لماذا انتعشت التنظيمات “المتطرفة” في جنوب اليمن خلال السنوات الأخيرة ؟
العين برس / تقرير
عبدالرزاق علي
خلال السنوات الماضية حدثت متغيرات مهمة في ملف مكافحة ا”لإرهاب” باليمن، تمثل أبرزها في انحساره بمناطق وانتعاشه بأخرى، على خلاف ما كان عليه الوضع من قبل.
إلى ما قبل العام 2001، كان تنظيم القاعدة ينشط بشكل كبير في مختلف المحافظات اليمنية، كما كانت حركته بين مناطقها سهلة ومرنة، لكن الوضع تغير بعد ذلك، حيث انحصر وجوده، ونشاطه أيضا، في الجنوب وبعض المحافظات الشمالية.
بالنسبة إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة أنصار الله، تواجد التنظيم في البيضاء، أو في بعض مناطقها، وقد خضعت مكافحته في تلك المناطق لظروف الحرب التي يشنها التحالف على اليمن، لكنّ ذلك لم يستمر طويلا، ففي العام 2020 بدأت عمليات واسعة لطرد التنظيم من أبرز معاقله في قيفة. حينها كان تنظيما القاعدة وداعش يسيطران على مدرية ولد ربيع. انتهت العمليات بالقضاء على داعش كلية، بينما انتقل عناصر القاعدة إلى مديريات الصومعة والزاهر ومكيراس بالمحافظة ذاتها.
لماذا انتعشت التنظيمات “المتطرفة” في جنوب اليمن خلال السنوات الأخيرة ؟
بعد فترة وجيزة من انتقال عناصر القاعدة إلى المديريات المذكورة، أعلن وزير الإعلام في حكومة المنفى، معمر الإرياني، عن انطلاق عملية عسكرية واسعة في المحافظة لإخراج أنصار الله منها. على رغم أن العملية التي شارك فيها عناصر التنظيم كانت كبيرة، إلا أن قوات صنعاء تمكنت من استعادة تلك المديريات، بينما فرت عناصر القاعدة باتجاه أبين وشبوة ومأرب وحضرموت.
منذ طرد تنظيم القاعدة من محافظة البيضاء عام 2021، لم يعد إليها مجددا، كمناطق نفوذ أو مناطق نشاط وعمليات. قبل ذلك كان نشاط التنظيم قد توقف بشكل شبه كلي في المناطق الخاضعة لسلطة أنصار الله.
بالتزامن مع توقف نشاطه شمالا، نشط التنظيم جنوبا وبقوة، خصوصا على مستوى النفوذ، أما العمليات فقد تراجعت بشكل كبير، على اعتبار أنه يعد القوات الموجودة في تلك المناطق أهدافا له. مؤخرا توتر البعض بينه وبين القوات المحسوبة على الانتقالي، ونفذ عددا من العمليات.
يعود انتعاش التنظيم بتلك المناطق إلى اعتباره جزءا من العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، حيث شارك في القتال إلى جانب التشكيلات المسلحة التابعة للرياض وأبوظبي على أكثر من جبهة. في جبهة صرواح غربي مأرب كان التنظيم حاضرا بقوة، ويدير المعارك. وقد أقر بذلك في مناسبات عديدة. على سبيل المثال، أقر زعيم التنظيم السابق، وكذلك قائده الميداني، بمشاركتهم إلى جانب الإصلاح والسلفيين في 11 جبهة قتال. بدافع التقارب العقدي، وقف التنظيم أيضا إلى جانب الإصلاح خلال معاركه مع المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وأبين وشبوة عام 2019. لكن حين يتعلق الأمر بأنصار الله، لا يجد مشكلة في القتال إلى جانب القوات التي تدعمها الإمارات. على سبيل المثال، كشف تقرير لوكالة “اسوشيتد برس” الأمريكية عن مشاركة عناصر القاعدة إلى جانب قوات موالية للإمارات في الساحل الغربي لليمن. بسبب اندماج التنظيم في القوات التي يدعمها التحالف، لم يعد هدفا للطائرات الأمريكية من دون طيار التي قتلت المئات من عناصره وقادته قبل العام 2015.
هذه الظروف ساعدت تنظيم القاعدة على تعزيز قوته ونفوذه في الجنوب اليمني بشكل كبير، وإن لم نر هذه القوة واقعا على شكل نشاط عملياتي. من المهم الإشارة هنا إلى أنه لا يمكن قياس قوة وضعف التنظيم من خلال ما ينفذه من عمليات هناك، لأن القوات المسيطرة على تلك المحافظات ـ أو معظمها ـ باتت قوات صديقة بالنسبة إليه، بغض النظر عن مسرحيات عمليات مكافحة الإرهاب التي تهدف إلى طمأنة المجتمع الدولي حول هذا الملف.
في الأخير، يمكن القول إن ما تحقق في شمال اليمن على مستوى مكافحة الإرهاب، لم يتحقق منذ الإعلان عن تأسيس ما يسمى “تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” عام 2009
عرب جورنال –