في ظل توترات حادة بين المغرب والجزائر، وصل رئيس أركان جيش الإحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى المملكة المغربية في أول زيارة علنية على هذا المستوى بين الطرفين.
زيارة كوافي تأتي بعد سلسلة زيارات متكررة لمسؤولين إسرائيليين للمغرب تهدف تعميق التمدد الإسرائيلي الأمني في شمالي أفريقيا، والتمهيد للتطبيع العسكري المعلن مع الدول العربية وتأتي بعد أيام على مشاركة مراقبين عسكريين إسرائيليين في مناورة عسكرية في المغرب، وصفها السفير الإسرائيلي لدى الرباط، دافيد غوفرين، بأنها خطوة لتعزيز العلاقات الأمنية بين الطرفين.
من هنا جاءت زيارة كوخافي الاخيرة للمغرب لتعزيز العلاقات العسكرية والامنية، خصوصا انه من المقرر ان يلتقي و”حسب “قناة كان” الاسرائيلية بقيادة وحدة “الكوماندوس” في الجيش المغربي “بهدف تطوير التعاون الأمني بين الجانبين”.
تقارب عسكري امني اسرائيلي مغربي
وحسب “ران كوخا” المتحدث بإسم “جيش الاحتلال” تاتي هذه الزيارة لتبادل القدرات العسكرية والقدرة على التدريب في المناورات المشتركة، ولبحث التقارب الاَمني والسياسي، فيما قالت مصادر إعلامية مغربية”، ان من المقرر ان يلتقي كوخافي اليوم الثلاثاء وزير الدفاع المكلف المغربي عبد اللطيف لوديي، والمفتش العام للقوات المسلحة بلخير فاروق.
منذ “استئناف العلاقات مع المغرب في كانون الأول/ديسمبر 2020، تم التوقيع على اتفاقيات عسكرية بين الطرفين، وشارك الجيشان المغربي والإسرائيلي في تدريبات ومناورات مشتركة، وزار ممثلون عن الجيش المغربي كيان “إسرائيل”.
الشهر الماضي، استقبل “كيان إسرائيل” ضباطا مغاربة كبارا للاتفاق على برنامج عمل مشترك تصب في مصلحة السعي إلى “توثيق التعاون الأمني والعسكري مع المغرب”، لذا وصفت وسائل إعلام إسرائيلية زيارة كوخافي هذه بالتاريخية من جهة كونه ان أول رئيس لهئية الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي يزور المغرب، ومن جهة ثانية وحسب اعتراف قناة “كان” الحادية عشرة بانها (الزيارة) تأتي ضمن سياقات التوجه الأميركي لتعزيز التعاون الامني والعسكري الإقليمي بين الدول التي شاركت في “قمة النقب” جنوبي الاراضي الفلسطينية المحتلة وكان من بينها المملكة المغربية.
قمة النقب ومحاولة توحيد الرؤى التوسعية
“قمة النقب” عقدت كما اسلفنا داخل االكيان الاسرائيلي بتاريخ الإثنين 28 مارس/آذار 2022، حيث اجتمع كبار دبلوماسيي الولايات المتحدة مع مسؤولين من 4 دول عربية هي (الامارات والبحرين ومصر والاردن) بهدف إظهار نوع من التوحيد في الرؤى ضد إيران.
اختتمت قمة النقب بعد يومين من المناقشات في منتجع “سديه بوكر” الصحراوي، حيث دفن مؤسس “كيان اسرائيل” ديفيد بن غوريون، قالت حكومة الاحتلال في حينها ان “القمة” مرشحة للتكرار والتوسع لأنها تبني علاقات تجارية وأمنية مع دول عربية (سُنِّية) متشابهة التفكير.
وحسب القناة المذكورة، فإن التوقيع على اتفاقية التطبيع بين المغرب و”إسرائيل” شكلت نقطة تحول فارقة على صعيد تطوير العلاقات العسكرية والأمنية، تمثلت في التوقيع على اتفاقية للتعاون الأمني أثناء زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس للرباط في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وذلك ما صرحت به قناة التلفزة الرسمية الإسرائيلية من ان جيش الاحتلال يقيم “علاقات عسكرية مباشرة مع المغاربة، حول قضايا التدريبات، والمناورات، وتبادل الخبرات، وربما تطوير الأسلحة”، لذا تكتسب زيارة كوخافي للمملكة المغربية أهمية قصوى لمجرد حدوثها “حسب المتحدث باسم جيش الإحتلال”، وتأتي في إطار التعاون المتزايد بين الكيان والمملكة المغربية وفي ظلّ توترات حادّة بين المغرب والجزائر، لا سيما في ما يتعلق بمسألة إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه.
والصحراء الغربية التي يدور حولها نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، تصنّفها الأمم المتحدة بين “الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي”.
“إسرائيل” تحاول الاقتراب من حدود الجزائر
من بين الدول التي تعتبرها “اسرائيل” تشكل خطرا على امنها الاستيطاني المختلق، الجزائر التي تسعى سلطات الاحتلال للاقتراب عسكريا وأمنيا من حدودها المشتركة مع المغرب، ولطالما عبّرت الحكومة الإسرائيلية، عبر وسطاء أميركيين، عن قلقها الشديد من تزايد قوة البحرية الجزائرية، التي باتت تشكّل خطرا على أمن الكيان الاسرائيلي المصطنع، وخصوصا مع تمسك الجزائر بالموقف المعادي لهذا الكيان الفاقد لكل شرعية وجودية وتاريخية وحضارية على ارض فلسطين المحتلة.
اشارت دراسة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” (INSS) الى اهمية متابعة مجريات الاحداث في المغرب العربي كي تتم مراقبة الجزائر عن كثب كونها وحسب “مسؤولين اسرائيليين” الدولة المحورية في المغرب العربي وتشكل من خلال رصيدها الثوري مانعا من تعميق التغلغل الإسرائيلي في تلك المنطقة.
ماذا عن التقارب الجزائري الايراني؟
وزير خارجية كيان الاحتلال الاسرائيلي السايق “يائير لابيد”، كان قد عبر في وقت سابق عن “هواجس” تسد شهيته ونهمه في التويع الاقليمي وتقلقه جراء الدور الذي تؤديه الجزائر في المنطقة، وتقاربها مع إيران، والحملة التي قادتها ضد قبول الكيان المحتل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي”.
لذا من جملة ما تسعى اليه الغدة السرطانية في بلدان المغرب العربي للشمال الافريقي استنزاف الجزائر بخلق صراعات جانبية مع المغرب ومحاولة اختراق النظام السياسي الجزائري عسكريا وامنيا رغم صعوبة هذا الامر.
تهديدات كوخافي الفضائية لايران
عشية مغادرة رئيس أركان الاحتلال الاسرائيلي الاراضي الفلسطينية المحتلة متوجها الى المغرب وتحديدا مساء الاحد الماضي، أطلق كوخافي تهديدات جديدة ضد ايران، فسرها المراقبون بانها تأتي في سياق رفع معنويات جهودهم ومستوطنينهم والابقاء على التحالفات السياسية بينهم، حيث زعم كوخافي إن الخيار العسكري لضرب البرنامج النووي الإيراني أمر واجب ومهم للأمن القومي “الإسرائيلي”.
في المقابل، قال رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في ايران السيد كمال خرازي، إن طهران أجرت مناورات موسعة تُحاكي ضرب العمق الإسرائيلي في حال تم استهداف المنشآت الحساسة في ايران، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا محمد صادق فضلي، أن الكيان الاسرائيلي لن ينعم بالهدوء في بيته العنكبوتي الواهن، وان مَنْ يملكْ قبة حديدية من زجاج سوف يرى عاقبة رميه الحجارة على الآخرين، مختتما قوله (أنّ الهزيمة والنصر كلاهما يتحققان في الميدان، وليس على المنصات الاعلامية).
رأي المغاربة في زياره الارهابي كوخافي لبلدهم؟
وجهة نظر الشارع المغربي تختلف بزاوية 180درجة عن وجهة نظر الحكومة الرسمية المتمثلة بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، حيث وقف المغاربة يوم امس الاثنين، وقفة غضب استنكارا لزيارة كوخافي لبلدهم المغرب، مدينين بشدة جريمة التطبيع ومؤكدين إن “التاريخ سيسجل زيارته ضمن قوائم العار والخزي، ويسجل الإهانة لتاريخ المغرب والخذلان لمواقف الشعب المغربي قديما وحديثا، عبر استضافة أكبر عنوان حاليا للإرهاب والإجرام الصهيوني وهو رئيس أركان جيش الحرب”، وان استقباله بمثابة شراكة معه في دماء الشهداء الأطفال في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة الذي شهد ارتقاء 4 طفلات مغربيات شهيدات قبل عام فقط من العدوان الصهيوني خلال شهر رمضان 2021.
السيد ابو ايمان
المصدر: العالم