معهد واشنطن يحذّر من تنامي قوة الحشد الشعبي
العين برس/ تقرير
تنشط مراكز الفكر الأمريكية في المناطق الخاصة بالنفوذ الأمريكي وتحديدًا في الدول التي تواجه فيها مقاومة لسياساتها. يعتبر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى من المراكز البارزة المعروفة بارتباطها باللوبي الصهيوني، وكان لافتًا تركيز المعهد في شهر أيار الماضي على عديد فصائل المقاومة في العراق المنضوية تحت الحشد الشعبي، حيث قام بإصدار ثلاث مواد عن نموّ قوات الحشد الشعبي بسرعة، وعن الميزانيات المخصصة لها.
توسع استثنائي لقوة الحشد الشعبي بالأرقام
أثار إعلان رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في نيسان أبريل الماضي عن أنّ قوات الحشد الشعبي ستضم 204 آلاف مقاتل بانتهاء عام 2023، أثار بعض الخلافات علنًا مع النخب العراقية الممثلة في البرلمان العراقي. في أحد التقارير التي قام بها معهد واشنطن، يسلط الضوء على تقرير أصدرته اللجنة المالية في البرلمان العراقي في 17 نيسان/أبريل أن عدد منتسبي الحشد الشعبي ارتفع بنسبة 95٪ في موازنة 2023، من 122 ألفا إلى 238 ألفا. ومع ذلك، شكك فياض في هذا الرقم في مقابلة مع قناة “يو تي في” في نيسان/أبريل، مشيرًا إلى أن القوى العاملة في “القوة” قد زادت من 18,1 في عام 2021 (آخر ميزانية مصرح بها قبل هذه الميزانية) إلى170 – وهي لا تزال زيادة كبيرة بنسبة 204 في المائة على أساس سنوي.
ومن المثير للاهتمام أنه حتى الميزانية الحالية – الأولى في ظل “حكومة المقاومة” التي يتزعمها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني – كانت قوات الحشد الشعبي راضية عن استهداف عضوية مسجلة تتراوح بين 160 و170,000 عضو، وكان هدفها الأساسي هو إدراج حوالي 25-35,000 مقاتل غير مسجل على كشوف المرتبات الرسمية. وسواء تم توسيعها إلى 204,000 كما يدعي فياض، أو على الأرجح إلى 238,000 كما يظهر مشروع الموازنة، فإن «قوات الحشد الشعبي» تنمو إلى ما هو أبعد من هذه الطموحات السابقة.
ينتهي التقرير إلى تحليل هذه التطورات مجتمعة بأن مضاعفة عدد مقاتلي «قوات الحشد الشعبي» المسجلين، وتوفير مزايا حكومية طويلة الأجل لهؤلاء الأفراد، وتوسيع الأشغال المدنية والقاعدة الصناعية للقوات، وترتيبات غير مسبوقة لجمع المعلومات الاستخباراتية من دون رقابة بالإضافة إلى ما أسمته “تخبط فياض” في أرقام التوظيف، فإن «قوات الحشد الشعبي» و”المقاومة” تشعر بالقلق من أن ينظر إليها على أنها تتوسع بسرعة كبيرة، حتى على خلفية ميزانية ضخمة غير مسبوقة. ومع ذلك، من المستحيل إخفاء السرعة الفائقة لتوسع قوات الحشد الشعبي.
وكلاء إيران يميلون إلى تعزيز قبضتهم على الدولة
في تقرير آخر يذكر ديفيد شينكر أنّ واشنطن تراقب عن كثب قوات الحشد الشعبي التي تعزز هيمنتها في العراق. وظهرت أحدث علامات التحذير في منتصف مايو بعد أن أعلن الرئيس بايدن استمرار “حالة الطوارئ الوطنية” في العراق بموجب قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولية أو IEEPA. كان لتصريحه، ومقابلة تلفزيونية سابقة مع السفيرة الأمريكية في العراق ألينا رومانوسكي – التي أكدت فيها بشكل غير ضار أن الولايات المتحدة “لن تغادر المنطقة” – تأثير غير منظم على الأقل على بعض هذه الميليشيات الموالية لإيران المعروفة باسم قوات الحشد الشعبي.
في أعقاب هذه الإعلانات، أصدرت جماعة مرتبطة بقوات الحشد الشعبي، “أصحاب الكهف”، بيانا حثت فيه على استئناف العمليات العسكرية ضد “قوات الاحتلال” الأمريكية، بما في ذلك القواعد والقوافل، في العراق. وهددت الميليشيا في وقت لاحق: “نحن نحتاجكم فقط في المكان المناسب”، لكن “كل الأوقات مناسبة”. كما دعت المنظمة قواتها عبر رسالة على تلغرام إلى “إسكات الشيطان”، في إشارة تهديدية إلى السفير رومانوسكي.
كما أن «قوات الحشد الشعبي» منزعجة من علاقة العمل المثمرة بين واشنطن ورئيس الوزراء العراقي محمد شيا السوداني. لم يدعم السوداني الوجود العسكري الأمريكي المستمر كجزء من التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فحسب، بل عمل على تقليل اعتماد العراق على إيران في مجال الطاقة على الرغم من أنه يترأس حكومة الإطار التنسيقي. ربما يكون الأسوأ بالنسبة لقوات الحشد الشعبي، أن السوداني ورومانوسكي يلتقيان باستمرار. ويحاول ديفيد شينكر في هذا المقال دق اسفين بين الرئيس السوداني وقوات الحشد الشعبي. وبعد عرض طويل لإنجازات السوداني، يرجع شينكر الفضل في تحقيق النتائج إلى نهج بايدن الهادئ والصبور. وينتهي بأن عين واشنطن يجب أن تبقى على قوات الحشد الشعبي رغم ذلك، ذلك أنّ ” الدرس المستفاد من «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن هو أنه إذا ترك «قوات الحشد الشعبي» الوكيلة لإيران دون رادع، فإنها ستستمر في النمو وتعزيز هيمنتها على العراق”.
إطلاق ثلاث مجموعات واجهة جديدة
في هذا التقرير لحمدي مالك، يتهم كتائب حزب الله بإنشاء مجموعات واجهة لمقاومة القوات الأمريكية وتخوين الرئيس السوداني، مثل جماعة أصحاب أهل الكهف، وكتائب الصابرين وكتائب كربلاء وكتائب سيف الله. باعتبار أنّ منصة “صابرين نيوز” الإعلامية كانت شديدة التركيز لهؤلاء وتروج لهم. يقول مالك إنه لم تعلن أي من الواجهات التي تم إدخالها في هذا الاندفاع الكبير من النشاط عبر الإنترنت أي هجوم، ولا يوجد لديها أي تخصص واضح مثل التركيز الجغرافي أو طريقة الهجوم المفردة. ومع ذلك، يشتركون في سمة واحدة على الأقل: التركيز على انتقاد رئيس الوزراء محمد شيع السوداني لعدم تأمين جدول زمني للانسحاب العسكري الأمريكي. وينتهي إلى أن ذلك يشير إلى أمرين، إما انقسام حقيقي للمقاومة – أو قد يكون جهدًا مخادعًا لتصوير جماعات مثل عصائب أهل الحق وحق على أنها جهات فاعلة غير عنيفة، وهي ليست كذلك.
الخطوة المقبلة
هكذا تناولت وجهة النظر الأمريكية الصهيونية لمعهد واشنطن الحشد الشعبي في تقاريرها الشهر الماضي، وسواء كانت هذه التقارير من أجل البروباغندا أو سواء كانت من أجل وضع سياسات وتوصيات، إلا أنّ التركيز على هذه المعطيات يمكن أن يقدّم لفتة على ما يمكن أن تكون الخطوة الأمريكية القادمة في العراق.