2- هل تشمل الدعوة إلى إخراج القوات الأجنبية من المنطقة، القواعد الأميركية في سوريا والعراق والخليج والأردن، إلا إذا كانت أميركا من أسلاف العدنانية المضرية أو اليمنية أو قوة من قوى التحرر الوطني ونحن لا نعرف.
3- في مقابل ضجيج البيانات والمقابلات وكتاب المارينز عن التوغل الإيراني في 4 بلدان عربية، ماذا عن التوغل الصهيوني مباشرة وعبر التطبيع في غالبية دول الجامعة العربية، فضلاً عن احتلال غالبية فلسطين والتهديد باحتلال الأردن، والجولان وجزء من جنوبي لبنان؟
4- ماذا عن الاحتلال التركي في شمالي سوريا وشمالي العرق وغربي ليبيا والتهديد بقضم مزيد من الأراضي العربية، إضافة إلى احتلاله القديم للإسكندرون وكليكيا وديار بكر كلها؟
5- لماذا يشار إلى المشروع النووي الإيراني بالاسم، ويشار إلى النووي الإسرائيلي بالتلميح؟
6- فيما يخص إدانة الإرهاب، من هي القوى والعواصم التي اخترعت هذا الإرهاب، ودربته ومولته، وسمحت له بالتنقل بين عواصمها بتسهيلات أكثر من تسهيلات السياح، أليست الاستخبارات الأطلسية من أفغانستان إلى سوريا وليبيا والعراق وسيناء؟ هل يملك البيت الأبيض وحلفاؤه الجرأة على الاعتراف والاعتذار عن جرائم الإرهاب الهائلة التي أودت بدول وشعوب كاملة، وهل كانت هيلاري كلينتون تكذب عندما اعترفت بالدور الأميريكي، وكذلك فعل ماكين وترامب والعشرات من العاملين في مراكز الأبحاث وراء البحار عندما اعترفوا بالدور المذكور؟
7- تحدّث البيان الختامي عن مواجهة النشاطات التي تهدّد أمن المنطقة واستقرارها عموماً، وممرات النفط خصوصاً، فماذا عن الأساطيل الأطلسية، هل تعد من الحمائم المسلحة في مقابل الصقور الإيرانية، ألم تقرصن عشرات السفن في الخليج وكل بحار العالم؟
8- بالنسبة إلى عدد من البلدان والموضوعات التي حظيت باهتمام جولة بايدن، والبيانات والمؤتمرات التي أعقبتها، يلاحظ ما يلي:
بالنسبة إلى فلسطين، كلام عن مستشفى كبير وتحسين في الأداء الإسرائيلي على الحواجز، مع قصيدة حول الدولة الفلسطينية في الألفية المقبلة، وقد بلغ الهوان بسلطة الدور الوظيفي الأمني بالضفة الغربية حتى العجز عن نقل لقاء بايدن من بيت لحم إلى رام الله.
والحق أن البيان لم يخلُ من طرافة فيما يخص لبنان، حين يدعو مجلس لا تعرف معظم بلدانه الدستور ولا الحياة النيابية، إلى احترام الدستور اللبناني وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
المصدر: الميادين